الدولة والثورة
فلاديمير لينين فكرتَكتَسِبُ مسألَةُ الدولة في الوقت الحاضر أهميَّةً خاصَّة، سواء من الناحية النظرية أو من ناحية السياسة العملية. فقد شدَّت الحرب الإمبريالية وعجَّلت بدرجةٍ هائلة عَمليَّة تحوُّل الرأسمالية الاحتكارية إلى رأسماليَّةِ الدولة الاحتكارية. وتزداد فظاعة الظُّلم الذي تعانيه الجماهير العامِلَةُ من قِبَل الدولة، تلك الدولة التي تلتحم أكثرَ فأكثر باتحادات الرأسماليين ذات الحَوْل والطَّوْل، وتتحوَّل المناطق الداخلية في البلدان المُتقدِّمة بالنسبة إلى العُمَّال إلى سجونٍ عسكرية للأشغال الشاقَّة.
أفيون وبنادق (سيرة سياسية واجتماعية لخط الصعيد الذى دوخ ثلاث حكومات)
صلاح عيسى دراساتنجد في كتابة صلاح عيسى الجريمة مدخلًا لدراسةٍ واسِعَةٍ وشامِلة للمُجتَمع، والحُكَّام، والمحكومين، والقوى السياسية المختلفة، والصِّراعات الاجتماعية الدائرة، وهذا منهجه في كتابه "أفيون وبنادق"، حيث يسرد الكتابُ سِلسلةً طويلةً من القتل والسرقة، والهجوم على رجال الشرطة، وترويع الأهالي، وتَسميم المواشي، وحرق المحاصيل، وفرض الإتاوات- التي ارتكبها محمد منصور، الشهير بـ "خُطّ الصعيد". "الخط" شخصيَّةٌ مُلتَبِسة في التاريخ الإجرامي المصري؛ فهو شخصيَّةٌ تُحتَسب على المقاومة، ومحبوبٌ لشريحةٍ عريضة من الجمهور المصري؛ لكونه مُتمرِّدًا على السُّلطة المصرية المتمثِّلة في الحكومة، ولكنه شخصية إجرامية، رَوَّعَت أمن المواطنين. أعاد عيسى قراءة كل ما كُتِب في الصُّحُف والمجلات والمذكِّرات، وعلى الأخصِّ التحقيقات التي نشرها صحفيُّ الحوادث الشاب آنذاك: محمد حسنين هيكل في مجلة "آخر ساعة"، ولفَتَت إليه الأنظار بقوَّة، إلى جانب المذكِّرات التي كتبها ضابط البوليس الذي تولَّى القضية: محمد أفندي هلال، الذي طارَدَ الخُطَّ لأكثر من سنة، واقتنصه في نهاية الأمر، غير أنه هجر البوليس واشتغل بالصحافة، من هذا وذاك خرج عيسى برواية جديدة، هي الأدَقُّ والأشمَلُ للخُطّ.
البرجوازية المصرية وأسلوب المفاوضة
صلاح عيسى فكرصلاح عيسى ليس مجرد أديب أو مؤرخ فحسب، بل المفكر الفذ الذي نجح خلال أعماله التي تنبض بالحياة حتى الآن، في بناء جسر تقدُّمي حداثي بين جيلي الأربعينات والسبعينات" ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حين نقول إن اعتماد البرجوازية المصرية على المفاوَضَة كأسلوبٍ وحيدٍ لحَلِّ تناقُضِها مع الإمبريالية، كان قضاءً أكثرَ ممَّا كان اختيارًا انتقائيًّا؛ فنحن لا نفعل أكثرَ من أنْ نَصِفَ ظاهرةً لا يَعْمَى عنها إلا هؤلاء الذين يُصرُّون على استمرار المراهنة على وطنيَّة البرجوازية، كأنهم يواجهون إحساسًا داخليًّا عميقًا بالعار؛ لأنَّهم مَنحوا يومًا بركاتِ الوطنيَّة -بشكلٍ مُطلَقٍ ودون تَحفُّظاتٍ- للبرجوازيَّة العربية عمومًا -والمصريَّة بوجهٍ أخصَّ- برغم أن واقع الحال كان أمامهم ناطقًا بأن البرجوازية العربية قد عَجَزَت دائمًا عن أن تفلت من قضاء المفاوضة الذي يطاردها، أو أن تتمرَّد على قدر التبعية الذي قَعَدَ بها على حِجْرِ الإمبريالية، ترضع لَبَنَها حتى شاب شَعْرُها، وملأَت التجاعيدُ صفحةَ وجهِها!
تاريخ العصامية والجربعة ( تأملات نقدية فى الأجتماع السياسي الحديث )
محمد نعيم فكرخلَّفَت ثورة يناير وراءها عالمًا أمسى قديمًا في وعي كل المعاصرين، يُشار إليه بالماضي أو "زمان"، حتى لو كان المقصود عَقدًا واحدًا مضى، وعلى الرغم من كونه قديمًا لم نكتشف بعد كل عناصره ولا تركيباته كي نفهم لحظتنا المعاصرة التي هي نتاج تفاعُلاته هو، أصبح المصريون بعد يناير يطلق عليهم أنهم شعب بلا كتالوج لأنهم أصبحوا شعبًا موجودًا من الأصل، يتحرَّك بشكل مَرئيٍّ بعدما عبَّر عن وجوده، لم يعد صُوَرًا مُخلَّقة في دراما مُوجَّهة، انهارت كل الصورة النَّمطيَّة القديمة رغمًا عن الجميع، وأصبح لزامًا على الجميع بذل الجهد اللازم لفهم الطبيعة المادية للمجتمع الذي يعيشون فيه، وجوهر صراعاته ودوافعها. لم تَعُد من الممكن صياغة مصر كعالم مُتخيَّل من عناصر بسيطة؛ فالبلد في تغيُّر مستمر، وكنس التراب ومُراكَمَتُه تحت سجاجيد الواقع لن يُفضي إلى رؤية أي أفقٍ منبسط، بل سيجعل المسير أكثر بُطئًا وقلقًا داخل منعرجات أكثر خطورة وصراعية؛ فالمجتمعات لا تسكن أبدًا، يمكن أن تخفض صوتها، لكنها لن تتوقَّف عن الهمس والكلام، وفي الأثناء ستتشكَّل لغاتٌ جديدة، تتطوَّر وتتمايز وتصبح معها العوالم المتنوِّعة أكثر عُزلَة وتناثرًا، ولن تستطيع خطابات الصور النمطية التافهة احتواءها بحيث يسير كل شيء بالتوازي حتى تأتي لحظة تتقاطع فيها المتوازيات، فتصطدم العوالم بعضها ببعض؛ وحينها لن يمكن إخفاء صوت الانفجار.
أغسطس
حماد عليوة أدب عربيتدور الرواية حول "إليزابيث"؛ آخر الفتيات اليهوديات اللاتي هاجَرنَ من مصر، وأُمُّها مدام "نخيل" كومبارس السينما في حقبة الأربعينيات، وواحدة مِمَّن رقصن الكلاكيت في كازينوهات شارع الهرم، وصديقة قاتل الإنجليز "چاك ماليكي" اليهودي. ما بعد فُقدان الأم وفقدان الانتماء للطائفة اليهودية في مصر تعيش إليزابيث حالةً من الضَّياع في مجتمعٍ تَبَدَّل عليها، ويرفضها لكونها يهوديَّةً تعيش في حي الظَّاهر بمصر القديمة. تدخل إليزابيث في عدد من العلاقات الاستغلالية بين رفيقَيْن: أحدهما مُسلِمٌ مُتأثِّر بالتيار الإسلامي المتطرِّف، والآخر مسيحيٌّ خاضع للأوروبيين، مُحتَقِرًا ذاته، لكنها بالتالي تستغلُّهما لخدمة كلبها في علاقة استنزافية طويلة تنتهي بكارثة حَرق سلسلة متاجر سنسبري بسبب فتنةٍ طائفيَّةٍ، ولم يَعُد لها خيار سوى الهروب.
في تطور النظرة الواحدية إلى التاريخ
بليخانوف فكر"يقوم بليخانوف في هذا الكتاب بالرَّدِّ على ما أَطلق عليهم المثاليِّين، والاشتراكيِّين الانتهازيِّين، الذين قاموا بتفسير التاريخ بمناهِجَ مادِّيَّة، مُنكِرين التفسير المادِّيَّ الجدلي الماركسي الذي يتبنَّاه ويدافع عنه؛ فهو يقدِّم في هذا الكتاب ردًّا قاطِعًا على آراء المِثاليِّين الألمان، والمادِّيِّين الفرنسيِّين، ويعتبر أن أحدًا منهم لم يقترب مِمَّا يعتبره الماركسيُّون التفسيرَ المادِّيَّ للتاريخ، وإنما ترك الأمر في خانات الرأي والطبيعة. يضع بليخانوف منهجيَّةً للرَّدِّ على ناقِدي المادية التاريخية، بدءًا من مفهوم التطوُّر وعالم الأفكار المثالية، صعودًا إلى الثورة الصناعية وتصحيح المفاهيم الهيجليَّة، ويَختَتِم كتابَه بوضعِه شرحًا مُفسِّرًا للماركسية ودورها في تفسير التاريخ بشكل عِلميٍّ. يُعَدُّ الكتاب بالنسبة إلى "لينين" أحد الركائز في الفكر الشيوعي والماركسية."
المثقفون المصريون ودورهم في ثورة 1919
آمال سعد زغلول دراساتتناوَلَت هذه الدراسة دَورَ المثقَّفين المصريِّين ومواقفهم من أحداث ثورة 1919 الديمقراطيَّة التَّحرُّريَّة. ومنذ بداية أحداث الثورة وجدنا المثقَّفين يتصدَّرون النِّضالَ في كل حَدَثٍ من أحداث الثورة، فبدءًا من الأحداث العنيفة التي بدأت بعد اعتقال سعد باشا، لَعِبَ الطَّلبةُ الدَّورَ الأكبر، مُستندين إلى رصيدهم النضالي الضخم الذي وَرِثوه عن الحزب الوطني. أيضًا احتجاجات المحامين وإضرابهم، كذلك إضراب الموظَّفين، الذي سَبَّب الشَّلَل الكامل للإدارة. وعندما أرسَلَت بريطانيا لجنة مِلنَر لتقصِّي الحقائق، وُوجِهَت بالمُعارَضة والمقاطعة من المثقَّفين. كذلك مفاوضات عدلي كيرزون فشلت لنفس الموقف من قِبَل المثقَّفين. وعندما تألَّفَت لجنة الدستور وقانون الانتخاب تصدَّى المثقَّفون لمناقشة كافَّة قضاياه؛ ممَّا جعل اللجنة تُعدِّل وتضيف بعضَ البنود، وأهمها على الإطلاق: بند الحُرِّيَّات. وبالإجمال، فإن المثقَّفين لعبوا دَورًا هامًّا في أحداث الثورة، مُتصدِّرين قيادة الحركة الوطنية بما لا يَدَعُ مجالًا للشَّكِّ. وحقَّقوا مكاسب لا بأس بها؛ فقد حصلوا على 78 مقعدًا من مقاعد البرلمان. أيضًا من أهم النتائج: التَّوسُّع في التعليم؛ فزاد عَددُ الطَّلَبة في المدارس من 324 ألفًا عام 1924 إلى ما يقرب من 900000 عام 1933، كذلك زادت ميزانية التعليم من 4% عام 1919 إلى 13% قبل الحرب العالمية الثانية.
إمبراطوريات (منطق السيادة الكونية من روما القديمة إلى الولايات المتحدة)
هرفريد مونكلر دراساتالإمبراطوريَّاتُ أَكبرُ مِن كَونِها دُوَلًا كُبرَى، وهِيَ تَتحرَّكُ داخِلَ عالَمٍ خاصٍّ بِها، أمَّا الدُّوَلُ فَمَشمولَةٌ بِمَنظومَةٍ صاغَتها مع غَيرِها مِن الدُّوَل، ومِن ثَّم فَهِي لا تَملِكُ التَّحكُّمَ فيها بِمُفرَدِها. الإمبراطوريَّاتُ على العَكسِ من ذَلِك، تَفهَمُ نَفسَها بِوَصفِها صانِعَةً وضامِنَةً لِنِظامٍ لَن يَستَقيمَ بِدونها، ويَجِبُ عَلَيها أَنْ تُدافِعَ عَنهُ ضِدَّ اندِلاعِ الفَوضَى الَّتي تُمثِّلُ تَهديدًا مُستَمِرًّا لَهُ. ونَظرَةٌ فاحِصَةٌ لِلتَّاريخ، لَيسَ تاريخَ الولاياتِ المتَّحِدَة الأَمريكيَّة فحَسب، وإنَّما تاريخُ الإِمبراطوريَّاتِ الأُخرى أيضًا، تُرينا أَنَّ استخدامَ تَعبيراتٍ لُغَويَّةٍ مِن قَبيلِ "مِحوَر الشَّرِّ" أَو "المواقِعِ الأَمامِيَّةِ للطُّغيان" لَيَست جَديدَةً أَو مُتَمَيِّزَة، بل إنَّها تَختَرِقُ تاريخَ الإِمبراطوريَّاتِ مِثلَ خَيطٍ أَحمرَ مُتَّصِل. يَـدورُ هَـذا الكِتـابُ إِذًا حَولَ أَنماطِ السِّـيادَةِ الإِمبراطوريَّة، وأَشـكالِ التَّوسُّـِع والاسـتقرارِ، وحَولَ الوَســائِطِ العَالمَيـَّـة الَّتــي تُنجَـُـز فيهــا وبِواسِطَتِها الإمبراطوريَّة. ولَــن يَقتَـصِرَ الاهتِـمامُ المعرِفيُّ هُنـا علـى التَّفرِقَةِ بَـينَ الإمبرباطوريَّـاتِ البَحَريَّـة والبَرِّيَّـة، والإمرباطوريَّات التِّجاريَّةِ والعَسـكَريَّة، بَـينَ الأنظِمَـِة الإمرباطوريَّةِ الَّتـي تَتَطـوَّر عـن التَّحَكُّمِ في المناطِـِق وتِلكَ الَّتـي تَقومُ في الأَسـاسِ علـى التَّحَكـُّم في تَدَفُّقـاتِ (البَشَـِر، السِّلَعِ، رأسِ المـال)، بـل سيَتَجاوَزُ ذَلِـَك كُلُّـه إلى عَقلانِيَّةِ القُوى، وإلى مَنطـِقِ السِّـيادَةِ الكَونِيَّـة.
فى أصول السياسة المصرية
سعد زهران دراساتلَقَد بَدَأتُ كِتابَةَ هـذا البَحثِ مُباشَرَةً بَعدَ أَحداثِ سبتمبر/ أكتوبر 1981، تُؤَرِّقُني احتِمالاتُ المستَقبَلِ، أَكَثرَ مِمَّا يَستَغرِقُني التَّأَمُّلُ في أَحداثِ الماضي. غَيرَ أَنِّي كُنتُ على وَعيٍ بِأنَّ اللُغَةَ المُمَوَّهَةَ للسِّياسَةِ العَملَيَّةِ لا تُساعِدُ الكاتِبَ عَلى التَّعبيرِ، كما لا تُساعِدُ القارِئَ عَلى الفَهمِ؛ فَهذِه اللُّغَةُ تَكتَظُّ بالمفهوماتِ القاصِرَةِ، والمدلولاتِ المغلوطَةِ، والمعاني الغامِضَة... والنَّاسُ غارِقون في طوفانٍ مِنها، مِمَّا تُنتِجُه الصُّحُفُ السَّيَّارَةُ، وخُطَبُ المناسَباتِ، والاجتِهاداتِ شِبهِ الفِكريَّةِ المتَداوَلَةِ... وإذا كانَ الأَمْرُ يَتَعلَّقُ بالوضوحِ الفِكريِّ، فإنَّ أَقصَرَ الطُّرُقِ هُوَ أَطوَلُها، وأَشَقُّها؛ لِذَلِكَ وَجَدتُ لِزامًا عَليَّ -حَتَّى وأنا في عَجَلَةٍ، بَلْ رُبَّما لأَنِّي أَصبَحتُ أَكثَرَ احتِرامًا لِعُنصُرِ الوَقتِ- أَنْ أَخوضَ في هذا الحَديثِ عن الأُصولِ، تَمهيدًا لِوصولٍ واثِقٍ إلى الواقِعِ السِّياسِيِّ المُعاشِ، واستشِرافـًا لاحتِمالاتِ المستَقبَل. "انتهى المؤَلِّفُ إلى أَنَّ إشكالِيَّةَ المجتمَعِ المصرِيِّ وأَزمَتَه هي ظُهورُ الطَّبَقَةِ الوُسطَى، الَّتي تُحاوِلُ أَنْ تَدخُلَ إلى قَلبِ مُعادَلَةِ السُّلطَة، وهَكَذا انتَهى «زَهران» إلى ثَورِيَّةِ الطَّبَقَةِ الوُسطَى، باعتِبارِها صاحِبَةَ مَصلَحَةٍ في التَّغيير، وقادِرَةً عليه، مِثلَما اعتَبَرَ «ماركس» -في سِياقٍ تَاريخيٍّ وجُغرافيٍّ مُغايِرٍ- أَنَّ الطَّبَقَةَ العامِلَةَ صاحِبَةُ مَصلَحَةٍ في التَّغييرِ، وقادِرَةٌ عَلَيه".
تطور الحركة الوطنية المصرية
شهدى عطية الشافعى دراساتلا نَقصِدُ بِهَذا الكِتابِ تَأريخًا للحَرَكَةِ الوَطَنيَّةِ المِصريَّةِ؛ فَهذِهِ مَهَمَّةٌ لا يَستَطيعُ الاضطِلاعَ بِها فَردٌ واحِدٌ، وإنَّما يَكتَفي هَذا الكِتابُ بِدِراسَةِ المعالِمِ الرَّئيسيَّةِ للحَرَكَةِ الوَطَنيَّةِ، في تَطَوُّرِها، مُنذُ 1882 إلى يَومِنا هذا (1956). ولَنا مَنهَجٌ واضِحٌ في هَذِه الدِّراسَةِ، مَنهَجٌ عِلميٌّ قَوامُه أَنَّ تاريخَ التَّطَوُّرِ الاجتِماعيِّ هُوَ -أَوَّلًا، وقَبلَ كُلِّ شَيء- تاريخُ الشُّعوبِ، وأنَّ التَّاريخَ لا يُمكِنُ أَنْ يَكونَ عِلمًا حَقًّا إذا قَصَرَ نَفسَهُ عَلَى دِراسَةِ أَعمالِ المُلوكِ وقُوَّادِ الجُيوشِ، وأَخبارِ الغُزاةِ، وتَفاصيلِ المُفاوَضاتِ والمُعاهَدات. نَعَم، إنَّ للزُّعَماءِ والقادَةِ دَورَهُم في التَّاريخِ، ولَكِنَّهم لا يَستَطيعونَ أَنْ يَلعَبوا هَذا الدَّوْرَ إِلَّا بِمِقدارِ ما يُمَثِّلون قُوَّةً مُتقَدِّمَةً قَد تَهَيَّأَت لها ظُروفُ النُّضْجِ، بِحَيثُ تَستَطيعُ فِعلًا أَنْ تَسيرَ بالمُجتَمَعِ خُطوَةً إلى الأَمام. ومَعَ هَذا يَستَمِرُّ المُحَرِّكُ الحَقيقيُّ للتَّاريخِ هُوَ الشُّعوب، وتَحَرُّكاتُها، وثَوراتُها، وتَنظيمُها. ولا نَعني بِها هَذِهِ التَّحَرُّكاتِ العَفويَّةَ الطَّارِئَةَ، الَّتي ما إِنْ تَهُبَّ حَتَّى تَخْمُدَ، إنَّما هَذِهِ التَّحَرُّكاتُ العَميقَةُ المنتَظِمَةُ الَّتي تُعَبِّرُ عَن أَنَّ نِظامًا اقتِصادِيًّا وسِياسِيًّا مُعَيَّنًا أَصبَحَ لا يَصلُحُ للبَقاءِ، أَصبَحَ مُعَرقِلًا لِتَقَدُّمِ القُوى الإنتاجِيَّةٍ، أَصبَحَ مُحَطِّمًا لِمُستَوى المعيشَةِ للشَّعبِ وثَقافَتِه. ومِن ثَمَّ يَتَعيَّنُ وُجودُ نِظامٍ آخَرَ سِياسِيٍّ، ونِظامٍ آخرَ اقتِصاديٍّ، تَهُبُّ الملايينُ -بِقيادَةِ زُعَمائِهِم- مِن أَجلِ تَحقيقِه.
محاورات دولوز
جيل دولوز فكرهَذا أَكثَرُ كُتُبِ دولوز شَخصِيَّةً، وأَقرَبُها مَنالًا، يُتيحُ أَفضَلَ تَقديمٍ لِفِكْرِه، لا كَعَرْضٍ مَدرَسِيٍّ، بَل بالشَّكلِ الَّذي يَتَّفِقُ مع بِنيَةِ هذا الفِكْرِ. لَيسَ الكِتابُ "حوارًا" أو "مُحادَثَةً"، رَغمَ أَنَّ بِهِ عَناصِرَ مِنْ كِلَيْهِما، فَقَد وَجَدَ دولوز صيغَةَ السُّؤالِ والجَوابِ خانِقَةً، وأَرادَ شَكلًا يُتيحُ "مُحاوَرَةً" دونَ فَرْضِ تَرتيبٍ خارِجِيٍّ، قَسْرِيٍّ عَلَيها. إِنَّه يَنمو في اتِّجاهاتٍ عَديدَةٍ: في الفَلسَفَةِ، والأَدَبِ، والتَّحليلِ النَّفسيِّ، والسِّياسَة- دون مَبدَأٍ تَنظيميٍّ شامِلٍ. إنَّهُ -بمُصطَلَحاتِ دولوز- الكِتابُ بِوَصفِهِ آلَةَ حَربٍ، بِوَصفِهِ "ريزومة". تَغيبُ هُنا مَراتِبِيَّةِ الجِذرِ، والجِذْعِ، والغُصنِ، لِتُطالِعَنا كَثرَةٌ مِنَ البَراعِمِ المتَشابِكَةِ فيما بَينَها تَنبُتُ في كُلِّ الاتِّجاهاتِ. إنَّه، مِن ثَمَّ، شَرحٌ، وكَذَلِكَ تَمثيلٌ لـ "التَّعَدُّديَّةِ الدُّولوزيَّة". مَدخَلٌ مُهِمٌّ لأَحَدِ أَهَمِّ وأَخصَبِ مُفَكِّري القَرنِ العِشرينَ، يُقَدِّمُ استِبْصاراتٍ عَميقَةً وتَطبيقًا حَيًّا لمُمارَسَةِ الفَلسَفَةِ باعتِبارِها عِلمَ إبْداعِ المفاهيمِ. يَستَعرِضُ فيه خَلفِيَّاتِه الفَلسَفيَّةَ، وتَطَوُّرَه، والتِّيماتِ المحوَريَّةَ لِعَمَلِه، وَتعاوُنَهُ الطَّويلَ مَعَ صَديقِهِ فيليكس جاتاري، الَّذي كَتَبَ مَعَهُ بَعضًا مِنْ أَهَمِّ النُّصوصِ الفَلسَفِيَّةِ لِلقَرنِ العِشرين.
ألف باء دولوز
جيل دولوز فكرسِياحَةٌ مُمتِعَةٌ في عَقلِ وقَلبِ فَيلسوفِ الـﭘوپ، شاعِرِ الفَلاسِفَةِ. يُصارِحُنا عَن طُفولَتِه مِثلَمَا عَن شَيخوخَتِه: "الشَّيْخوخَةُ عَظيمَةٌ مَعَ ما يَكفي مِنَ النُّقودِ والقَليلِ مِنَ الصِّحَّةِ المتَبَقِّيَةِ... لَكِنَّها بَهجَةٌ خالِصَةٌ". عَنْ أساتِذَتِه، وتَأهيلِهِ، وفَلاسِفَتِه الأَثيرين. "لا يَحتاجُ المَرْءُ أَنْ يَكونَ فَيلَسوفًا كَيْ يَقرَأَ الفَلسَفَةَ"، وكَذَلِكَ عَنْ عَلاقَتِهِ بالأَدَبِ: "الشُّخوصُ الأَدَبيَّةُ العَظيمَةُ هُمْ مُفَكِّرونَ عِظامٌ"، والسِّينما والرَّسمِ والموسيقَى والعُلومِ. عَن الثَّوراتِ: "كُلُّ الثَّورَاتِ تَفشَلُ، الجَميعُ يَعرِفون ذَلِكَ،... ولَمْ يُوقِفْ ذَلِكَ النَّاسَ أَبَدًا أَو يَمنَعْهُم مِن أَنْ يَصيروا ثَوريِّين". عَن مايو 68: "مايو 68 كان الصَّيرورَةَ ـ ثَوريًّا، دونَ مُستَقبَلٍ ثَورِيٍّ". عَن الفَتراتِ الثَّرِيَّةِ والمُجْدِبَةِ: "لَيسَت حَقيقَةُ الفَقرِ هِيَ ما أَجِدُهُ مُزعِجًا، بَلْ وَقاحَةَ وَصَفاقَةَ النَّاسِ الَّذينَ يَقطُنونَ الفَتَراتِ المُجْدِبَةَ". عن عَلاقَتِه بالأَصدِقاءِ: "الصَّداقَةُ فَنٌّ فُكاهِيٌّ"، والحيوانات، بالمَرَضِ والشَّرابِ، بِالسَّفَرِ والرِّياضَةِ. عَن السُّلطَةِ: "كُلُّ سُلطَةٍ حَزينَةٌ، حَتَّى لَو بَدَا أَنَّ مَنْ يَملِكُونها مَسرورين بامتِلاكِها". عن المَسؤولِيَّةِ، أَوَّلًا وأَخيرًا. عَن حَفْزِ قُدراتِ الحَياةِ: "المَرءُ مَسؤولٌ تَمامًا عَن أَيِّ شَخصٍ تَمضي أُمورُه بِشَكلٍ سَيِّئٍ". قِراءَةٌ مُلهِمَةٌ لِمُفَكِّرٍ مَوسوعِيٍّ.
ضمير شخص ليبرالى
بول كروجمان فكرهذا الكِتابُ دِراسَةٌ في التَّاريخِ الأَمريكيِّ، وبِصِفَةٍ خاصَّةٍ: تاريخُ عَدَمِ العَدالَةِ الاقتِصاديَّةِ والاجتِماعِيَّة. وبَينَما يَقتَفي الكِتابُ تاريخَ فَجوَةِ الدَّخلِ والثَّروَةِ بَينَ الفُقَراءِ والأَغنياءِ، فإِنَّه يُرَكِّزُ على الأَسبابِ الَّتي أَدَّت إِلى عَودَةِ اتِّساعِ الفَجوَةِ الاقتِصادِيَّةِ والاجتِماعِيَةِ مُنذُ بِدايِةَ ثَمانينيَّاتِ القَرنِ العِشرين، بَعدَ أَنْ كانَت قَد انخَفَضَت بِشَكلٍ كَبيرٍ مُنذُ مُنتَصَفِ القَرنِ الماضي. ويَرَى مُؤلِّفُ الكِتابِ بول كروجمان -الحائِزُ على جائِزَةِ نوبل في الاقتِصادِ عامَ 2008- أنَّ السِّياساتِ الحُكومِيَّةَ -وخاصَّةً تَأسيسُ شَبكَةِ الحِمايَةِ الاجتماعِيَّةِ، أَو ما يُعرَفُ عُمومًا بسياساتِ "دَولَةِ الرَّفاهِ"- كانَ لَها الفَضلُ الأَكبَرُ في خَفضِ فَجوَةِ الدَّخْلِ والثَّروَةِ، مُنذُ ثَلاثينيَّاتِ القَرنِ العِشرينَ، وحَتَّى السَّبعينيَّات، ثُمَّ أَدَّت السِّياساتُ القائِمَةُ على العَودَةِ للهُجومِ عَلى هَذهِ السِّياساتِ إِلى اتِّساعِ هَذِهِ الفَجوَةِ مِن جَديد. ويُشيرُ الكاتِبُ إلى أَنَّ الانتِصاراتِ الانتِخابِيَّةَ الَّتي حَقَّقَتها الحَرَكَةُ قَد ارتَكَزَت على استِغلالِ مَشاعِرِ الاسْتِياءِ العِرْقِيَّةِ والثَّقافِيَّة، وكَذا استغِلالِ المخاوِفِ المتَعَلِّقَةِ بالأَمنِ القَوميِّ، وذَلِكَ عَلَى الرَّغمِ مِن عَدَمِ شَعبِيَّةِ سياساتِها الَّتي أَدَّت إلى تَركيزِ الثَّروَةِ في يَدِ الأغنِياءِ. ويَدعو الكاتِبُ قُبَيلَ انتِخاباتِ الرِّئاسَةِ عامَ 2008 إلى ضَرورَةِ تَبَنِّي الحِزبِ الدِّيمُقراطيِّ ما أَطلَقَ عَلَيهِ "الصَّفقَة الجَديدَةَ- الجَديدَة".
نظرية الإستبداد بين الخضوع والثورة
أحمد أنور دراساتكان الوَضعُ الطَّبيعيُّ لِوجودِ سُلطَةٍ مُستَبِدَّةٍ أَن تَظهَرَ في المَوروثِ الثَّقافيِّ الرَّغبَةُ في الانعِزالِ والبُعدِ عَن السُّلطَةِ وعَدَمِ التَّعامُلِ مَعَها، والصَّبرُ، والتَّوَاكُلِيَّةُ، وغَيرُها مِن القِيَمِ السَّلبِيَّةِ، وقَد تَجَلَّت هَذِه القِيَمُ السَّلبيَّةُ في الموروثِ الثَّقافيِّ بأَشكالِهِ المختَلِفَةِ، مِن: أَمثالٍ شَعبيَّةٍ، والأَدَبِ الشَّعبيِّ، والموَّالِ، والشِّعرِ، والبُكائِيَّاتِ، والسُّخرِيَةِ، والتَّهَكُّمِ. وقَد أَدَّى هَذا الموروثُ الثَّقافيُّ إلى تَهيِئَةِ الجَماهيرِ لِقبولِ الاستِبدادِ والتَّعايُشِ مَعَه. وقَد رَسَّخَ هَذا الموروثُ الثَّقافيُّ طابَعَ القَهْرِ والتَّسَلُّطِ في البِنيَةِ الاجتِماعِيَّةِ؛ حَيثُ ساهَمَ في خَلْقِ المجتَمَعِ التَّسَلُّطيِّ الأَبَويِّ، وتَأصَّلَت في الأَفرادِ مَجموعَةُ القِيَمِ الَّتي تَدفَعُهم إلى السَّلبِيَّةِ والخُضوعِ والطَّاعَةِ. وقَد انتَقَلَت هَذِهِ القِيَمُ مِن جيلٍ إلى جيلٍ لِتُشكِّلَ أحدَ المكوِّناتِ الهامَّةِ لأَنساقِ القِيَمِ في المجتَمَعِ المصرِيِّ. وتَأَصَّل هذا الموروثُ الثَّقافيُّ في الوَعيِ الفَردِيِّ والقَوميِّ، بِحَيثُ أَصبَحَ يُوَجِّه الميولَ والرُّؤَى والسُّلوكياتِ. بالإضافَةِ إلى أَنَّ المُستَبِدَّ لَعِبَ على هَذا الموروثِ الثَّقافيِّ، وقَد استَمَدَّ مِن هذا الموروثِ المشروعِيَّةَ لِفَرْضِ سَطوَتِه واستِبْدادِه.
أخلاقيات الطبقة الوسطى ودورها السياسى
أحمد أنور دراساتيُشيرُ جلال أمين إلى أنَّ تَميُّزَ الطَّبَقةِ الوُسطَى -بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ- أَصبَحَ أَصعَبَ مِمَّا كانَ، حتَّى في الخَمسينيَّاتِ والسِّتينيَّاتِ؛ إذْ انتَشَرَ الزِّيُّ الأُوروبيُّ وأَنواعٌ حَديثَةٌ مِن السِّلَعِ الاستِهلاكيَّةِ، كما ذَهَبَت شَرائِحُ اجتِماعِيَّةٌ جَديدَةٌ إلى المسارِحِ والشَّواطِئِ وأَماكِنِ التَّرفيهِ، مِمَّا لَم يَكُن لَها بِهِ عَهدٌ إِلَّا مُنذُ زادَت القُوَّةُ الشِّرائِيَّةُ في أيديهم مُنذُ وَقتٍ قريبٍ جدًّا، واستَجابَت المسارِحُ ووَسائِلُ التَّرفيهِ لأَذواقِهم. ولا نَجِدُ فَقَط ظاهِرَةَ التَّناقُضِ القِيَميِّ، بل أَيضًا نَجِدُ التَّناقُضَ بَينَ الأَقوالِ والأَفعالِ، أو بَينَ الرُّؤَى الفِكريَّةِ والمواقِفِ العَمَلِيَّةِ. ورُبَّما نَجِدُ تَفسيرًا لِهَذِه التَّناقُضاتِ في الموقِفِ الاجتِماعِيِّ المانِعِ لِهَذِه الطَّبَقَةِ، الَّتي تَتَجاذَبُها التَّطَلُّعَاتُ نَحوَ الصُّعودِ، والخَوفِ مِن الهُبوطِ؛ مِمَّا يَخلَعُ على أَنساقِها القِيَمِيَّةِ طابَعًا مَصلَحِيًّا انتِهازيًّا يَضَعُ دائِمًا المصالِحَ فَوقَ أَيِّ مَبادِئَ، وهِيَ المصالِحُ الَّتي تُهَدِّدُها المخاوِفُ مِن الهُبوطِ مِن ناحِيَةٍ، وتُغَذِّيها التَّطَلُّعاتُ إلى الصُّعودِ مِن ناحِيَةٍ أُخرى.
تعاطى المخدرات بين الإغتراب والأوهام الجنسية
أحمد أنور دراسات"المُخَدِّراتُ رِهانٌ مِعَ عَقلِكَ". چيم موريسون "أنا لا أَتعاطَى المخَدِّراتِ... أَنا المُخَدِّرات!". سلڤادور دالي مِن الأَوهامِ الثَّقافِيَّةِ أنَّ المُخَدِّراتِ تُساعِدُ عَلَى الإبداعِ والتَّفكيرِ والتَّخطيطِ والتَّركيزِ والاستِرخاءِ، وتَحمُّلِ التَّعَبِ والعَمَلِ الشَّاقِّ، والمُتعاطي يَكونُ خَفيفَ الظِّلِّ مُبتَهِجًا سَريعَ البَديهَةِ وجَريئًا ومُغامِرًا. وفي جَلسةِ التَّعاطي تُعطي المُخَدِّراتُ الحَنانَ والحُبَّ لِفاقِديه، ويَتَبادَلُ فيها الأَطرافُ كُلَّ ما يُمكِنُ تَصَوُّرُه مِن سُلوكيَّاتٍ مُعبِّرَةٍ عن الحُبِّ، فَهِيَ جَلسَةٌ فيها تَفاعُلات كَثيرَةٌ. وهُناكَ أَوهامٌ جِنسيَّةٌ حَولَ تَعاطي المُخَدِّراتِ: أنَّ لها أَثَرًا في تَنشيطِ قُوَى الفَردِ الجِنسيَّةِ، وإطالَةِ مُدَّةِ العَمَليَّةِ الجِنسيَّةِ. وقَد اتَّفَقَت كَثيرٌ مِن الدِّراساتِ عَلَى أنَّ المُخدِّراتِ -وخاصَّةً المهَبِّطَة مِنها- لَيسَ لَها عَلاقَةٌ بالجِنسِ، بَل تَعمَلُ بِعَكسِ ما هو شائِعٌ عنها، إلى خَفضِ الدَّافِعِ الجِنسيِّ والرَّغبَةِ الجِنسيَّةِ. وقد تَزدادُ الرَّغبَةُ الجِنسيَّةُ لمدَّةٍ بَسيطَةٍ في بدايةِ تَأثيرِ بَعضِ المخَدِّراتِ على المُخِّ، ولَكِنْ باستمرارِ تَعاطي المخدِّراتِ، فإنَّ الشَّخصَ يَدخُلُ في دائِرَةِ الإِدمانِ، ويَفقِدُ اهتِمامَه بالجِنسِ، ويَتَّجِهُ للبَحثِ عن المخَدِّرِ. كَما أنَّ مُتعاطي المخَدِّرِ يَفقِدُ عُنصُرَ الزَّمنِ؛ ومِن هُنا يَكونُ الوَهمُ بِأنَّه يُطيلُ فَترَةَ الجِماعِ واللَّذَّةِ الجِنسيَّةِ، حَيثُ يُخَيَّلُ لَهم أنَّ الوَقتَ يَمُرُّ بَطيئًا مِن أَثَرِ ذَلِكَ. المخدِّراتُ... للاستِمتاعِ أَمْ لإنْجازِ المَهَمَّة؟
الجماهير والسلطة
إلياس كانتى فكروهَذا النُّفورُ مِن التَّلامُسِ يُلازِمُنا حَتَّى وَنَحنُ بَينَ النَّاسِ، فَقَد أَمْلَت عَلَينا هَذِهِ الرَّهبَةُ أُسلوبَ حَرَكَتِنا في الطَّريقِ بَينَ كَثيرٍ مِنَ النَّاسِ، وكَذَلِكَ في المطاعِمِ والقِطاراتِ والحافِلاتِ. حَتَّى إذا اقتَرَبنا كَثيرًا مِن آخَرين، وكانَ بِوُسعِنا تَأَمُّلُهم ومُعايَنَتُهم بِدِقَّةٍ فَإنَّنا نَتَفادى أَيَّ احتِكاكٍ بِهِم قَدْرَ الإِمكانِ، فإذا ما فَعَلنا ذَلِكَ يَكونُ هُناكَ شَيءٌ ما قَد أَثارَ إعْجابَنا؛ فَنُبادِرُ بالاقْتِرابِ مِنهُم. أَمَّا الاعْتِذارُ السَّريعُ المُعَبِّرُ عَن احتِكاكٍ غَيرِ مُتعَمَّدٍ، والقَلَقُ انتِظارًا لِذَلِكَ، وَرَدُّ الفِعلِ الحادِّ الَّذي يَكونُ جَسَديًّا أحْيانًا -حَتَّى لَو لَم يَحدُث ذَلِكَ- والنُّفورُ والكَراهِيَةُ تِجاهَ مَن ارتَكَبَ ذَلِكَ، حَتَّى مَعَ الشَّكِّ أَنَّه ارتَكَبَ ذَلِكَ- فَإنَّ هَذهِ السِّلسِلَةَ الكامِلَةَ مِن رُدودِ الفِعلِ النَّفسِيَّةِ تِجاهَ مُلامَسَةِ الغَريبِ في حالاتِها المتَقَلِّبَةِ المتَطَرِّفَةِ المستَفِزَّةِ تُثبِتُ أَنَّ الأَمرَ هُنا يَدورُ حَولَ شَيءٍ عَميقٍ لِلغايَةِ، ومُتيَقِّظٍ، ومُرْبِكٍ دائِمًا: أَنَّه شَيءٌ يُلازِمُ المرءَ أَبَدًا إذا ما أقامَ حُدودًا حَولَ نَفسِه. وهَذا النَّوعُ مِن الرَّهبَةِ يُسَبِّبُ الشُّعورَ بالاضطِرابِ حَتَّى أَثناءَ النَّومِ، حينَما يَكونُ المرءُ غَيرَ قادِرٍ عَلى الدِّفاعِ عَنْ نَفسِه.
الدين والوحى والإسلام
مصطفى عبدالرازق دراساتيُعتبَرُ هذا الكِتابُ مِن الدِّراساتِ المُهِمَّةِ كَتَمهيدٍ للفَلسَفَةِ الإِسلامِيَّةِ؛ حَيثُ يُعتَبَرُ مُؤَلِّفُه مِن مُجَدِّدي الفَلسَفَةِ الإِسلامِيَّةِ في العَصرِ الحَديثِ، فَكانَ تِلميذًا لمحَّمد عَبده وغَيرِه مِن كِبارِ الكُتَّابِ في عَصرِه، ويَتنَاوَلُ فيهِ المؤَلِّفُ مَوضوعاتٍ شائِكَةً، مِثلَ: عَلاقَة الدِّينِ بالعِلمِ، وكَيفَ أن أحَدَهُما لَم يَتَغَلَّبْ عَلى الآَخَرِ حَتَّى الآن، وأُصولِ الأَديانِ لُغَوِيًّا وتاريخيًّا، كَما عَرَضَ لِوُجهَةِ نَظَرِ المستَشْرِقين في الأَديانِ الشَّرقِيَّةِ، وعَلاقَةِ الدِّينِ الإِسلامِيِّ بِكُلِّ ذَلِكَ التَّاريخ.
لماذا تــأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم ؟
الأمير شكيب أرسلان دراساتولَكِنَّ الأُمَمَ الإسلامِيَّةَ تُريدُ حِفظَ استِقلالِها بِدونِ مُفاداةٍ ولا تَضحِيَةٍ، ولا بَيْعِ أَنفُسٍ، ولا مُسابَقَةٍ إلى الموتِ، ولا مُجاهَدَةٍ بالمالِ، وتُطالِبُ اللهَ بالنَّصرِ عَلَى غَيرِ الشَّرطِ الَّذي اشتَرَطَه هُوَ في النَّصرِ، فَإِنَّ اللهَ -سُبحانَهُ- يَقولُ: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ"، ويَقولُ: "إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ". فَإِنَّ الموتَ مَوتانِ، أَحَدُهما: الموتُ لِأَجلِ الحَياةِ، وهُوَ المَوتُ الَّذي حَثَّ عَلَيهِ القُرآنُ الكَريمُ المؤمِنينَ إِذَا مَدَّ العَدُوُّ يَدَهُ إِلَيْهِم. وأَمَّا الموتُ الثَّاني: فَهُوَ الموتُ لِأَجلِ استِمرارِ الموْتِ، وهُوَ الموْتُ الَّذي يَموتُهُ المسلِمونَ في خِدمَةِ الدُّوَلِ الَّتي استَوْلَت على بِلادِهِم! وذَلِكَ أَنَّهم يَموتون حَتَّى يَنصُروها عَلَى أَعدائِها.
اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
غوستاف لوبون دراساتكانَ قِيامُ الدُّوَلِ ونَشأَةُ القَوميَّاتِ ناقوسَ خَطَرٍ للجَماعاتِ اليَهودِيَّةِ في أوروبا؛ حَيثُ شُيِّدَت الدُّوَلُ الحَديثَةُ على أَساسٍ عِرْقيٍّ، ولَم يَستَوعِبْ اليَهودُ الَّذينَ عاشوا مُنعَزِلين في "الجيتو اليَهودِيِّ" ذَلِكَ. كما سادَ الغَربَ الأُوروبيَّ حالَةٌ مِن الكُرْهِ الشَّديدِ لليهودِ؛ مِمَّا جَعَلَ مُفَكِّرًا كَبيرًا مِثلَ "ماكس فيبر" يَعتَبِرُهُم أَصلَ الشُّرورِ في العالَمِ، أَمَّا "هيجل" فَقَد أكَّدَ أَنَّ الرُّوحَ القَوميَّةَ اليَهودِيَّةَ لَم تُدرِك المُثُلَ العُليا للحُرِّيَّةِ والعَقلِ، وأَنَّ شَعائِرَها بِدائِيَّةٌ ولا عَقلانِيَّة. وقَد سار "جوستاڤ لوبون" على نَهْجِ مُفَكِّري أُوروبَّا في مَوقِفِهِم مِنَ اليَهودِ أَثناءَ تِلكَ الحِقبَةِ، وصاغَ كِتابَهُ "اليَهودُ في تاريخِ الحَضاراتِ الأُولَى" مِن هَذا المُنطَلَقِ، فَكَالَ لَهُم الاتِّهاماتِ، ووَصَفَهُم بأَبشَعِ الصِّفاتِ، نافِيًا أَيَّ دَوْرٍ لَهُم في نَشْأَةِ الحَضاراتِ القَديمَةِ. وهَكَذَا يُمَثِّل هَذا الكِتابُ نَمَطًا فِكرِيًّا سادَ أُوروبَّا مُنذُ العُصورِ الوُسطَى وحَتَّى مُنتَصَفِ القَرنِ العِشرين.
روح الثورات الثورة الفرنسية
غوستاف لوبون دراسات"هَل يَأسَفُ عَلى وُقوعِ الثَّورَةِ الفَرَنسيَّةِ مَن لا يُريدُ أَنْ يَكونَ مُسَخَّرًا لِصَيدِ الضَّفادِعِ في الغُدْرانِ لِكَيْلَا تُقْلِقَ الأَميرَ الإِقطاعِيَّ في نَومِه؟ وهَلْ يَنوحُ عَلى حُدوثِها مَن لا يُريدُ أَنْ يَرى كِلابَ شَابٍّ عاتٍ تُخَرِّبُ حَقلَه؟ وهَلْ يَحزَنُ عَلى نُشوبِها مَنْ لا يُريدُ أَنْ يُسجَنَ في البَسْتيل لِوَلَعِ رَجُلٍ مِن بِطانَةِ المَلِكِ بِزَوْجَتِه، أَوْ لانْتِقادِهِ أَحَدَ الوُجوهِ؟ وهَل يَأسَى عَلَى اشتِعالِها مَن لا يُريدُ أَنْ يَبغِيَ عَلَيهِ وَزيرٌ أَو مُوَظَّفٌ، وأَنْ يَكونَ تَحتَ رَحمَةِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وأَنْ يُؤْخَذَ مِنهُ أَكثَرُ مِمَّا يُفرَضُ عَلَيهِ، وأَنْ يُهينَهُ ويَشْتُمَهُ مَنْ يَدَّعي أَنَّه فاتِحٌ؟ لِذَلِكَ أَشكُرُ -وَأَنا مِنَ الطَّبَقَةِ الوُسطَى- أُولَئِكَ الَّذينَ أَنقَذوني -بَعدَ عَناءٍ شَديدٍ- مِن هَذِهِ القُيودِ الَّتي لَوْلَاهُم لَظَلَّت تُقَيِّدُني، وَأُهَنِّئُهُم عَلَى الرَّغمِ مِن زَلَّاتِهِم". مِسيو إِميل أُوليڤييه "حَقًّا إِنَّ مَصدَرَ المُعتَقَداتِ -سِياسِيَّةً كانَت أَوْ دِينِيَّةً- لَمُشْتَرَكٌ، وَهِيَ خاضِعَةٌ لِسُنَنٍ واحِدَةٍ، أَيْ أَنَّها لا تَتَكوَّنُ بالعَقلِ، وكَثيرًا ما تَتَكَوَّنُ خِلافًا لما يَقتَضيهِ العَقلُ، فَالبَدَهيَّةُ (البُوذِيَّة) والإِسلامُ والإِصلاحُ الدِّينيُّ واليَعقُوبِيَّةُ والاشتِراكِيَّةُ، وإِنْ لاحَت عَلَى شَكلٍ فِكرِيٍّ ظاهِرٍ، هِيَ بالحَقيقَةِ قائِمَةٌ عَلَى عَواطِفَ وَتَدَيُّناتٍ مُتَماثِلَةٍ، وتَخضَعُ لِمَنطِقٍ لا عَلاقَةَ بَينَه وبَينَ المنطِقِ العَقْلِيِّ أَبَدًا. تَنشَأُ الثَّوراتُ السِّياسِيَّةُ عَن مُعتَقَداتٍ تَأصَّلَت في النُّفوسِ، وَلَكِنَّها قَد تَنشَأُ عَن أَسبابٍ أُخرى تَجمَعُها كَلِمَةُ الاستِياءِ، فَمَتَى عَمَّ هَذا الاستِياءُ تَأَلَّفَ حِزبٌ قادِرٌ عَلَى مُكافَحَةِ الحُكومَةِ.
فقه الإماء والجواري، والعبيد والمماليك، وزواج المتعة في الإســلام (الشيعي والسني)
حسنى عايش دراساتولَكِنَّ الإِسلامَ بِمَذهَبَيْهِ الكَبيرَيْن: السُّنَّةِ والشِّيعَةِ،لَم يَتَجاوَزْ، وَلَم يُحَرِّمْ الرِّقَّ. فَعُمَرُ بنُ الخَطَّاب -رَضِيَ الله عَنهُ- لَم يَكُن يَعني العَبيدَ والمماليكَ والإِماءَ والجَوارِيَ عِندَما صاحَ صَيحَتَهُ المَشهورَةَ طالِبًا ضَربَ ابْنَ الأَكرَمين : "مَتَى اسْتَعْبَدْتُم النَّاسَ وقَد وَلَدَتهُم أُمَّهاتُهُم أَحرارًا"، وإِلَّا لَكانَ حَرَّرَهُم فَورًا، وأَوْقَفَ الاسْتِعبادَ.
صورة المرأة ومكانتها فى اليهودية والمسيحية والإسلام
حسنى عايش دراساتعَن المَرأَةِ في الإِسلامِ يَجِدُ المُؤَلِّفُ المَوْضِعَ الصَّحيحَ لِمُقَارَنَةِ وَضعِ المرأَةِ في الدِّينِ الحَديثِ (الإِسلامِ)، بالقَديمِ (اليَهوديَّةِ والمسيحيَّةِ)، وَوَصَلَ إِلَى استِنتاجٍ سَليمٍ، وَهُوَ الأَهَمُّ في الكِتابِ، بِقَولِهِ: "إِنَّ التَّحريمَ الإِسلامِيَّ في هَذِهِ الأُمورِ لَم يَخرُج عَلَى التَّشريعاتِ التَّوراتِيَّةِ فيها، أَو يُنكِرْها".
البيئة والمجتمع (مقدّمة نقديّة)
بول روبنس دراساتما هِيَ العَلاقَةُ بَينَ قِلَّةِ عَدَدِ المدارِسِ في دَولَةٍ نامِيَةٍ وانتِشارِ مَحلَّاتِ ماكدونالد للوَجَباتِ السَّريعَةِ؟ هَلْ فَكَّرتَ وأَنتَ تَفتَحُ عُلبَةَ التُّونَةِ في دِماءِ الدَّلافين الَّتي سالَت في سَبيلِها؟ هَلْ المِياهُ المعَبَّأَةُ شَيءٌ جَيِّدٌ للمُجتَمَعِ والبيئَة؟ هَل زيادَةُ أَعدادِ الخَنافِسِ والنَّملِ أَحسَنُ بالنِّسبَةِ لِبيئَةٍ صِحِّيَّةٍ في زِراعَةِ البُنِّ؟ ما أَثَرُ أَكْلِ البَطاطِسِ المحَمَّرَةِ عَلَى البيئَةِ؟ هَل الذِّئابُ مُفيدَةٌ لِلمُجتَمَعِ والبيئَةِ؟ هل مِن حَقِّ الأَشجارِ أَنْ يَكونَ لَهَا مُمَثِّلين لِلدِّفاعِ عَن حُقوقِها أَمامَ المحاكِمِ؟ هَذِهِ بَعضٌ مِنَ الأَسئِلَةِ الَّتي يُعالِجُها كِتابُ "البيئَةُ والمُجتَمَعُ" بِبَساطَةٍ وعُمْقٍ في نَفسِ الوَقتِ حَيثُ يَبدَأُ كُلُّ فَصلٍ بِقِصَّةٍ قَصيرَةٍ، ثُمَّ يَتَعَمَّقُ في شَرحِ المشكِلَةِ البيئِيَّةِ/ الاجتِماعِيَّةِ الَّتي تُعَبِّرُ عَنها. كِتابٌ جَيِّدٌ، يَترُكُكَ وقَد اختَلَفَ تَفكيرُكَ بَعدَ أَنْ تَنتَهِيَ مِن قِراءَتِه عَمَّا كانَ عَلَيه قَبلَ أَنْ تَقرَأَهُ، وهُو هامٌّ ومُمتِعٌ في نَفسِ الوَقتِ.
جذور الفكر الاشتراكى فى مصر (تجديد الفكر السياسي المصري الحديث)
على الدين هلال دراسات"الفِكْرانِ: الاشتِراكِيُّ واللِّيبراليُّ لَم يَتَطَوَّرَا كَطَرفَيْ نَقيضٍ أَو في مُواجَهَةٍ مَعَ بَعضِهما البَعض، بَلْ أَدرَكَ كَثيرٌ مِن المُفَكِّرينَ المصريِّين الصِّلَةَ الوَثيقَةَ بَينَهما، فَحَرَصَ الكَثيرُ مِن رُوَّادِ الفِكرِ الاشتِراكِيِّ في مِصرَ عَلَى تَأكيدِ الصِّلَةِ بَينَ الاشتِراكِيَّةِ والدِّيمُقراطِيَّة، كَما أَكَّدَ عَدَدٌ مِنَ المُفَكِّرين اللِّيبرالِيِّين على ضَرورَةِ تَحقيقِ العَدالَةِ الاجتِماعِيَّةِ كَشَرطٍ للدِّيمُقراطِيَّة." عَلِيُّ الدِّين هلال
التحول الكبير إعادة تكوين الثروات وشبكات التحول الاجتماعى فى عصر محمد على ج2
بسكال غزالة دراساتيَتَناوَلُ الكِتابُ -المُستَمَدُّ مِن أُطروحَةِ الدُّكتوراه الَّتي نالَتها المُؤَلِّفَةُ من "مَدرسَةِ الدِّراساتِ العُليا للعُلومِ الاجتِماعِيَّة" بباريس- كَيفِيَّاتِ تَأسيسِ وتَعزيزِ ونَقْلِ الثَّرواتِ في مِصرَ في الفَترَةِ بَينَ عامَيْ 1780 و1830، بالاسْتِنادِ إلى تَوثيقٍ غَيرِ مَسبوقٍ لِحُجَجِ المَحاكِمِ العُثمانِيَّةِ ووَثائِقِ الدَّولَةِ المِصرِيَّةِ في الفَترَةِ بَينَ عامَيْ 1805 و1848. يَهدُفُ العَمَلُ إلى إِعادَةِ رَسمِ مَسارِ إِحدَى الجَماعاتِ (كِبارِ التُّجَّارِ) وتَحليلِ الشَّبَكاتِ العَلائِقِيَّةِ الَّتي يَحشِدُونَها بالاسْتِنادِ إلى نَهْجٍ يَقتَرِبُ مِنَ التَّشخيصِ، ويَختَبِرُ -في آنٍ- التَّعريفَ الخاصَّ بِهَذِه الجَماعَة. عَمَلَت باسكال غزالة على دِراسَةِ مُحتَوى الفِئاتِ الاجتِماعِيَّةِ، الَّتي أَفادَت في تَقديرِ المُجتَمَعِ الحَضَريِّ في مِصرَ في العَصرِ العُثمانِيِّ، لا سِيَّما الأُسرَةُ والعَسكَرُ والتَّجَّارُ في عُصورٍ وسِياقاتٍ مُختَلِفَةٍ، وذَلِكَ مِنْ خِلالِ البَحثِ في العَلاقاتِ المادِّيَّةِ والقانونِيَّةِ بَينَ الأَفرادِ؛ مِمَّا مَكَّنَها مِن الكَشفِ عَن كَيفيَّاتِ الاستِخداماتِ المادِّيَّةِ لِلمِلْكِيَّةِ في الوَسَطِ الحَضَريِّ.
النزعة السلمية كحالة مرضية (تأملات فى دور الكفاح المسلح فى أمريكا الشمالية)
وارد تشرشل فكريَكشِفُ هَذا الكِتابُ عَن فِكْرِ تَيَّارٍ رَئيسيٍّ مِن مُفَكِّري الغَربِ، مِن غَيرِ ذَوي الأُصولِ الأُوروبيَّةِ، فيما يَتَعَلَّقُ بالعُنصُريَّةِ المُتَأَصِّلَةِ في الثَّقافَةِ الأُوروبيَّةِ، الَّتي تُساهِمُ في مُفاقَمَةِ ما يَصِفُه وارد تِشرشِل بـ "الحالَةِ المرَضِيَّةِ" لِمَا أَصبَحَ يُعرَفُ بالحَرَكَةِ السِّلْمِيَّةِ، والَّتي تَقِفُ وَراءَ المواقِفِ الثَّابِتَةِ المستَمِرَّةِ الَّتي تَتَّخِذُها "المُعارَضَةُ" الأُوروبيَّة / الأَمريكِيَّةُ "البَيضاءُ"، فَيَفضَحُ نِفاقَ ما يُعرَفُ باليَسارِ والقُوَى التَّقَدُّمِيَّةِ في الغَربِ عُمومًا، وفي أَمريكا خُصوصًا. وهُوَ أَمْرٌ يَجِبُ أَنْ تَعِيَهُ بُلدانُ وشُعوبُ العالَمِ الثَّالِث -ومِصرُ والمصريُّون مِن بَينِهِم- في كِفاحِهِم ضِدَّ الاستِعمارِ (الَّذي كان وما زالَ أُوروبيًّا بالتَّحديدِ) في ثَوبِه "الجَديدِ"، وأَشكالِ حُروبِهِ الجَديدَةِ مِنَ النَّوعِ الثَّالِثِ والرَّابِعِ، وماذا يَجِبُ أَنْ نَتَوَقَّعَ (أو لا نَتَوَقَّع) مِمَّا يُطلَقُ عَلَيهِ مُعارَضَةٌ أُوروبِيَّةٌ فيما يَتَعَلَّقُ بِمَواقِفِها المُتَراخِيَةِ المُتَواطِئَةِ مَعَ حُكومَاتِها مِنْ جِهَةٍ، ونَظرَتِها العُنصُرِيَّةِ المُتَعالِيَةِ تِجاهَ شُعوبِنا "في العالَمِ الثَّالِثِ" مِنْ جِهَةٍ أُخرَى.
الفيس بوك والفلسفة
دي إي وتركوور فكردَعونا نُواجِه الأَمرَ. الفيسبوك مُمتِعٌ وفاتِنٌ، مِن ثَمَّ سُرعانَ ما يُدمِنُه الإنسانُ. مِن أَحَدِ أَسبابِ استِمتاعِنا بِهِ أَنَّهُ يُغَذِّي الأنا لَدَينا. "لَقَد مَرَرنا جَميعًا بِهَذِه الحالَةِ أَو تِلكَ مِن النَّرجسيَّةِ الَّتي غَذَّاها الفيسبوك باقتِدارٍ؛ لأنَّكَ -بِبَساطَةٍ- لَدَيكَ مَجالٌ واسِعٌ تَتَحكَّمُ فيه بـ «كَيفِيَّةِ إظهارِ نَفسِكَ»، ومتى، وبِأَيِّ خِطابٍ؛ بِما يَجعَلُنا نَستَحضِرُ صُورَةَ نيتشه العَدَميَّة عِندَما يُقَدِّمُ لَنا في «العِلْم المَرِح» رَجُلًا مَجنونًا يُعلِنُ مَوتَ الله، مُتسائِلًا: «أَلَا تَرانا نَتَحَرَّكُ بَعيدًا عَن كُلِّ الشُّموسِ؟ أَلَا تَرانا نَغرَقُ دونَ تَوقُّفٍ: خَلفًا، وجَنبًا، وأَمامًا، في جميع الاتجاهات؟"»، هذا –تَحديدًا- ما نَشعُرُ بِه عِندَما نَتَسَكَّعُ مَعَ الفيسبوك، مِثلَما أَوضَحَ أَحَدُ مُؤَلِّفي الكِتاب. نَغرَقُ بِحالَةٍ مِن التِّيهِ عَبرَ خُيوطٍ مِنَ التَّعليقاتِ، وثُقوبٍ مِنَ النَّصوصِ التَّشَعُّبِيَّة. فَسُرعانَ ما نَنكَمِشُ «مِثلَ طِفلٍ يَشعُرُ بالدُّوارِ، هَبَطَ مِنْ فَوْرِه مِن عَلَى لُعبَةِ الأُرجوحَةِ الدَّوَّارَةِ، باحِثًا عَنْ شَيءٍ يُمسِكُ بِه، أَيِّ شَيءٍ»". هَكذا الفيسبوك وأَنتَ عَلَى أَريكَتِكَ، أَو مَكتَبِكَ تَنسِجُ عالَمًا أنتَ عِمادُ التَّحَرُّكِ فيه، ولَكِنْ عِندَما تَبدَأً التَّعليقاتُ ورُدودُ الأَفعالِ ووَضعُ وَصْلاتٍ تَشَعُّبِيَّةٍ تُوصِلُكَ إلى مَراجِعَ في صورَةِ مَقالاتٍ أَو أَفلامٍ أَو كُتُبٍ تَرُدُّ على طُروحاتِكَ النَّظَريَّةِ أو السِّياسِيَّةِ؛ سَتَجِدُ نَفسَكَ في مَتاهَةٍ أَكَلَت وَقتَكَ، وجارَت عَلى مُفرَداتِ يَومِكَ: الغَثِّ مِنها والثَّمين.
الحرب العالمية الرابعة
ألبيرتو ليوني فكرإن هذا الموضوع ليس من الموضوعات الجميلة بالتأكيد؛ فأحيانًا كنت أشعر بأنني مثل "شخصية الآلة" في فيلم "بلاد رانر" عندما تقول: "لقد رأيت أشياء لا تستطيعون أن تتخيَّلوها أنتم، أيُّها البشر...". والحقيقة أن هذه الأشياء رآها الكثيرون منَّا، ولكن لا يتذكَّرها إلَّا القليلون. وبقدر ما كانت الحرب تدور ضد الإرهاب، وبقدر ما كان يزداد الانخراط العسكري الغربي في العراق وأفغانستان؛ بقدر ما كانت تتلاشى الدوافعُ التي كانت وراء بعض القرارات. وعلاوة على ذلك، خلال أي حرب استنزاف، فإن الفصيل الذي يتمتَّع بذاكرة قوية يصبح في وضع أفضل؛ لأنه يحتفظ بصلابة رغبته الأولية في النصر.
لويس ألتوسير
لوك فيريتر فكرعُرف ألتوسير عبر نظرياته عن الأيديولوچيا وتأثيره على السياسة والثقافة، قام ألتوسير بتثوير النظرية الماركسية، غيَّرت كتاباته شكلَ النقد الأدبي الثقافي، وتستمر في التأثير على الأساليب السياسية في النقد، مثل النسوية، ما بعد الكولونيالية ونظريات الحرية الجنسية.
أنا والميمات من التكوين إلى الحلم
حسام البدراوي فكر"وها هو يفاجئنا بهذا الكتاب القَيِّم، الذي يُذكِّرني في إخراجه وتبويبه بما كان يفعله الموسوعي الكبير د. "ثروت عكاشة" في بعض كتبه الخالدة، حيث يمتزج الفكر بالأدب والفن، في إطار تحليلٍ عِلميٍّ يدعو إلى الإعجاب". د. مصطفى الفقي "حسام بدراوي نسيج وحده، سواء في صياغة اسم كتابه، أو مضمونه" د. مراد وهبة "حقًّا، لقد ساهم الدكتور حسام بدراوي -بكتابه "أنا والميمات"- في حركة التنوير، وفهم الكثير من خفايا الحياة؛ ممَّا سيسهِّل الوصول للتَّوازُن والصِّحَّة النَّفسيَّة". د. أحمد عكاشة
تاريخ الفكر المصري الحديث
لويس عوض فكرإن موسوعيَّة لويس عوض مُذهِلة ونادرة المِثال بكل المقاييس؛ إذ لم يكن من سبيلٍ للمقاومة سوى هذه الموسوعيَّة التي تضرب في كلِّ اتجاه، وتتنقَّل بين حقول المعرفة، في سعيٍ طويل شاقٍّ لا يَكفُّ عن الحركة والكتابة والمساءلة، لِمَا يزيد على نصف قرنٍ. فهو المتمرِّد، صاحب العقل الجامح، الذي لا يأبه أبدًا لِمَا يطرحه من أسئلة أو يثيره من إشكالات، أو بالأحرى لِمَا يُفجِّره منها، وكثير من الأسئلة التي طرحها كانت تؤرِّق الوعي المحافِظ، وتستفزُّ العقول الجامدة. يتضمَّن المجلد الأوَّل جزأين؛ الأول يتناول الخلفية التاريخية والسياسية، وفيه عالج لويس عوض موضوعات عديدة، مثل: الانفجارات الثورية في مصر قبل الحملة الفرنسية، وبناء الدولة الحديثة، أمَّا الثاني فكان لدراسة الفكر السياسي والاجتماعي، من خلال تأريخ وتحليل فكر الشخصيات التالية: الجبرتي، الطهطاوي، والشِّدياق. ويتضمَّن المجلَّد الثاني جزأين؛ الأوَّل يعالج ملحمة قناة السويس، واغتصاب مصر بسحق الثورة العرابية، والاحتلال البريطاني، ونشأة الأرستقراطية والبرجوازية المصرية؛ أمَّا الثاني فيغطِّي نشأة الديمقراطية، والأحزاب في مصر، وصراع الصحافة والرقابة، وملحمة وادي النيل. بينما يتضمَّن المجلد الثالث تناوُلَه، بالنقد والتحليل، فِكرَ جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، وعبد الله النديم، ويعقوب صَنْوَع.
التفكير بشجاعة
ماري لويزا فريك فكرماذا كان التنوير؟ وهل نعيش الآن نهاية عصر التنوير؟ يبدو للبعض وكأن هذا ما يحدث بالفعل، وخصوصًا عند النظر إلى ما يحدث حولنا من ازدياد الشعبوية السياسية، وتَصاعُد العنف الديني، وفُقدان الثقة في العِلم ووسائل الإعلام. تقودنا الفيلسوفة الألمانية الـمُعاصرة ماري- لويزه فريك، عبر أروِقَة التاريخ والتَّصوُّرات الـمُختلفة عن التفكير التنويري، وتوضِّح: إن التنوير ليس إرثًا ثقافيًّا نعرف دائمًا مسبقًا محتواه، بل هو في جَوهَرِه القُدرَةُ على التفكير بشجاعة واستقلالية، وهو ما يجب علينا أن نواصل القيام به، ونعيد اكتشافه واكتشاف أنفسنا معه دائمًا من جديد. أو بتعبير فريك: "يكمُن مستقبل الإنسانية بين اليأس والجرأة".
ابتسامة شيوكو
تشوي إين يونج أدب مترجم حديثفي نثر واضح وغير منمق، وبطريقة مباشرة ترسم تشوي إين يونج صورًا حميمية لحياة الشابات في كوريا الجنوبية، صورًا توازن بين ما هو شخصي وما هو سياسي وثقافي، تتحدث في قصة ابتسامة شيوكو عن صداقة مشحونة بين فتاتين من المراهقة إلى البلوغ، وفي قصة أخرى تواجه امرأة شابة وفاة عشيقها وتسافر إلى روسيا للبحث عن معلومات حوله، وفي قصة ثالثة يخفي والدا معلمة ماتت في غرق العبارة سيول خبر وفاتها عن جدتها. حازت المجموعة الأكثر مبيعًا في كوريا الجنوبية على جوائز عدة...
جامعة القاهرة
عواطف محمد عبد الرحمن فكرقد ظلَّت الجامعة وإنشاؤها حلما يراود النخبة الوطنية منذ بداية الوطنية المصرية منذ بداية القرن العشرين، و تبنت هذه النخبة فكرة إنشاء جامعة مصرية تقدم كل أنواع المعرفة لكل طبقات االمجتمع المصري، لكل أغنياءهم وفقراءهم، حتى يمكن تكوين جيل جديد من زوي المدارك الواسعة والفكر المستقل. يروي هذا الكتاب قصة جامعة القاهرة منذ كانت حلمًا يراود زعماء الوطن وبسطاءه، والتحديات التي واجهت الروَّاد الذين تصدُّوا لتحويل الحلم إلى حقيقة. ويلقي الضوء على عدة محطات تستحق أن تروى في تاريخ هذه الجامعة: أولها موقف الإحتلال البريطاني، ومحاربته للمشروع، وإصراره على إستمرار الكتاتيب بحجة أن مشروع الجامعة سابق لأوانه، ويعزي ذلك إلى خشيته من وجود طبقة مثقفة تطالب بالإستقلال. ولكن كان للشعب المصري وثققافته موقف آخر؛ واستمر في مساندة المشروع بالتبرع والإكتتاب حتى اكتمل المشروع، وافتتحت الجامعة رسميا في 21 ديسمبر 1908.
سيكولوچية التعلق
روبي دُشِنسكي دراساتماذا نعني فِعليًّا بـ «التَّعلُّق»؟ وكيف لمختلف أساليب الرِّعاية أن تؤثِّر على نمط التَّعلُّق عند الأطفال؟ وكيف توثِّر التجارب المبكرة لتقديم الرعاية على التطوُّر اللَّاحق؟ يُعتبر سيكولوجية التَّعلُّق مدخلًا أساسيًّا إلى التَّعلُّق؛ يطرح شرحًا يسيرًا للنظرية، ويكشِف عن سوء الفهم الشائع، ويُقدِّم نظرةً عامة متوازنة لنتائج الأبحاث الرئيسة. ومن خلالها يُناقش تطوُّر التَّعلُّق خلال السنوات القليلة الأولى من الحياة، وتأثير السلوكيات المختلفة للرعاية على عَلاقات التَّعلُّق عند الأطفال، وتأثير عَلاقات التَّعلُّق على سلوك الأطفال ونموِّهم، وتطوُّر علاقات التَّعلُّق منذ مرحلة الرضاعة حتى البلوغ، والتَّعلُّق في العَلاقات الرومانسيَّة والدينيَّة، والمداخل القائمة على التَّعلُّق.