مختارات شعرية
راينر ماريا ريلكه أدب مترجم كلاسيكيآنياتٌ غيري تحضن النبيذ، وأخرى تحضن الزيت داخل القبو المجوَّف يُطوِّقها طينُها. وأنا، أصغرها حجمًا وأرشَقُها جميعًا، أُجَوِّفُ نفسي بتواضُعٍ كي تملأني مُجرَّدُ دمعاتٍ قليلة. النبيذُ يُصبحُ أغنى ويَصيرُ الزيتُ في آنيته أصفى، فماذا عن الدَّمع؟ جعلني الدَّمعُ في زجاجي عمياء، جعلني ثَقيلةً وجعل انحناءتي قُزحيَّةَ اللون، جعلني هشَّةً وتركني في النهاية فارغة. مجموعة مختارة من دواوين الشاعر الألماني الشهير "راينر ماريا ريلكه" من ترجمة "حسن حلمي". يقدِّم "حسن حلمي" سيرةً ذاتيَّةً لماريا راينر ريلكه، مع ترتيبٍ زمنيٍّ لأعماله ومراحل تطوُّره، من الشِّعر الذاتي إلى التكثيف الشِّعري- من خلال مُقدِّمة نقديَّة وشارِحة لأهمِّ أشعار ريلكه، ورمزيَّاته، ومراحل تطوُّر شِعره، مُستَشهِدًا في ذلك بالقصائد الأكثر شُهرةً والأكثر غموضًا على القارئ.
ازدواجية الدين (الأسرار المصرية وعصر التنوير الأوربي)
يان أسمان فكر"هل يُدَعِّم الدِّينُ الخَيالاتِ والأَوهامَ الضَّروريَّةَ للحياة؟ أَمْ أَنَّ الاحتياجَ إليها هو الَّذي يُؤدِّي إلى ظاهِرَة "ازدواجيَّة الدِّين"؟ يُقدِّم عالِمُ المِصريَّاتِ البارِزُ "يان أسمان" في هذا الكِتابِ الموسوعيِّ الهامِّ نَظرَةً عامَّةً، ولكِنَّها عَميقَةٌ على مَوضوعِ "ازدواجِيَّة الدِّين"، حيثُ يَبدَأ رحلَتَه بالعَودَةِ إلى لاهوت قُدَماء المصريِّين، الَّذين اتَّسَمَ الدِّينُ عندَهم بالازْدواجِيَّة بين دينِ النُّخبَة وبَينَ دينِ الشَّعب، وهو التَّصوُّر الَّذي أَثَّر على الأَديانِ القَديمَةِ بشَكلٍ عامٍّ، حيثُ كان لها دائِمًا: وَجهٌ خارجيٌّ (وَجهُ الدِّينِ الرَّسميِّ) ووَجهٌ داخِليٌّ (الَّذي يَشمَلُ الطَّبيعةَ الغامِضَةَ للتَّجرِبَة الدِّينيَّة الخاصَّة). ثم يُكمِلُ "أسمان" رِحلَتَه في التَّاريخ ويَنقلُنا إلى العَصرِ الحديث الَّذي شَهِدَ ولادَةَ فِكرَةِ ازْدُواجِيَّة الدِّين بينَ دينِ العَقلِ (دين الفلاسِفَة) من جِهَةٍ، ودينِ الوَحْيِ (دينِ الآباء) من جِهةٍ أُخرى. اكتَسبَ هذا المفهومُ أَهمِّيَّةً جديدةً في عصر التَّنويرِ عِندَما تَمَّ نَقلُ البنيَةِ المزدوَجَةِ للدِّين إلى الفَرد؛ مِمَّا يَجعَلُ الإنسانَ مَدينًا الآنَ بِوَلائِه ليسَ فَقَط لِدِينِه الأَصليِّ، ولَكِنْ أيضًا لـ "دينِ البَشَريَّة" العالَمِيِّ."
الربيع على ضفاف الأودر
إيمانويل كازاكفتش أدب مترجم كلاسيكيكان الرجال يتقدَّمون في سيرهم صامتين. وسُمِعَت أصوات طلقات المدافع الرشاشة من موقع قريب. وعند مفترق الطرق طلب منهم سليڤينكو أن يوقفوا السيارة؛ فقد كان الطريق يتَّجه من هذه النقطة جِهةَ اليمين حيث توجد هيئة قيادة الكتيبة. وقفز الرجل من السيارة وودَّعَهم، ثم تَوَجَّه إلى المكان الذي كانت تأتي منه أصوات الطلقات بشكل أكثر عنفًا واستمرارًا. " الريبع على ضفاف الأودر " هى القصة الرائعة التى حلق فيها المؤلف بقلبه ، فبلغ الذروة ورسم أدق المشاعر الإنسانية وأبشع مآسي الحرب وويلاتها ، فاستحقت لهذا جائزة " ستالين " فى الأدب .
أخت فرويد
چوسيه سميلڤسكي أدب مترجم حديثسعى فرويد طيلةَ حياته لإثباتِ أن الشعور بالذنب هو ما يحفِّز الجنس البشري؛ لأنَّ الناس جميعهم كانوا أطفالًا ذات يوم، وفي صراع الطفل لِنَيْلِ حُبِّ أُمِّه يتمنَّى موتَ مُنافِسِه، أبيه، هكذا يقول أخي سيجموند، لقد ألقى باللوم على أكثرهم براءةً وأكثرهم عجزًا؛ لتحميله هذا الوِزْرَ الأصليَّ. اتَّهم مَن وصلوا لِتوِّهم إلى الحياة بالرغبة في قتل مَن وَهَبَهم إيَّاها، هذا بالإضافة إلى الشعور بالذَّنب الذي يسيطر على كُلِّ إنسان. وألقى على عاتقه أمرًا آخَرَ: إنه يذكر حين كان في عمر العام ونصف العام أنه تمنَّى موت ﭼوليوس، أخيه، المولود حديثًا، والذي مات بعد سِتَّة أشهر.
إمبراطوريات (منطق السيادة الكونية من روما القديمة إلى الولايات المتحدة)
هرفريد مونكلر دراساتالإمبراطوريَّاتُ أَكبرُ مِن كَونِها دُوَلًا كُبرَى، وهِيَ تَتحرَّكُ داخِلَ عالَمٍ خاصٍّ بِها، أمَّا الدُّوَلُ فَمَشمولَةٌ بِمَنظومَةٍ صاغَتها مع غَيرِها مِن الدُّوَل، ومِن ثَّم فَهِي لا تَملِكُ التَّحكُّمَ فيها بِمُفرَدِها. الإمبراطوريَّاتُ على العَكسِ من ذَلِك، تَفهَمُ نَفسَها بِوَصفِها صانِعَةً وضامِنَةً لِنِظامٍ لَن يَستَقيمَ بِدونها، ويَجِبُ عَلَيها أَنْ تُدافِعَ عَنهُ ضِدَّ اندِلاعِ الفَوضَى الَّتي تُمثِّلُ تَهديدًا مُستَمِرًّا لَهُ. ونَظرَةٌ فاحِصَةٌ لِلتَّاريخ، لَيسَ تاريخَ الولاياتِ المتَّحِدَة الأَمريكيَّة فحَسب، وإنَّما تاريخُ الإِمبراطوريَّاتِ الأُخرى أيضًا، تُرينا أَنَّ استخدامَ تَعبيراتٍ لُغَويَّةٍ مِن قَبيلِ "مِحوَر الشَّرِّ" أَو "المواقِعِ الأَمامِيَّةِ للطُّغيان" لَيَست جَديدَةً أَو مُتَمَيِّزَة، بل إنَّها تَختَرِقُ تاريخَ الإِمبراطوريَّاتِ مِثلَ خَيطٍ أَحمرَ مُتَّصِل. يَـدورُ هَـذا الكِتـابُ إِذًا حَولَ أَنماطِ السِّـيادَةِ الإِمبراطوريَّة، وأَشـكالِ التَّوسُّـِع والاسـتقرارِ، وحَولَ الوَســائِطِ العَالمَيـَّـة الَّتــي تُنجَـُـز فيهــا وبِواسِطَتِها الإمبراطوريَّة. ولَــن يَقتَـصِرَ الاهتِـمامُ المعرِفيُّ هُنـا علـى التَّفرِقَةِ بَـينَ الإمبرباطوريَّـاتِ البَحَريَّـة والبَرِّيَّـة، والإمرباطوريَّات التِّجاريَّةِ والعَسـكَريَّة، بَـينَ الأنظِمَـِة الإمرباطوريَّةِ الَّتـي تَتَطـوَّر عـن التَّحَكُّمِ في المناطِـِق وتِلكَ الَّتـي تَقومُ في الأَسـاسِ علـى التَّحَكـُّم في تَدَفُّقـاتِ (البَشَـِر، السِّلَعِ، رأسِ المـال)، بـل سيَتَجاوَزُ ذَلِـَك كُلُّـه إلى عَقلانِيَّةِ القُوى، وإلى مَنطـِقِ السِّـيادَةِ الكَونِيَّـة.
يعقوب فون جونتن (يوميات معهد بنيامنتا)
روبرت فالزر أدب مترجم كلاسيكيما نَتَعلَّمُه هُنا قَليلٌ جِدًّا، ثَمَّةَ عَجزٌ في هَيئَةِ التَّدريسِ، ونَحنُ صِبْيان مَعهَدِ بِنيامِنْتا، لَن نَصِلَ إلى شَيءٍ، هَذا يَعني أَنَّنا جَميعًا لَنْ نَكونَ في حياتِنا لاحِقًا إِلَّا شَيئًا صَغيرًا جِدًّا وتابِعًا. التَّعليمُ الَّذي نَتَلقَّاهُ يَتمَثَّل على نَحوٍ أَساسيٍّ في تَربِيَتِنا على الصَّبرِ والطَّاعَةِ، خُصلَتانِ لا تُبَشِّران بِنَجاحٍ كَبير، أَو لا تُبَشِّرانِ بِأَيِّ نَجاحٍ عَلى الإِطلاق. نَجاحاتٌ داخِلِيَّةٌ، إِي نَعَم. لَكِن ماذا يَجني المرءُ مِن مِثلِ هَذِهِ النَّجاحاتِ؟ هَل تَكْفُلُ المكاسِبُ الدَّاخِلِيَّةُ لِلمَرْءِ ما يَأكُلُه؟ إِنَّني أُحِبُّ أَن أُصبِحَ غَنيًّا، أَركَبُ العَرَباتِ وأُبَعثِرُ الأَموالَ. لَقَد تَكلَّمتُ بِهَذا مع كراوس، رفيقي في المعهَدِ، لَكِنَّهُ لَم يِزِدْ عَلى أَنْ هَزَّ كَتِفَيْه بازدِراءٍ، ولَم يَعبَأ بالرَّدِّ عَليَّ ولَو بِكِلمَةٍ واحِدَة. كراوس صاحِبُ مبادِئَ، إِنَّه يَجلِسُ بِمُنتَهى الثَّباتِ عَلى السَّرجِ مُمتَطِيًا صَهوَةَ الرِّضا والقَناعَةِ، وهَذِه مَطيَّةٌ لا يُحِبُّ أَن يَمتَطِيَها أُولِئكَ الَّذين يُريدون أَن يَركُضوا. وإنَّني مُنذُ جِئتُ هُنا إِلى مَعهَدِ بنيامِنْتا، قد تَوصَّلتُ بالفِعلِ إلى أَنْ أُصبِحَ لُغزًا أَمامَ نَفسي.
أسطورة السكير المقدس (ومصير ناظر المحطة)
جوزيف روث أدب مترجم كلاسيكيولأن جلسته جاءت فى مواجهة مرآة ، فلم يستطع أن يمسك نفسه عن تأمل وجهه فى المرآة ، فكان كأنه الآن يتعرف على نفسه من جديد . على أنه فزع . لكنه أدرك فى الوقت نفسه لماذا كان فى السنوات الأخيرة يخاف من المرايا إلى هذا الحد . لأنه لم يكن من الجيد أبداً أن يرى المرء بعينيه عفنه هو . وما دام المرء لا يضطر إلى رؤية وجهه ، فإن الأمر يكاد يكون أحد أمرين ، إما أنه ليس له وجه أصلاً ، وأما أنه لا يزال له وجهه القديم نفسه الذى يعود إلى زمن ما قبل التعفن .
ألواح موسى
توماس مان أدب مترجم كلاسيكي"أبوه لم يَكُن أباه، وكَذلِكَ أُمُّه لم تَكُن أُمَّه؛ بذلك كان ميلادُه مُضطَرِبًا ومُخالِفًا لنظام الأشياء". "مَهما يَكُنْ من الأمر، فمن المُؤكَّد أن الخروج قد أخذ صُوَرَ النَّفي والطَّرد. والعجلة التي حدث بها ظَهَرَت في حقيقةِ أنَّ أحدًا لم يَجِدْ وقتًا لتخمير الخُبزِ من أجل الرحلة. لم يَجِد النَّاسُ مَؤونَةً سوى في الكَعكاتِ غير المُختَمِرَة التي صُنِعَت على عَجَلٍ. اتَّخَذ موسى من هذه الواقعة احتفالًا تذكاريًّا استمرَّ طوالَ الزَّمَن. لكن في الجوانب الأخرى، كان الجميعُ -كبارًا وصغارًا- مُستعدِّين بالكامل للرَّحيل. وبينما كان المَلاكُ المُدمِّر مُنطَلِقًا في غيِّه، كانوا هم جالسين بخاصِراتٍ مَربوطَةٍ قُربَ عَرَباتِهم المُحمَّلة بالكامِل، أحذيتهم على أقدامِهم، وعصيانهم في أيديهم، آخذين معهم أوعيَةَ الذَّهَب والفضَّة التي كانوا قد اقترضوها من أطفالِ الأرض".
في مستعمرة العقاب (الحُكم طبيب أرياف فنان الجوع)
فرانس كافكا أدب مترجم حديثلمَّا اقتَرَبَ المستَكشِفُ نَهَضَ بَعضُهم. وقفوا جَنْبَ الحائط، وعيونُهم شاخِصَةٌ إليه. "أجنبيٌّ" -دارَ الهَمسُ من حَولِ المستكشِفِ- "ويُريدُ أَنْ يَرى القَبرَ". أَزاحوا إحدى المناضِدِ جانِبًا، وبالفِعلِ كان تَحتَها شاهِدُ قَبرٍ. كانَ حَجَرًا عادِيًّا، واطِئًا بِما يَكفي لإخفائِهِ تَحتَ مِنضَدَةٍ. وكانَت عَلَيهِ كِتابَةٌ بِحُروفٍ صَغيرَةٍ جِدًّا، اضطُرَّ المستَكشِفُ إلى النُّزولِ على رُكبَتَيْه لِكَي يِقرَأَها. وكانَ المكتوبُ: "هُنا يَرقُدُ القائِدُ القَديمُ. وأَتباعُهُ -الَّذينَ لا يُباحُ لَهُم الآنَ أَنْ يُفصِحوا عن أَنفُسِهم- قد حَفَروا له هذا القَبرَ، ووَضَعوا عَلَيهِ هَذا الشَّاهِدَ. وتَقولُ النُّبوءَةُ إنَّ القائِدَ بَعدَ عَدَدٍ مُقَدَّرٍ مِنَ السَّنواتِ سَيقومُ من قَبرِهِ، ويَقودُ مِن هذا البَيتِ أَتباعَهُ لِيَستَرِدُّوا المستَعمَرَةَ ويُعيدوها إلى قَبضَتِهم. فآمِنوا وانتَظِروا!". "في مُستَعمَرَةِ العِقابِ" مُتَرجَمَةً عن الألمانِيَّة، مع ثلاثِ قصَصٍ أُخرى لفرانس كافكا، مِن أَهَمِّ الأَعمالِ القَصَصيَّةِ المنشورَةِ في حَياتِه.
مدينة بلا نهاية
أولا لينسه أدب مترجم حديثفَوضى دافِئَةٌ أَمْ نِظامٌ بارِد؟!... إنَّ لَحظَةَ الوداعِ تِلكَ جَعَلَتها تَشعُرُ بِفَخامَةِ الأُمسيِةَ، الَّتي كانَت بِمَثابَةِ العامِلِ الَّذي حَطَّمَ حوائِطَ الغُرفَةِ الضَّيِّقَة. لا يُمكِنُ في الحَقيقَةِ أَنْ تَكونَ هُنا أبدًا. هَل هذا جُنونٌ، أَنْ تَعودَ وَحيدَةً مَرَّةً أخرى! إنَّها لَم تَعُدْ تُريدُ ذَلِكَ. اللَّعنَةُ على الوحدَةِ مَرَّةً أخرى! إنَّها تَقِفُ الآنَ على ذَلِكَ المنحَدَرِ بالضَّبطِ، على حافَّةِ نَفسِها، وهي لا تُريدُ إلَّا أَنْ تَقفِزَ من فوقِ هَذا المنحَدَرِ لِتَسقُطَ فَقَط، ولا يَهمُّها إلى أَينَ. إنَّ القوانينَ هِيَ ما يَضبِطُ تِلكَ الأُمورَ، ولَيسَ لأَنَّنا في الغَربِ أُناسٌ أَفضَلُ مِنهُم. لَم يَعُدْ النَّاسُ هُنا يَشعُرون بالخَطَأ. أَنا أَشعُرُ به بالفِعلِ، لَكِنَّ الآخَرين لا... ما دُمْتِ تُصارِعين المدينَةَ؛ لَن يُمكِنَكِ إنجازُ عَمَلَكِ".
فكر بنفسك! (عشرون تطبيقًا للفلسفة)
ينس زونتجن فكركانَ أَغلَبُ الفلاسِفَةِ المهمِّين تَقريبًا مِن جامِعي الكُتُبِ. عَلَى سَبيلِ المثالِ: أَفلاطون، وكان رَجُلًا غَنِيًّا، كانَ يَشتَري النُّصوصَ الفَلسَفِيَّةَ النَّادِرَة، حَتَّى أَنَّه كانَ يَدفَعُ أَحيانًا مَبالِغَ طائِلَةً. وكانَ أَرسطوطاليس نَفسُه يَمتَلِكُ مَكتَبَةً كامِلَةً أَهداها بَعدَ وَفاتِهِ لِتِلميذِه ثِيوفراسطوس. ولَكِنْ جَمْعُ الكُتُبِ يُعَدُّ فَقَط المَظهَرَ الخارِجِيَّ للتَّجميعِ الفَلسَفيِّ. الفلاسِفَةُ "جامِعو أَفكارٍ". حَتَّى القِراءَة، هَذا النَّشاطُ القَديمُ للفَلاسِفَةِ، هُو لَونٌ مِن أَلوانِ التَّجمِيعِ. وحَتَّى اليَومِ يُمكِنُ للمَرْءِ في اللُّغَةِ الأَلمانِيَّة أن يتحدث عن ال ( weinlese) قطف العنب وجمعه، وأحد أنواع القطف أو الجمع هذه تتمثل في قراءة أحد الكتب ؛ فالقارئ يتجول عبر السطور والصفحات مثلما يكون الحال في التجول عبر حقل العنب، وهو يجمع إبان تجواله الفواكه العقلية والروحية من هنا وهناك.
الجماهير والسلطة
إلياس كانتى فكروهَذا النُّفورُ مِن التَّلامُسِ يُلازِمُنا حَتَّى وَنَحنُ بَينَ النَّاسِ، فَقَد أَمْلَت عَلَينا هَذِهِ الرَّهبَةُ أُسلوبَ حَرَكَتِنا في الطَّريقِ بَينَ كَثيرٍ مِنَ النَّاسِ، وكَذَلِكَ في المطاعِمِ والقِطاراتِ والحافِلاتِ. حَتَّى إذا اقتَرَبنا كَثيرًا مِن آخَرين، وكانَ بِوُسعِنا تَأَمُّلُهم ومُعايَنَتُهم بِدِقَّةٍ فَإنَّنا نَتَفادى أَيَّ احتِكاكٍ بِهِم قَدْرَ الإِمكانِ، فإذا ما فَعَلنا ذَلِكَ يَكونُ هُناكَ شَيءٌ ما قَد أَثارَ إعْجابَنا؛ فَنُبادِرُ بالاقْتِرابِ مِنهُم. أَمَّا الاعْتِذارُ السَّريعُ المُعَبِّرُ عَن احتِكاكٍ غَيرِ مُتعَمَّدٍ، والقَلَقُ انتِظارًا لِذَلِكَ، وَرَدُّ الفِعلِ الحادِّ الَّذي يَكونُ جَسَديًّا أحْيانًا -حَتَّى لَو لَم يَحدُث ذَلِكَ- والنُّفورُ والكَراهِيَةُ تِجاهَ مَن ارتَكَبَ ذَلِكَ، حَتَّى مَعَ الشَّكِّ أَنَّه ارتَكَبَ ذَلِكَ- فَإنَّ هَذهِ السِّلسِلَةَ الكامِلَةَ مِن رُدودِ الفِعلِ النَّفسِيَّةِ تِجاهَ مُلامَسَةِ الغَريبِ في حالاتِها المتَقَلِّبَةِ المتَطَرِّفَةِ المستَفِزَّةِ تُثبِتُ أَنَّ الأَمرَ هُنا يَدورُ حَولَ شَيءٍ عَميقٍ لِلغايَةِ، ومُتيَقِّظٍ، ومُرْبِكٍ دائِمًا: أَنَّه شَيءٌ يُلازِمُ المرءَ أَبَدًا إذا ما أقامَ حُدودًا حَولَ نَفسِه. وهَذا النَّوعُ مِن الرَّهبَةِ يُسَبِّبُ الشُّعورَ بالاضطِرابِ حَتَّى أَثناءَ النَّومِ، حينَما يَكونُ المرءُ غَيرَ قادِرٍ عَلى الدِّفاعِ عَنْ نَفسِه.
الجوع
كنوت همسون أدب مترجم كلاسيكيسَأقولُ لَكَ شَيئًا واحِدًا يا إِلَهي الطَّيِّب... يَكفي هَذَا". "أَنتَ فَقيرٌ لِدَرَجَةٍ لا تَسمَحُ لَكَ بوجودٍ، أَنتَ جَوعانُ". "فَأخَذتُ أُكَلِّمُ نَفسي هَمسًا، فِيمَ كُلُّ هذا الاهتِمامِ بِما عَسَايَ آَكُلُه؟ وبِمَا عَسايَ أَشرَبُهُ، وبِمَا عَسايَ أَكسو بِهِ جَعْبَةَ الحَشَراتِ الحَقيرَةَ الَّتي اسْمُها جَسَدي الفاني؟ أَوَ لَيسَ اللهُ رَبُّ السَّماواتِ والأَرضِ يَرزُقُني كَما يَرزُقُ الطَّيرَ في الجَوِّ؟... فَكَم مِنْ مَرَّةٍ تَرَكَني أَغدو وأَروحُ في أَمنٍ؟... أَسيرُ، ولَمْ يُنْزِلْ بي مَكروهًا؟... هُوَ اللهُ السَّرمَدِيُّ".
آخر الأيام الدافئة
ريكاردا أدب مترجم حديثقِصَّةُ حُبٍّ عائِلِيَّةٌ، لَكِنَّها بِالأَساسِ قِصَّةُ عائِلَةٍ فَرَّقَها جِدارُ بِرلين. تَبحَثُ آنا ذاتُ التِّسعَةِ وعِشرين عامًا عَن جَدِّها الَّذي هَرَبَ إلى ألمانيا الشَّرقِيَّة عامَ 1961، واختَفَى بَعدَها مُباشَرَةً. تَجِدُ آنَّا في بَحثِها حُبَّها الحَقيقِيَّ قَبلَ أَنْ تَتَكَشَّفَ قِصَّةُ جَدِّها، وتَتَغَيَّرَ حَياتُها تَمامًا. كَيفَ أَثَّرَ جِدارُ بِرلين وانْهِيارُه عَلَى جِيلٍ بَأَكمَلِهِ اجتِماعِيًّا ونَفسِيًّا، وكَيفَ بَدَأَت تِلكَ التَّحَوُّلاتُ الثَّورَةَ الاجتِماعِيَّةَ في ألمانيا، هِيَ قِصَّةٌ بانورامِيَّةٌ لِتاريخِ أَلمانيا الاجتِماعِيِّ الحَديثِ مُنذُ الخَمسيناتِ إِلَى الآن، قِصَّةٌ عَن الحُبِّ والخِيانَةِ عَن الوَطَنِ والغُربَةِ وعَن سُؤالِ الحُرِّيَّةِ: هَلْ نَبقَى أَمْ نَرحَلُ؟ السِّياسَةُ لَها تَأثيرُها عَلَى الحَياةِ الخاصَّةِ لِلعائِلاتِ يُمكِنُ أَنْ تُدَمِّرَ الأُسرَةُ أَحيانًا. تَجعَلُ ريكاردا يونجه هَذا واضِحًا تَمامًا في رِوايَتِها.
والتقى الإنسان بالكلب
كونراد لورنتس فكرفي هذا الكتاب يعود العالِمُ المُختَصُّ في سلوك الحيوان، أو الرجل الذي تحدَّث إلى الحيوانات والطيور والأسماك في كتابه الأول "خاتم الملك سليمان"- إلى عالَمِه الأثير، عالَمِ الحيوانات المستأنَسة، وخصوصًا علاقة الإنسان بالكلب. هذه العلاقة التي تمتدُّ لأكثر من خمسة عشر ألف عام، حيث الكلب هو أوَّل حيوان مُستأنَس، وبين النوعين تاريخ طويل من التحوُّل والتطوُّر، من الصداقة العميقة، والمشاركة في الصيد والرَّعي والزراعة والجَرِّ والحمل والانتقال واللعب. للإنسان حيوانات كثيرة، وأصحاب كُثرٌ، لكن ليس للكلب سوى صديقٍ واحدٍ أو صاحب واحد، وفي هذا الكتاب يشرح لورنتس كيف كانت وكيف تكون هذه العلاقة، بداية من اختيار الكلب، وتدريبه، وفهم طباعه، وطريقة مُعامَلَتِه بناء على ما هو مطلوب من الكلب، هل هو كلبٌ لأداء مَهمَّة مُحدَّدة، كالصَّيد أو الرعي أو الخدمة في الشرطة والحروب، أم هو أنيسٌ للإنسان في وحدته وعُزلَته عن الآخرين. يرى لورنتس أن المَحبَّة التي يُقدِّمها الكلب للإنسان هي مَحبَّة غير مشروطة، مَحبَّة خالصة، دون خُطَّة، ودون مُقابلٍ، سوى اليد التي تُربِّت عليه وتمنحه الطعام، وعلى الإنسان أن يُقدِّم مَحبَّةً مُطابِقةً تمامًا لهذا الحب الخالص، يشكُّ كونراد في أننا نستطيع؛ فمهما فعلنا سيظلُّ الكلب هو الأوَّل في المَحبَّة، سيظلُّ أوفى صديقٍ للإنسان.
إردوجان
جان دوندار مصوريعرض الصحفي التركي جان دوندار قصَّة صعود رجُلٍ إلى السُّلطة، رجل لا يتورَّع عن استخدام أي وسيلة لبلوغ هدفه، والغاية عنده تُبرِّر دائمًا الوسيلة. "الكتاب رواية مُصوَّرة صدَرَت العام الماضي، المؤلِّف هو الصحفي التركي جان دوندار، الذي كان رئيسَ تحرير أقدم صحف تركيا وأكثرها شُهرَة، صحيفة "جمهورييت"، والرسومات الجميلة للفنان المصري السوداني محمد أنور".
التفكير بشجاعة
ماري لويزا فريك فكرماذا كان التنوير؟ وهل نعيش الآن نهاية عصر التنوير؟ يبدو للبعض وكأن هذا ما يحدث بالفعل، وخصوصًا عند النظر إلى ما يحدث حولنا من ازدياد الشعبوية السياسية، وتَصاعُد العنف الديني، وفُقدان الثقة في العِلم ووسائل الإعلام. تقودنا الفيلسوفة الألمانية الـمُعاصرة ماري- لويزه فريك، عبر أروِقَة التاريخ والتَّصوُّرات الـمُختلفة عن التفكير التنويري، وتوضِّح: إن التنوير ليس إرثًا ثقافيًّا نعرف دائمًا مسبقًا محتواه، بل هو في جَوهَرِه القُدرَةُ على التفكير بشجاعة واستقلالية، وهو ما يجب علينا أن نواصل القيام به، ونعيد اكتشافه واكتشاف أنفسنا معه دائمًا من جديد. أو بتعبير فريك: "يكمُن مستقبل الإنسانية بين اليأس والجرأة".
سيمونه وأنا
سيمونه ف. باومان مصوري مشاهد قصيرة، تصف سيمونه ف، باومان بطرق متنوعة، وباستخدام صور قوية بعض المواضيع التي تشغلها، وتشغل كثير من الشباب ، ويطرحون الأسئلة بشأنها ، وخصوصا لشعورها المستمر بالإكراه، على كل ما يفعلون تقريبا. قصصها جامحةـ وتصور العالم على أنه فوضوي وكئيب - ولكن دائما مع قليل من الكوميديا السوداء. يقدم الكتاب نظرة عميقة ومحاولة لفهم مشاعر سيمونه وأفكارها، ويترك لدى القارئ انطباعا يدوم، وأسئلة تحتاج إلى تأمل عميق.