"هَل يَأسَفُ عَلى وُقوعِ الثَّورَةِ الفَرَنسيَّةِ مَن لا يُريدُ أَنْ يَكونَ مُسَخَّرًا لِصَيدِ الضَّفادِعِ في الغُدْرانِ لِكَيْلَا تُقْلِقَ الأَميرَ الإِقطاعِيَّ في نَومِه؟ وهَلْ يَنوحُ عَلى حُدوثِها مَن لا يُريدُ أَنْ يَرى كِلابَ شَابٍّ عاتٍ تُخَرِّبُ حَقلَه؟ وهَلْ يَحزَنُ عَلى نُشوبِها مَنْ لا يُريدُ أَنْ يُسجَنَ في البَسْتيل لِوَلَعِ رَجُلٍ مِن بِطانَةِ المَلِكِ بِزَوْجَتِه، أَوْ لانْتِقادِهِ أَحَدَ الوُجوهِ؟ وهَل يَأسَى عَلَى اشتِعالِها مَن لا يُريدُ أَنْ يَبغِيَ عَلَيهِ وَزيرٌ أَو مُوَظَّفٌ، وأَنْ يَكونَ تَحتَ رَحمَةِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وأَنْ يُؤْخَذَ مِنهُ أَكثَرُ مِمَّا يُفرَضُ عَلَيهِ، وأَنْ يُهينَهُ ويَشْتُمَهُ مَنْ يَدَّعي أَنَّه فاتِحٌ؟ لِذَلِكَ أَشكُرُ -وَأَنا مِنَ الطَّبَقَةِ الوُسطَى- أُولَئِكَ الَّذينَ أَنقَذوني -بَعدَ عَناءٍ شَديدٍ- مِن هَذِهِ القُيودِ الَّتي لَوْلَاهُم لَظَلَّت تُقَيِّدُني، وَأُهَنِّئُهُم عَلَى الرَّغمِ مِن زَلَّاتِهِم". مِسيو إِميل أُوليڤييه "حَقًّا إِنَّ مَصدَرَ المُعتَقَداتِ -سِياسِيَّةً كانَت أَوْ دِينِيَّةً- لَمُشْتَرَكٌ، وَهِيَ خاضِعَةٌ لِسُنَنٍ واحِدَةٍ، أَيْ أَنَّها لا تَتَكوَّنُ بالعَقلِ، وكَثيرًا ما تَتَكَوَّنُ خِلافًا لما يَقتَضيهِ العَقلُ، فَالبَدَهيَّةُ (البُوذِيَّة) والإِسلامُ والإِصلاحُ الدِّينيُّ واليَعقُوبِيَّةُ والاشتِراكِيَّةُ، وإِنْ لاحَت عَلَى شَكلٍ فِكرِيٍّ ظاهِرٍ، هِيَ بالحَقيقَةِ قائِمَةٌ عَلَى عَواطِفَ وَتَدَيُّناتٍ مُتَماثِلَةٍ، وتَخضَعُ لِمَنطِقٍ لا عَلاقَةَ بَينَه وبَينَ المنطِقِ العَقْلِيِّ أَبَدًا. تَنشَأُ الثَّوراتُ السِّياسِيَّةُ عَن مُعتَقَداتٍ تَأصَّلَت في النُّفوسِ، وَلَكِنَّها قَد تَنشَأُ عَن أَسبابٍ أُخرى تَجمَعُها كَلِمَةُ الاستِياءِ، فَمَتَى عَمَّ هَذا الاستِياءُ تَأَلَّفَ حِزبٌ قادِرٌ عَلَى مُكافَحَةِ الحُكومَةِ.