تابعنا علي مواقع التوصل الاجتماعي

لَقَد بَدَأتُ كِتابَةَ هـذا البَحثِ مُباشَرَةً بَعدَ أَحداثِ سبتمبر/ أكتوبر 1981، تُؤَرِّقُني احتِمالاتُ المستَقبَلِ، أَكَثرَ مِمَّا يَستَغرِقُني التَّأَمُّلُ في أَحداثِ الماضي. غَيرَ أَنِّي كُنتُ على وَعيٍ بِأنَّ اللُغَةَ المُمَوَّهَةَ للسِّياسَةِ العَملَيَّةِ لا تُساعِدُ الكاتِبَ عَلى التَّعبيرِ، كما لا تُساعِدُ القارِئَ عَلى الفَهمِ؛ فَهذِه اللُّغَةُ تَكتَظُّ بالمفهوماتِ القاصِرَةِ، والمدلولاتِ المغلوطَةِ، والمعاني الغامِضَة... والنَّاسُ غارِقون في طوفانٍ مِنها، مِمَّا تُنتِجُه الصُّحُفُ السَّيَّارَةُ، وخُطَبُ المناسَباتِ، والاجتِهاداتِ شِبهِ الفِكريَّةِ المتَداوَلَةِ... وإذا كانَ الأَمْرُ يَتَعلَّقُ بالوضوحِ الفِكريِّ، فإنَّ أَقصَرَ الطُّرُقِ هُوَ أَطوَلُها، وأَشَقُّها؛ لِذَلِكَ وَجَدتُ لِزامًا عَليَّ -حَتَّى وأنا في عَجَلَةٍ، بَلْ رُبَّما لأَنِّي أَصبَحتُ أَكثَرَ احتِرامًا لِعُنصُرِ الوَقتِ- أَنْ أَخوضَ في هذا الحَديثِ عن الأُصولِ، تَمهيدًا لِوصولٍ واثِقٍ إلى الواقِعِ السِّياسِيِّ المُعاشِ، واستشِرافـًا لاحتِمالاتِ المستَقبَل. "انتهى المؤَلِّفُ إلى أَنَّ إشكالِيَّةَ المجتمَعِ المصرِيِّ وأَزمَتَه هي ظُهورُ الطَّبَقَةِ الوُسطَى، الَّتي تُحاوِلُ أَنْ تَدخُلَ إلى قَلبِ مُعادَلَةِ السُّلطَة، وهَكَذا انتَهى «زَهران» إلى ثَورِيَّةِ الطَّبَقَةِ الوُسطَى، باعتِبارِها صاحِبَةَ مَصلَحَةٍ في التَّغيير، وقادِرَةً عليه، مِثلَما اعتَبَرَ «ماركس» -في سِياقٍ تَاريخيٍّ وجُغرافيٍّ مُغايِرٍ- أَنَّ الطَّبَقَةَ العامِلَةَ صاحِبَةُ مَصلَحَةٍ في التَّغييرِ، وقادِرَةٌ عَلَيه".