ظهور الصغير جن (جن الحافى ج1)
ناكازاوا كيجي مصوركانَت هَذِهِ القِصَّةُ المُؤلِمَةُ لِهيروشيما واحِدَةً مِن سِلسِلَةِ المانجا اليابانِيَّةِ الشَّهيرَة. هِيَ تَذكيرٌ بالمُعاناةِ الَّتي تَجلِبُها الحَربُ إلى الأَبرياءِ. تَتَحدَّثُ مَشاعِرُه وخِبْراتُه مَعَ الأَطفالِ والكِبارِ في كُلِّ مَكانٍ. يَشرَحُ: "أنا أَكرَهُ أَصحابَ النُّفوذِ الَّذين يُجبِرونَ النَّاسَ عَلى الذَّهابِ إلى الحَربِ، إِنَّهم يَخدَعونَهم وَيَستَخدِمونَهم كما يَستَخدِمون الرَّصاصَ في البَنادِق". يَحكي "جِنّ" ذو السِّتِّ أَعوامٍ، بَطَلُ السِّلسِلَةِ، في الجُزءِ الأَوَّلِ مِن عَشرَةِ أَجزاءٍ- الأَحداثَ الَّتي أَدَّت إِلى القَصْفِ الذَّرِّيِّ عَلى هيروشيما. وعَلَى لِسانِ أَبيهِ المُناهِضِ لِلحَربِ، والإِمبراطورِ اليابانيِّ حينَها. يَعرِضُ كَيفَ تَمَّ استِغلالُ الوَطَنِيَّةِ في أَعمالٍ وَحشِيَّةٍ وقَتلِ المزيدِ مِنَ المواطِنين.
دوس على القمح بالأقدام (جن الحافى ج2)
ناكازاوا كيجي مصورقِصَّةُ "جن" المسْتَوْحاةُ مِن السِّيرَةِ الذَّاتِيَّةِ لِلكاتِبِ ناكازوا كيجي. كانَ عُمرُهُ سَبْعَ سَنَواتٍ فَقَط عِندَما ضَرَبَت القُنبُلَةُ الذَّرِّيَّةُ مَسقَطَ رَأسِهِ "هيروشيميا". يَحكي عَن ناسٍ عادِيِّين يَتَعامَلون مَعَ أَوضاعٍ استِثنائِيَّةٍ، سواءٌ في الأَيَّامِ الأَخيرَةِ للحَربِ العالَميَّةِ الثَّانِيَّة أو بَعدَ الهُجومِ الذَّرِّيِّ مُباشَرَةً. "وحَدَثَ في ناجازاكي -مِثلَما حَدَثَ في هيروشيما-؛ ماتَ وأُصيبَ عَشراتُ الآلافِ مِن البَشَرِ... ناسٌ عادِيُّون ضُعفاء، ماتوا مِن أَجلِ أَصحابِ السُّلطَةِ". يَحكي الجُزءُ الثَّاني قِصَّةَ ما بَعدَ إِلقاءِ القُنبُلَةِ الذَّرِّيَّةِ على هيروشيما: جنّ وأُمُّه وأُختُه -المولودَةُ حَديثًا- يُواجِهون أَهوالَ اليَومِ التَّالي للقُنبُلَة...
ظهور البراعم (جن الحافى ج3)
ناكازاوا كيجي مصوريَحكي الجُزءُ الثَّالِثُ عن رِحلَةِ بَحثِ "جِنّ" ووَالِدَتِه وأُختِه الصَّغيرَةِ عَن مَكانٍ للرَّاحَةِ في أَعقابِ القُنبُلَةِ. وفي مُواجَهَةِ الجوعِ والرَّفضِ والإِذْلالِ، يُدرِكُون أَنَّهُم ما زالوا يَملِكُون، ويُمكِنُهم مُشارَكَةُ مُمتَلكاتِهِم الحَقيقيَّةِ: احترامِهِم لِذَاتِهِم، وَأَمَلِهم، وقُوَّتِهم الدَّاخِلِيَّة. "أُريدُ أَنْ أَقتُلَ جَميعَ الأَغنياءِ وَقادَةَ الحَربِ الَّذين لَمْ يُفَكِّروا إِلَّا في مَصالِحِهم الشَّخصِيَّةِ... آه! في الواقِعِ لا توجَدُ حَماقَةٌ أَكبَرُ مِن حَماقَةِ إِشعالِ حَرْبٍ. لَقَد تَعَذَّبنا بِسَبَبِ الحَربِ". يَقضي "جِنّ" في الجُزءِ الثَّالِثِ الكَثيرَ مِنَ الوَقتِ بَحثًا عَن الطَّعامِ، ويَعتَني بِرَجُلٍ يُعاني مِن مَرَضِ "القُنبلَة"، ويَتَعَرَّضُ للتَّهديدِ والإِساءَةِ مِن قِبَلِ عائِلَتِه. قُربَ نِهايَةِ هَذا الجُزءِ يُعلِنُ الإِمبراطورُ عَن استِسْلامِهِ في 15 أغسطس 1945. يَتِمُّ بَثُّ الخِطابِ عَبرَ الرَّاديو، ويُراقِبُ الأَطفالَ البالغين في حُزنِهِم أَو غَضَبِهم...
نضوج القمح الأخضر (جن الحافي ج4)
ناكازاوا كيجي مصورواصَلَ جِنّ وأُمُّهُ النِّضالَ مِن أَجلِ الطَّعامِ والمَأوى وَسْطَ الفَوضَى والمُعاناةِ الإنسانِيَّةِ، وِبَرغمِ مُواجَهَةِ جِنّ أكثَرَ المَظاهِرِ الإِنسانِيَّةِ خِسَّةً، إِلَّا أَنَّه يَتَصَرَّفُ دائِمًا بِحُبٍّ وتَعاطُفٍ. "كُنْ قَويًّا مِثلَ القَمحِ، القَمحُ يُخرِجُ البَراعِمَ في الشِّتاءِ القارِسِ، ويُداسُ عَلَيهِ كَثيرًا فتَلتَصِقُ جُذورُه في الأَرضِ بِقُوَّةٍ، وتَنمو بَراعِمُهُ مُستَقيمَةً، وتُصبِحُ ثِمارًا عَظيمَةً، كُنْ قَويًّا مِثلَ القَمحِ". يَفقِدُ جِنّ في الجُزءِ الرَّابِعِ الكَثيرَ، ويَتَعَلَّمُ أَكثَرَ في رِحلَتِه لِلبَحثِ عَن أُختِهِ المخطوفَةِ، وعَن المالِ اللَّازِمِ للنَّجاةِ. يُواجِهُ الجُنودَ الأَمريكانَ عَلى الأَراضي اليابانِيَّةِ، ويُواجِهُ المشاكِلَ النَّفسِيَّةَ لِضَحايا القُنبُلَة.
أنا قط ج2
نتصوميه صوسيكى أدب مترجم كلاسيكيليس هناك شيءٌ صعبُ الفَهمِ مِثلَ صُعوبَةِ فَهْمِ نَفسيَّةِ الإنسان، فمَثَلًا: أنا لا أَعرِفُ هل سَيِّدُ المنزِلِ الآنَ غاضِبٌ أو مَسرور؟ هل يَقرَأُ كُتُبَ الفلاسِفَةِ لِيَعرِفَ طريقَ الوصولِ إلى الرَّاحَةِ النَّفسيَّة؟ لا أَستَطيعُ أَن أعرِفَ هَل لا يَعبَأُ بالدُّنيا أَمْ أنَّه يُريدُ أَن يَكونَ جُزءًا منها؟ هَل يَفقِدُ أَعصابَه بِسَبَبِ أَشياءَ تافِهَةٍ؟ هَل هو مُنعَزِلٌ في عالَمٍ آخرَ غيرِ عالَمِنا؟ نَحنُ القِطَطَ نَقومُ بِعَملِ كُلِّ شَيءٍ بوضوحٍ، سواءٌ كان المشيَ أو الوُقوفَ أو الجُلوسَ أو النَّومَ، حتَّى التَّبَوُّلَ أو التَّبرُّزَ؛ فَحياتُنا مُذَكَّراتٌ حَقيقيَّةٌ وواضِحَةٌ لِما نَفعَلُه، ولَسنا في حاجَةٍ إلى مُذكِّراتٍ تُخفي وُجوهَنا الحَقيقيَّةَ. إذا كان لَديَّ وقتُ فَراغٍ لِكتابَةِ مُذكِّراتٍ فأنا أُفَضِّلُ استِغلالَ ذَلِكَ الوَقتِ في النَّومِ في الشُّرفَة.
المادة السوداء
بليك كراوتش أدب مترجم حديثهل أنت سعيد في حياتك؟... "لا يُخبِرُكَ أحدٌ أن كُلَّ شَيء على وَشكِ أن يَتغيَّر، أن يُستَلَب. لا يوجَدُ أيُّ تَنبيهٍ بالاقتِراب، ولا أيُّ مُؤشِّرٍ بأنَّكَ تَقِفُ على شَفا الهاوِيَة. ولَعلَّ هذا هو ما يَجعَلُ المأساةَ مَأساويَّةً إلى هذا الحَدِّ. ليس فَقَط ما يَحدُثُ؛ بَل كَيفَ يَحدُثُ: لَكمَةٌ مُفاجِئَةٌ تَأتيكَ من حَيثُ لا تَدري، عِندما تكونُ هي آخِرَ ما تَتوقَّعُه. لا وَقتَ لتَجفُلَ أو لِتَستَعِدَّ". بليك كراوتش- المادَّةُ السَّوداء "روايَةٌ بارِعةُ الحَبكَة، حِكايَةٌ عاصِفَةٌ وحَميميَّةٌ، غَريبَةٌ على نَحوٍ يُذهِلُ العَقلَ، وعَميقَةُ الإنسانيَّةِ في الوَقتِ نَفسِه. قِصَّةُ خَيالٍ عِلميٍّ مُثيرَةٌ ومُدهِشَة، بلا هَوادَة، عن الاختيارات، والطُّرُق الَّتي لم نَسلُكْها، وإلى أَيِّ مَدًى يُمكِنُ أن نَذهَبَ لنُطالِبَ بالحَياةِ الَّتي كُنَّا نَحلُمُ بِها". نيويورك تايمز بوك ريڤيو
سنوات التيه
محمد سليم شوشة أدب عربيالمشنَقَةُ الرابِعَةُ فوقَ البابِ مُباشَرَةً، وهي الأُولى من حَيثُ الصُّنعِ، أَعدَدتُها من مفرَشِ سَريرٍ أَشَدَّ قَذارَةً من المفرَشِ الحالي، رُبَّما يكون الدَّافِعُ الأَوَّلُ للمَشانِق كُلِّها هو مفرَشُ السَّريرِ، وليسَ مَديحَة. لَيسَ الآنَ وَقتُ البَحثِ عن أسبابِ المشانِقِ؛ فالمشانِقُ لا تَحتاجُ لأَسبابٍ، قد تَظهَرُ في حياةِ أَيِّ أَحدٍ بدون أيِّ سَببٍ، رُبَّما تأتي في صورَةِ جُنونٍ أو اضطرابٍ خَفيفٍ، أو حتَّى مُجرَّد قَلَقٍ. أنا لا أَهربُ من المواجَهَة، ولكِنْ -بِصدقٍ- أُريدُ ألَّا أنشَغِلَ كثيرًا بأسبابِ المشانِقِ... الأَجدَى هو أَنْ أُجرِّبَها، أَنْ أَختَبِرَ قُدرَتَها على قَتلي...
عناق على كوبرى قصر النيل
جلال الشايب أدب عربيالأَمرُ ليسَ مُجرَّدَ استعادَةِ كَرامَتِنا ومكانَتِنا وسطَ شُعوبِ العالَمِ، ولَيسَ مُجرَّدَ ثَورَةٍ تَتعَرَّضُ فيها أَرواحُنا للهَلاكِ، ولَيسَ مُجرَّدَ الانتِقامِ مِمَّن أفْسَدوا حياتَنا على مَدَى ثلاثين عامًا... الأَمرُ ليس ذلك فحَسبُ. هذه الثَّورَةُ هي تَحَدٍّ لوُجودِنا كَأُمَّةٍ، لِقُدرَتِنا على أَنْ نَفعَلَ شَيئًا، هَذِه الثَّورَةُ هي الاختِبارُ الأَخيرُ لقُدرَتِنا على أن نَحلُمَ بِغَدٍ أَفضَلَ. وأَنْ نُواصِلَ الحَياةَ ونَحنُ مُقتَنِعون بِقُدرَتِنا على تَحويلِ الحُلمِ إلى حَقيقَةٍ. أنْ نَبني وَطَنًا يَكونُ لنا وليسَ علينا. إنْ نَجَحَت هَذِه الثَّورَةُ نَجَحَت حياتُنا معَها، وعَرَفنا أَنَّ كُلَّ شَيء مُمكِنٌ مع الأَمَلِ والعَمَلِ والصَّبر، وإِنْ خَسِرناها عَلِمنا أنَّه لا فائِدَةَ، وأنَّ هذا الوَطَنَ لَيس وَطَنَنا، بَل لَيسَ وَطنًا..
القط الأسود وقصص أخرى
إدجار آلان بو أدب مترجم كلاسيكيلَقَد انحدَرتُ الآنَ إلى دَرْكٍ يَنحَطُّ بي عن صِفَةِ الإنسانيَّة!... كيف يُصيبُني بمِثلِ هذا الوَيلِ حَيوانٌ بهيميٌّ كهذا -قَتَلتُ مِثلَه بمَحضِ إرادَتي مُسبَقًا- وأنا الإنسانُ المخلوقُ على صورَةٍ كريمَةٍ، عَكسَه. اشتُهِرَ إدجار آلان بو بكتاباتِه في الرُّعبِ القوطيِّ؛ إذْ يَمتَزِجُ الغموضُ بالشَّرِّ والظَّلام. حياتُه بِحَدِّ ذاتِها بُؤسٌ مُتواصِلٌ، هَجَرَه أبوه، وماتت أُمُّه وهو طِفلٌ لِتُرَبِّيَه عائِلَةٌ أُخرى. أَدمَنَ الخَمرَ بَعدَ وَفاةِ زَوجَتِه. مات في الأَربعين من عُمرِه، عُثِرَ على جُثَّتِه مُلقاةً في الطَّريقِ، وهو يَرتَدي ملابِسَ غَريبَةً. لا زالَ الغُموضُ يُحيطُ بِسِرِّ مَوتِه؛ إذْ أنَّ جَميعَ سِجِلَّاتِه الطِّبِّيَّةِ اختَفَت بعدَ مَوتِه بِشكلٍ مُريبٍ من المشفَى الذي نُقِلَت إليه جُثَّتُه. القِطُّ الأَسوَدُ هي قِصَّةٌ قَصيرةٌ ضِمنَ تلك المجموعَةِ القَصصيَّةِ لإدجار الآن بو. نُشِرَت لأوَّلِ مرَّةٍ عام 1843. بِرَغمِ كَونِها قِصَّةً أدبيَّةً، يَعتَبِرُها البَعضُ دِراسَةً لِعِلمِ نَفسِ الذَّنبِ. قِصَّة لا تُنسَى حولَ قِطٍّ أسودَ يُسَبِّبُ تَدَهوُرَ حياةِ رَجُلٍ.
شبح كانترفيل
أوسكار وايلد أدب مترجم كلاسيكيحكايَةُ أوسكار وايلد العَفويَّة عن أشباحٍ إنجليزيَّةٍ رَصينَةٍ تَتصادَمُ مع عائِلَةٍ أمريكيَّةٍ مُتَوحِّشَة تَحظَى بالمَرَح... يَحظى مَنزِلُ كانترڤيل بجميعِ زَخارِفِ مَنزِلٍ رِيفيٍّ تقليديٍّ مَسكونٍ، بِما في ذلك مجموعاتٌ كَبيرةٌ من الدُّروعِ وجدران المكتَبَةِ المُغَطَّاة بالأَلواحِ القوطيَّة. لَكِنْ يُصبِحُ من المستحيل تَجاهُلُ الإشاراتِ المخادِعَة الَّتي تَقولُ إنَّ "السِّير سايمون" يُطارِدُ المنزِلَ، مُستَخدِمًا الشَّكلَ المعتادَ لأدواتِ "الهالْوِين" من سَلاسِلَ مُظلِمَةٍ، وبُقَعِ الدَّمِ. المفاجِئُ والمثيرُ للدَّهشَةِ: عائِلَةُ أوتيسيس، عائِلَةٌ أمريكيَّةٌ حَديثَةٌ، لا تَخافُ، بَل تَستَمتِعُ وتَفرَحُ بتِلكَ الأحداثِ!... على الرَّغمِ من كُلِّ جُهودِ السِّير سيمون البَرَّاقَة والتَّغييرات في الزِّيِّ؛ مُزيلِ البُقَعِ لتَنظيفِ بُقَعِ الدَّمِ، والزَّيتِ لِمَنْعِ صَلصَلَةِ السَّلاسِلِ. لِيُواجِهَ الأَشباحُ الفُقراءُ مَقالِبَ ونِكاتٍ من التَّوأمَتَيْن الصَّغيرَتَيْن في العائِلَة. نوڤيلَّا من عام 1887 للأيرلندي- الإنجليزي، عبقري القرن الماضي: أوسكار وايلد... لا تَزالُ شَعبيَّةً بِرَغمِ قِدَمِها. تَحَوَّلَت لفيلمٍ عام 1944، ثُمَّ لِعِدَّةِ أفلامٍ أُخرى.
فى أصول السياسة المصرية
سعد زهران دراساتلَقَد بَدَأتُ كِتابَةَ هـذا البَحثِ مُباشَرَةً بَعدَ أَحداثِ سبتمبر/ أكتوبر 1981، تُؤَرِّقُني احتِمالاتُ المستَقبَلِ، أَكَثرَ مِمَّا يَستَغرِقُني التَّأَمُّلُ في أَحداثِ الماضي. غَيرَ أَنِّي كُنتُ على وَعيٍ بِأنَّ اللُغَةَ المُمَوَّهَةَ للسِّياسَةِ العَملَيَّةِ لا تُساعِدُ الكاتِبَ عَلى التَّعبيرِ، كما لا تُساعِدُ القارِئَ عَلى الفَهمِ؛ فَهذِه اللُّغَةُ تَكتَظُّ بالمفهوماتِ القاصِرَةِ، والمدلولاتِ المغلوطَةِ، والمعاني الغامِضَة... والنَّاسُ غارِقون في طوفانٍ مِنها، مِمَّا تُنتِجُه الصُّحُفُ السَّيَّارَةُ، وخُطَبُ المناسَباتِ، والاجتِهاداتِ شِبهِ الفِكريَّةِ المتَداوَلَةِ... وإذا كانَ الأَمْرُ يَتَعلَّقُ بالوضوحِ الفِكريِّ، فإنَّ أَقصَرَ الطُّرُقِ هُوَ أَطوَلُها، وأَشَقُّها؛ لِذَلِكَ وَجَدتُ لِزامًا عَليَّ -حَتَّى وأنا في عَجَلَةٍ، بَلْ رُبَّما لأَنِّي أَصبَحتُ أَكثَرَ احتِرامًا لِعُنصُرِ الوَقتِ- أَنْ أَخوضَ في هذا الحَديثِ عن الأُصولِ، تَمهيدًا لِوصولٍ واثِقٍ إلى الواقِعِ السِّياسِيِّ المُعاشِ، واستشِرافـًا لاحتِمالاتِ المستَقبَل. "انتهى المؤَلِّفُ إلى أَنَّ إشكالِيَّةَ المجتمَعِ المصرِيِّ وأَزمَتَه هي ظُهورُ الطَّبَقَةِ الوُسطَى، الَّتي تُحاوِلُ أَنْ تَدخُلَ إلى قَلبِ مُعادَلَةِ السُّلطَة، وهَكَذا انتَهى «زَهران» إلى ثَورِيَّةِ الطَّبَقَةِ الوُسطَى، باعتِبارِها صاحِبَةَ مَصلَحَةٍ في التَّغيير، وقادِرَةً عليه، مِثلَما اعتَبَرَ «ماركس» -في سِياقٍ تَاريخيٍّ وجُغرافيٍّ مُغايِرٍ- أَنَّ الطَّبَقَةَ العامِلَةَ صاحِبَةُ مَصلَحَةٍ في التَّغييرِ، وقادِرَةٌ عَلَيه".
شبيك لبيك ج1
دينا محمد يحيى مصورلَو مُمكِن تِشتِري أُمنِيَة واحْدَة فقَط، هَتِتْمَنَّى بيها إيه؟ تَخَيَّل عالَم زَيّ عالَمْنا في بَلَد زَيّ بَلَدنا، إنَّما الفَرْق الوَحيد إنَّك مُمكِن تِبيع وتِشتِري أُمنيات. هِيَّ دِي قِصِّة "شُبِّيكْ لُبِّيكْ"..
الكون والفساد
أرسطوطاليس فكريَكفي قَليلٌ من النَّظَرِ للعِلْمِ بأنَّ مِن الممتَنِعِ أَنْ تَنموَ الفَلسَفةُ بِذاتِها وحدها. من البَديهيِّ أنَّ جميعَ عَناصِرِالعَقلِ يَجِبُ أَن تَبلُغَ نَماءَها قَبلَ التَّأَمُّلِ؛ لأنَّ التَّأمُّلَ المرَتَّبَ عَلى نَمَطٍ مُعيَّنٍ لا يَظهَرُ إلَّا مُتَأخِّرًا وبَعدَ سائِرِ الملَكاتِ الأُخرى. ولَيس بي حاجَةٌ إِلى التَّبَسُّطِ في بَيانِ هَذِهِ الحَقيقَةِ المشاهَدَةِ في الأُمَمِ وفي الأَفرادِ عَلى السَّواءِ، وأَقتَصِرُ على أَنْ أُقَرِّرَ أَنَّ مَجرَى الأُمور في آسيا الصُّغرى لم يَكُن مُختَلِفًا عنه في غَيرِها؛ فإنَّ الفَلسَفَةَ على هَذِه الأَرضِ المخْصِبَةِ لم تَكُن نَبتًا مُنفَرِدًا ولا ثَمَرةً غيرَ مُنتَظَرَة. وقليلٌ من الكَلماتِ يَكفي في التَّذكير بأنَّها كانَت هي المنطَقَة المهيَّأَةَ لِهذا الإنتاجِ الشَّريفِ. إكسينوفان لَمَّا رأى ذاتَ يَومٍ كَلبًا يَضرِبُه بالسَّوْطِ صاحِبُه أَخَذَته الشَّفَقَةُ بِهَذا الكائِنِ الشَّقِيِّ، فقالَ: لا تَضرِبْ... تِلكَ هِيَ روحُ صَديقٍ تَعَرَّفتُه بِسَماعِ صراخِه.
الرقصة الساكنة
مانويل سكورزا أدب مترجم حديثالقَضيَّةُ أَمْ الذَّات؟ "وشَكَكتُ أنَّ الإنسان ذاتَه هو استعارَةٌ يَكسوها اللَّحمُ مُؤقَّتًا. هَل الإنسانُ لحمٌ يَكسو استعارَةً، أَمْ استِعارةٌ تُغَلِّفُ اللَّحمَ؟ فيما وراءَ الرِّياضيَّات الشَّائِعَة، خارِجَ مُتَناوَلِنا الغَبيِّ في الوَقتِ الحاضِر، هل تُفسِّرُ رياضيَّاتٌ سامِيَةٌ بوضوحٍ الخفايا الوَضَّاءَةَ للرَّغبَة، للغيرَة، للذِّكرى، للخِداعِ، للنِّسيان، للتَّلاعُب، لِتَعويضِ الخَسائِر، لِتَنازُلاتِ وانتِقاماتِ الحُبِّ والكُرْه، تِلكَ الأَحاجي الَّتي تُعَذِّبُنا؟ في النَّسَق الكَبير للكَونِ، بالنِّسبَةِ ‘للرِّياضيِّ الأَعظَمِ’ الَّذي يَتَسلَّى بِجَعلِنا نَعتَقِدُ أنَّنا أكثرُ مِن مُجرَّدِ تَبَدِّياتٍ، مُجرَّد رُموزٍ محكومٍ عليها بأن تُطيعَ -لا مَحالَةَ- اتِّجاهَ حَلَزونِها، هل تَجِدُ مَشاعِرُنا التَّعبيرَ عنها في مُعادَلاتٍ بسيطَةٍ بصورَةٍ باهِرَة؟ وبألَمٍ، بِحُبٍّ، بِرَغبَةٍ تَساءَلتُ: ماذا يُمكِنُ أن تَكونَ المعادَلةُ القادِرةُ على أن تَفتَحَ لي طريقًا صَوبَ حُبِّ تِلكَ المرأة.
تطور الحركة الوطنية المصرية
شهدى عطية الشافعى دراساتلا نَقصِدُ بِهَذا الكِتابِ تَأريخًا للحَرَكَةِ الوَطَنيَّةِ المِصريَّةِ؛ فَهذِهِ مَهَمَّةٌ لا يَستَطيعُ الاضطِلاعَ بِها فَردٌ واحِدٌ، وإنَّما يَكتَفي هَذا الكِتابُ بِدِراسَةِ المعالِمِ الرَّئيسيَّةِ للحَرَكَةِ الوَطَنيَّةِ، في تَطَوُّرِها، مُنذُ 1882 إلى يَومِنا هذا (1956). ولَنا مَنهَجٌ واضِحٌ في هَذِه الدِّراسَةِ، مَنهَجٌ عِلميٌّ قَوامُه أَنَّ تاريخَ التَّطَوُّرِ الاجتِماعيِّ هُوَ -أَوَّلًا، وقَبلَ كُلِّ شَيء- تاريخُ الشُّعوبِ، وأنَّ التَّاريخَ لا يُمكِنُ أَنْ يَكونَ عِلمًا حَقًّا إذا قَصَرَ نَفسَهُ عَلَى دِراسَةِ أَعمالِ المُلوكِ وقُوَّادِ الجُيوشِ، وأَخبارِ الغُزاةِ، وتَفاصيلِ المُفاوَضاتِ والمُعاهَدات. نَعَم، إنَّ للزُّعَماءِ والقادَةِ دَورَهُم في التَّاريخِ، ولَكِنَّهم لا يَستَطيعونَ أَنْ يَلعَبوا هَذا الدَّوْرَ إِلَّا بِمِقدارِ ما يُمَثِّلون قُوَّةً مُتقَدِّمَةً قَد تَهَيَّأَت لها ظُروفُ النُّضْجِ، بِحَيثُ تَستَطيعُ فِعلًا أَنْ تَسيرَ بالمُجتَمَعِ خُطوَةً إلى الأَمام. ومَعَ هَذا يَستَمِرُّ المُحَرِّكُ الحَقيقيُّ للتَّاريخِ هُوَ الشُّعوب، وتَحَرُّكاتُها، وثَوراتُها، وتَنظيمُها. ولا نَعني بِها هَذِهِ التَّحَرُّكاتِ العَفويَّةَ الطَّارِئَةَ، الَّتي ما إِنْ تَهُبَّ حَتَّى تَخْمُدَ، إنَّما هَذِهِ التَّحَرُّكاتُ العَميقَةُ المنتَظِمَةُ الَّتي تُعَبِّرُ عَن أَنَّ نِظامًا اقتِصادِيًّا وسِياسِيًّا مُعَيَّنًا أَصبَحَ لا يَصلُحُ للبَقاءِ، أَصبَحَ مُعَرقِلًا لِتَقَدُّمِ القُوى الإنتاجِيَّةٍ، أَصبَحَ مُحَطِّمًا لِمُستَوى المعيشَةِ للشَّعبِ وثَقافَتِه. ومِن ثَمَّ يَتَعيَّنُ وُجودُ نِظامٍ آخَرَ سِياسِيٍّ، ونِظامٍ آخرَ اقتِصاديٍّ، تَهُبُّ الملايينُ -بِقيادَةِ زُعَمائِهِم- مِن أَجلِ تَحقيقِه.
هنا بدن
بسمة عبد العزيز أدب عربيثُمَّ خَفَضتُ بَصَري أَطمَئِنُّ عَلَى يوسُفَ، فَفُوجِئتُ بِهِ يَتَشَمَّمُ يَدَهُ المُتَعَرِّقَةَ الَّتي التَصَقَ بِها فُتاتُ الكَعكَةِ، بَينَما سِلاحُهُ مُلَقًى بَينَ قَدمَيْه، صَوَّبتُ سِلاحي مِن جَديدٍ، وَرُحتُ أُطلِقُ الرَّصاصَ راجِيًا مِنهُ أَنْ يَفعَلَ مِثلي، فَأَمسَكَ سِلاحَهُ، وَمَدَّ ذِراعَهُ عَنْ آخِرِها، وحَرَّكَها يَمينًا وَيَسارًا دونَ أَنْ يَقَعَ مِنهُ فارِغٌ واحِدٌ: "أَنا لَستُ عِمادًا يا رَبيع". صِحتُ بِهِ مَمرورًا لا أَجِدُ الوَقتَ لِلجَدَلِ: "كُنْ عِمادًا اليَومَ فَقَط، مِن أَجلي"...
تسالونيكى
شريف العصفوري أدب عربيتَحَدَّى الزَّمَنَ في أَنْ يُحكِمَ قَبضَتَه عَلَى شَرِكَتِه وعَلَى العالَمِ لِمُدَّةِ خَمسَةٍ وأَربعينَ عامًا، خَرَقَ كُلَّ نواميسِ التَّلمودِ بِتَسليمِ شَرِكَتِه إِلَى ابْنَتِهِ المرأَة. بِداخِلِ ناثنيال ميزانٌ يَزِنُ نَظرَةَ الجُمهورِ والسِّياسِيِّين إِلَى قادَةِ الأَعمالِ ورُوَّادِ الصِّناعَةِ. إِنَّ واقِعَ الحالِ داخِلَ المؤُسَّسَةِ يَصنَعُ مِن الرُّؤَساءِ أَنصافَ آلِهَةٍ أَو أَبطالًا يونانِيِّين مِن العَصرِ القَديمِ، تَتَكاثَرُ حَولَهُم جُموعُ المُشَجِّعين المُتَهافِتِين، أَو تَتَراقَصُ في ظُلُماتِ رَدهَاتِ مَكاتِبِهم حَبائِلُ المَكائِدِ؛ للإِيقاعِ بِنَفسِ هَؤلاءِ أَنصافِ الآلِهَةِ أَو الأَبطالِ لِصالِحِ آخَرينَ.
الطابور
بسمة عبد العزيز أدب عربيلا شَيءَ مِمَّا يَحفَظانِهِ في الذَّاكِرَةِ مَوجودٌ في مَكانِهِ إِلَّا السَّيِّدَةَ المُتَسَوِّلَةَ الَّتي يَعرِفانِها جَيِّدًا، حينَ اقْتَرَبا لَمَحاها هُناكَ في مَكانِها، أَسفَلَ اللَّافِتَةِ البَنَفسَجِيَّةِ لا تَزالُ، لَكِنَّ أَشياءَها الَّتي كانَت ثابِتَةً تَغَيَّرَت وتَحَوَّرَت قَليلًا، صارَ أَمامَها نَوْطٌ ذَهَبِيٌّ مُعَلَّقٌ في شَريطٍ داكِنِ الزُّرقَةِ، وبِجانِبِهِ أَكياسُ المناديلِ الوَرَقِيَّةِ ومَوقِدُ الجازِ القَديمُ. "في رِوايَةِ الطَّابور عالَمٌ يُشبِهُ الواقِعَ، وحَقائِقُ لَيسَت هِيَ الحَقائِقَ. يَتَحَوَّلُ تاريخُ السَّنواتِ الثَّلاثِ الأَخيرَةِ إلى أَسئِلَةٍ، ومَشاكِلَ مُعَذِّبَةٍ لِلرُّوحِ والعَقلِ، كُلُّ النَّاسِ في الطَّابورِ «الثورة المَيدان، الأَحداثُ كَلِماتٌ مَوجودَةٌ، ولَكِنَّها لا تُقالُ» البَوَّابَةُ في نهايَةِ الطَّابورِ. السُّلطَةُ الغاشِمَةُ القاهِرَةُ: لا اسمَ لَها ولا تاريخ". روايَةُ الطَّابورِ لا تُجيبُ، وَلِكَّنها تُجيدُ صِياغَةَ الأَسئِلَة".
محاورات دولوز
جيل دولوز فكرهَذا أَكثَرُ كُتُبِ دولوز شَخصِيَّةً، وأَقرَبُها مَنالًا، يُتيحُ أَفضَلَ تَقديمٍ لِفِكْرِه، لا كَعَرْضٍ مَدرَسِيٍّ، بَل بالشَّكلِ الَّذي يَتَّفِقُ مع بِنيَةِ هذا الفِكْرِ. لَيسَ الكِتابُ "حوارًا" أو "مُحادَثَةً"، رَغمَ أَنَّ بِهِ عَناصِرَ مِنْ كِلَيْهِما، فَقَد وَجَدَ دولوز صيغَةَ السُّؤالِ والجَوابِ خانِقَةً، وأَرادَ شَكلًا يُتيحُ "مُحاوَرَةً" دونَ فَرْضِ تَرتيبٍ خارِجِيٍّ، قَسْرِيٍّ عَلَيها. إِنَّه يَنمو في اتِّجاهاتٍ عَديدَةٍ: في الفَلسَفَةِ، والأَدَبِ، والتَّحليلِ النَّفسيِّ، والسِّياسَة- دون مَبدَأٍ تَنظيميٍّ شامِلٍ. إنَّهُ -بمُصطَلَحاتِ دولوز- الكِتابُ بِوَصفِهِ آلَةَ حَربٍ، بِوَصفِهِ "ريزومة". تَغيبُ هُنا مَراتِبِيَّةِ الجِذرِ، والجِذْعِ، والغُصنِ، لِتُطالِعَنا كَثرَةٌ مِنَ البَراعِمِ المتَشابِكَةِ فيما بَينَها تَنبُتُ في كُلِّ الاتِّجاهاتِ. إنَّه، مِن ثَمَّ، شَرحٌ، وكَذَلِكَ تَمثيلٌ لـ "التَّعَدُّديَّةِ الدُّولوزيَّة". مَدخَلٌ مُهِمٌّ لأَحَدِ أَهَمِّ وأَخصَبِ مُفَكِّري القَرنِ العِشرينَ، يُقَدِّمُ استِبْصاراتٍ عَميقَةً وتَطبيقًا حَيًّا لمُمارَسَةِ الفَلسَفَةِ باعتِبارِها عِلمَ إبْداعِ المفاهيمِ. يَستَعرِضُ فيه خَلفِيَّاتِه الفَلسَفيَّةَ، وتَطَوُّرَه، والتِّيماتِ المحوَريَّةَ لِعَمَلِه، وَتعاوُنَهُ الطَّويلَ مَعَ صَديقِهِ فيليكس جاتاري، الَّذي كَتَبَ مَعَهُ بَعضًا مِنْ أَهَمِّ النُّصوصِ الفَلسَفِيَّةِ لِلقَرنِ العِشرين.
ألف باء دولوز
جيل دولوز فكرسِياحَةٌ مُمتِعَةٌ في عَقلِ وقَلبِ فَيلسوفِ الـﭘوپ، شاعِرِ الفَلاسِفَةِ. يُصارِحُنا عَن طُفولَتِه مِثلَمَا عَن شَيخوخَتِه: "الشَّيْخوخَةُ عَظيمَةٌ مَعَ ما يَكفي مِنَ النُّقودِ والقَليلِ مِنَ الصِّحَّةِ المتَبَقِّيَةِ... لَكِنَّها بَهجَةٌ خالِصَةٌ". عَنْ أساتِذَتِه، وتَأهيلِهِ، وفَلاسِفَتِه الأَثيرين. "لا يَحتاجُ المَرْءُ أَنْ يَكونَ فَيلَسوفًا كَيْ يَقرَأَ الفَلسَفَةَ"، وكَذَلِكَ عَنْ عَلاقَتِهِ بالأَدَبِ: "الشُّخوصُ الأَدَبيَّةُ العَظيمَةُ هُمْ مُفَكِّرونَ عِظامٌ"، والسِّينما والرَّسمِ والموسيقَى والعُلومِ. عَن الثَّوراتِ: "كُلُّ الثَّورَاتِ تَفشَلُ، الجَميعُ يَعرِفون ذَلِكَ،... ولَمْ يُوقِفْ ذَلِكَ النَّاسَ أَبَدًا أَو يَمنَعْهُم مِن أَنْ يَصيروا ثَوريِّين". عَن مايو 68: "مايو 68 كان الصَّيرورَةَ ـ ثَوريًّا، دونَ مُستَقبَلٍ ثَورِيٍّ". عَن الفَتراتِ الثَّرِيَّةِ والمُجْدِبَةِ: "لَيسَت حَقيقَةُ الفَقرِ هِيَ ما أَجِدُهُ مُزعِجًا، بَلْ وَقاحَةَ وَصَفاقَةَ النَّاسِ الَّذينَ يَقطُنونَ الفَتَراتِ المُجْدِبَةَ". عن عَلاقَتِه بالأَصدِقاءِ: "الصَّداقَةُ فَنٌّ فُكاهِيٌّ"، والحيوانات، بالمَرَضِ والشَّرابِ، بِالسَّفَرِ والرِّياضَةِ. عَن السُّلطَةِ: "كُلُّ سُلطَةٍ حَزينَةٌ، حَتَّى لَو بَدَا أَنَّ مَنْ يَملِكُونها مَسرورين بامتِلاكِها". عن المَسؤولِيَّةِ، أَوَّلًا وأَخيرًا. عَن حَفْزِ قُدراتِ الحَياةِ: "المَرءُ مَسؤولٌ تَمامًا عَن أَيِّ شَخصٍ تَمضي أُمورُه بِشَكلٍ سَيِّئٍ". قِراءَةٌ مُلهِمَةٌ لِمُفَكِّرٍ مَوسوعِيٍّ.
الأحلام رحلة الى واقعنا الداخلى
شتيفان كلاين دراساتإنَّ أَقدَمَ تَفسيرٍ للصُّوَر الَّتي نراها ليلًا هو أنَّ هُناكَ قُوًى عُليَا تَمنَحُها للإنسانِ، وتُخبِرُنا إحدى أَقدَمِ أَساطيرِ العَهدِ القَديمِ عن النَّبيِّ يَعقوبَ -الَّذي كانَت لَهُ خِبراتٌ خارِقَةٌ فيما يَخُصُّ الأحلامَ، حَيثُ كانَت "روحُ الرَّبِّ تَسكُنُه"- أنَّه يرى في مَنامِه سُلَّمًا يَصعَدُ للسَّماء، حيثُ يَجِدُ عندَ مُنتَهاهُ الرَّبَّ الَّذي يَعِدُ يَعقوبَ بِذُرِّيَّةٍ كبيرَة. وفي حُلمٍ آخرَ يُحارِبُ يَعقوبُ كائِنًا عَجيبًا يُعلِنُ في النِّهايَةِ أَنَّه هو الرَّبُّ. ولأنَّ الرَّبَّ يُخبِرُ عن نَفسِه بالرَّمزِ؛ فقد كان النَّبيُّ يَعقوبُ يَتمكَّنُ من فَكِّ رُموزِ أحلامِ الآخَرين. كما أنَّ يُوسفَ تَنَبَّأ لمصرَ بِسَبعِ سَنواتٍ من الرَّخاءِ، وسَبْعٍ من القَحطِ، عِندَما قَصَّ عَلَيه الفِرعَونُ ما رآه في مَنامِه مِن سَبْعِ بَقراتٍ سِمانٍ وأُخَرَ عِجافٍ، رآها في مَنامِه تَخرُجُ من النِّيل. تُوجَدُ بداخِلِنا فَضاءاتٌ لَم نَزُرْ مُعظَمَها حتَّى الآن، إنَّها فَضاءاتٌ مَنسيَّةٌ. ومن حينٍ لآخَرَ يُمكِنُنا أن نَجِدَ المدخلَ إليها؛ فَتَكشِفَ أشياءَ غَريبَةً: أسطواناتٍ قَديمَةً، وصُوَرًا، وكُتُبًا... إنَّها جُزءٌ مِنَّا، ولَكِنَّنا نراها لأَوَّلِ مَرَّة.
ضمير شخص ليبرالى
بول كروجمان فكرهذا الكِتابُ دِراسَةٌ في التَّاريخِ الأَمريكيِّ، وبِصِفَةٍ خاصَّةٍ: تاريخُ عَدَمِ العَدالَةِ الاقتِصاديَّةِ والاجتِماعِيَّة. وبَينَما يَقتَفي الكِتابُ تاريخَ فَجوَةِ الدَّخلِ والثَّروَةِ بَينَ الفُقَراءِ والأَغنياءِ، فإِنَّه يُرَكِّزُ على الأَسبابِ الَّتي أَدَّت إِلى عَودَةِ اتِّساعِ الفَجوَةِ الاقتِصادِيَّةِ والاجتِماعِيَةِ مُنذُ بِدايِةَ ثَمانينيَّاتِ القَرنِ العِشرين، بَعدَ أَنْ كانَت قَد انخَفَضَت بِشَكلٍ كَبيرٍ مُنذُ مُنتَصَفِ القَرنِ الماضي. ويَرَى مُؤلِّفُ الكِتابِ بول كروجمان -الحائِزُ على جائِزَةِ نوبل في الاقتِصادِ عامَ 2008- أنَّ السِّياساتِ الحُكومِيَّةَ -وخاصَّةً تَأسيسُ شَبكَةِ الحِمايَةِ الاجتماعِيَّةِ، أَو ما يُعرَفُ عُمومًا بسياساتِ "دَولَةِ الرَّفاهِ"- كانَ لَها الفَضلُ الأَكبَرُ في خَفضِ فَجوَةِ الدَّخْلِ والثَّروَةِ، مُنذُ ثَلاثينيَّاتِ القَرنِ العِشرينَ، وحَتَّى السَّبعينيَّات، ثُمَّ أَدَّت السِّياساتُ القائِمَةُ على العَودَةِ للهُجومِ عَلى هَذهِ السِّياساتِ إِلى اتِّساعِ هَذِهِ الفَجوَةِ مِن جَديد. ويُشيرُ الكاتِبُ إلى أَنَّ الانتِصاراتِ الانتِخابِيَّةَ الَّتي حَقَّقَتها الحَرَكَةُ قَد ارتَكَزَت على استِغلالِ مَشاعِرِ الاسْتِياءِ العِرْقِيَّةِ والثَّقافِيَّة، وكَذا استغِلالِ المخاوِفِ المتَعَلِّقَةِ بالأَمنِ القَوميِّ، وذَلِكَ عَلَى الرَّغمِ مِن عَدَمِ شَعبِيَّةِ سياساتِها الَّتي أَدَّت إلى تَركيزِ الثَّروَةِ في يَدِ الأغنِياءِ. ويَدعو الكاتِبُ قُبَيلَ انتِخاباتِ الرِّئاسَةِ عامَ 2008 إلى ضَرورَةِ تَبَنِّي الحِزبِ الدِّيمُقراطيِّ ما أَطلَقَ عَلَيهِ "الصَّفقَة الجَديدَةَ- الجَديدَة".
الأعمال الصوفية لعبد الوهاب عزام
خالد محمد عبده دراساتجَمَعَ هَذا الكِتابُ بَينَ دِفَّتَيْه مَقالاتٍ وتَرجَماتٍ ومُراجَعاتٍ عَن التَّصَوُّفِ الهِنديِّ والفارِسيِّ والتُّركِيِّ بِقَلَمِ رائِدِ الدِّراساتِ الشَّرقِيَّةِ عبد الوهاب عَزَّام. أَغلَبُ هَذِه المقالاتِ كانَ مَنشُورًا في المجلَّات المصرِيَّةِ في بدايَةِ القَرنِ الفائِتِ، ورَغمَ تَقادُمِ الزَّمَنِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ المقالاتِ لا غِنى عَنها لِكُلِّ دارِسٍ وباحِثٍ في التَّصَوُّفِ الإِسلاميِّ وآدابِ الأُمَمِ الإِسلامِيَّةِ؛ لِغِناها وثرائها المعرِفِيِّ، ولِكَونِها اللَّبِنَةَ الأُولى الَّتي انْبَعَثَ مِن خِلالِها الاهتِمامُ بالتَّرجَماتِ عن اللُّغاتِ الشَّرقِيَّةِ. وقَد رَأَينا في جَمعِها ونَشرِها تَحفيزًا للطُّلَّابِ والعاشِقين لِهَذا اللَّونِ مِنَ الآدابِ عَلَى مُتابَعَةِ السَّيْرِ في هَذا الطَّريقِ، وتَتْمِيمِ المسيرَةِ الَّتي بَدَأَها الرُّوَّادُ المُخلِصونَ في مِصرَ، وأَحدَثَت آثارًا عَظيمَةً في جَميعِ البُلدانِ العَربيَّة.
عناقيد الغضب
جون شتاينبك أدب مترجم كلاسيكيالملْحَمَةُ الحائِزَةُ على جائِزَةِ بوليتزر عن الكَسادِ العَظيمِ، الرِّوايَةُ الَّتي حَفَّزَت ملايين القُرَّاءِ، بل وأَثارَت غَضَبَهم أيضًا. نُشِرَت عامَ 1939، مَلحَمَةُ شتاينـﭘيك تَروي هِجرَةَ "الغُبار" في ثلاثينات القَرنِ العشرين، وتَحكي قِصَّةَ عائِلَةٍ من مَزارِعِ أوكلاهوما، أُخرِجوا من مَنزلِهم وأُجبرِوا على السَّفَر غَربًا إلى أرضِ "الأحلام"... كاليفورنيا. من تَجارِبِهم واصطِداماتِهم المتَكرِّرَة بالواقِعِ الصَّعبِ لأمريكا المنقَسِمَةِ إلى المهاجِرين وغَيرِ المتَحَرِّرين. هي صورَةٌ للصِّراعِ بَينَ الأَقوياءِ والضُّعَفاءِ، ورُدودِ أَفعالٍ شَرِسَةٍ من رَجُلٍ تِجاهَ الظُّلمِ. تُحَقِّقُ الرِّوايَةُ في طبيعَةِ المساواةِ والعَدالَةِ في أمريكا ذاتِها. "يَجِبُ أن يكونَ لَدَيكَ قَلبٌ مَحفورٌ من الجرانيتِ كَي يَصمُدَ أمامَ هذا العَمَلِ المذْهِلِ". Clive Hirschhorn, Sunday Express.
فكر بنفسك! (عشرون تطبيقًا للفلسفة)
ينس زونتجن فكركانَ أَغلَبُ الفلاسِفَةِ المهمِّين تَقريبًا مِن جامِعي الكُتُبِ. عَلَى سَبيلِ المثالِ: أَفلاطون، وكان رَجُلًا غَنِيًّا، كانَ يَشتَري النُّصوصَ الفَلسَفِيَّةَ النَّادِرَة، حَتَّى أَنَّه كانَ يَدفَعُ أَحيانًا مَبالِغَ طائِلَةً. وكانَ أَرسطوطاليس نَفسُه يَمتَلِكُ مَكتَبَةً كامِلَةً أَهداها بَعدَ وَفاتِهِ لِتِلميذِه ثِيوفراسطوس. ولَكِنْ جَمْعُ الكُتُبِ يُعَدُّ فَقَط المَظهَرَ الخارِجِيَّ للتَّجميعِ الفَلسَفيِّ. الفلاسِفَةُ "جامِعو أَفكارٍ". حَتَّى القِراءَة، هَذا النَّشاطُ القَديمُ للفَلاسِفَةِ، هُو لَونٌ مِن أَلوانِ التَّجمِيعِ. وحَتَّى اليَومِ يُمكِنُ للمَرْءِ في اللُّغَةِ الأَلمانِيَّة أن يتحدث عن ال ( weinlese) قطف العنب وجمعه، وأحد أنواع القطف أو الجمع هذه تتمثل في قراءة أحد الكتب ؛ فالقارئ يتجول عبر السطور والصفحات مثلما يكون الحال في التجول عبر حقل العنب، وهو يجمع إبان تجواله الفواكه العقلية والروحية من هنا وهناك.
الغريب
ألبير كامو أدب مترجم كلاسيكيرُبَّما لم أَكُن واثِقًا مِمَّا يَهمُّني حَقيقَةً، ولَكِنَّني على تَمامِ الثِّقَةِ مِمَّا لا يَهمُّني، وإِنَّ ما تُحَدِّثُني عَنه -هو بالتَّحديدِ- مِمَّا لا يَهُمُّني. حين لَم يَدَعْ الحُزنَ بَعدَ وَفاةِ والِدَتِه صَدَمَ الجميع، وحينَ ارتَكَبَ جَريمَتَهُ العَشوائِيَّةَ تِلكَ في الجَزائِرِ العاصِمَةِ ذُهِلَ المجتَمَعُ أيضًا؛ لماذا يُقْدِمُ شابٌّ جَامِعِيٌّ مُلتَزِمٌ عَلى مِثلِ هَذا الفِعْلِ؟ ولِماذا لا يُبدِي نَدَمًا حَتَّى يَنجُوَ بِحَياتِه؟ رَفْضُه مَشاعِرَ الآخَرين يَزيدُ مِن ذَنبِهِ في نَظَرِ القانونِ. يَكتَشِفُ سَريعًا أَنَّه لا يُحاكَمُ بِسَبَبِ جَريمَتِه فَقَط، بَل بِسَبَبِ افتِقارِهِ إلى العاطِفَةِ؛ فَرُدودُ أَفعالِهِ تُدينُهُ لِكَونِهِ "غَريبًا". "لَقَد لَخَّصَت «الغريب» مُنذُ زَمَنٍ طَويلٍ في عِبارَةٍ أَعتَرِفُ بِأنَّها مُتَناقِضَةٌ للغايَة: «في مُجتَمَعِنا هَذا أَيُّ رَجُلٍ لا يَبكي في جِنازَةِ والِدَتِه يُخاطِرُ بِتَلَقِّي حُكمِ الإِعدامِ»، وكُنتُ أَعني فَقَط أَنَّ بَطَلَ كِتابي مُدانٌ بالفِعلِ لأَنَّه لا يَلعَبُ اللُّعبَة". ألبير كامو "حَقيقَةً، إنَّ كامو يُبلِغُ هَذِهِ الرِّسالَةَ في شَكلِ روايَةٍ بالتَّحديدِ، تَكشِفُ عَن كبرياءٍ مُهانَةٍ... هَذا لَيسَ استِسلامًا، بَل إدراكٌ ثَوريٌّ لِحُدودِ الفِكرِ الإنسانيِّ". چان بول سارتر
نظرية الإستبداد بين الخضوع والثورة
أحمد أنور دراساتكان الوَضعُ الطَّبيعيُّ لِوجودِ سُلطَةٍ مُستَبِدَّةٍ أَن تَظهَرَ في المَوروثِ الثَّقافيِّ الرَّغبَةُ في الانعِزالِ والبُعدِ عَن السُّلطَةِ وعَدَمِ التَّعامُلِ مَعَها، والصَّبرُ، والتَّوَاكُلِيَّةُ، وغَيرُها مِن القِيَمِ السَّلبِيَّةِ، وقَد تَجَلَّت هَذِه القِيَمُ السَّلبيَّةُ في الموروثِ الثَّقافيِّ بأَشكالِهِ المختَلِفَةِ، مِن: أَمثالٍ شَعبيَّةٍ، والأَدَبِ الشَّعبيِّ، والموَّالِ، والشِّعرِ، والبُكائِيَّاتِ، والسُّخرِيَةِ، والتَّهَكُّمِ. وقَد أَدَّى هَذا الموروثُ الثَّقافيُّ إلى تَهيِئَةِ الجَماهيرِ لِقبولِ الاستِبدادِ والتَّعايُشِ مَعَه. وقَد رَسَّخَ هَذا الموروثُ الثَّقافيُّ طابَعَ القَهْرِ والتَّسَلُّطِ في البِنيَةِ الاجتِماعِيَّةِ؛ حَيثُ ساهَمَ في خَلْقِ المجتَمَعِ التَّسَلُّطيِّ الأَبَويِّ، وتَأصَّلَت في الأَفرادِ مَجموعَةُ القِيَمِ الَّتي تَدفَعُهم إلى السَّلبِيَّةِ والخُضوعِ والطَّاعَةِ. وقَد انتَقَلَت هَذِهِ القِيَمُ مِن جيلٍ إلى جيلٍ لِتُشكِّلَ أحدَ المكوِّناتِ الهامَّةِ لأَنساقِ القِيَمِ في المجتَمَعِ المصرِيِّ. وتَأَصَّل هذا الموروثُ الثَّقافيُّ في الوَعيِ الفَردِيِّ والقَوميِّ، بِحَيثُ أَصبَحَ يُوَجِّه الميولَ والرُّؤَى والسُّلوكياتِ. بالإضافَةِ إلى أَنَّ المُستَبِدَّ لَعِبَ على هَذا الموروثِ الثَّقافيِّ، وقَد استَمَدَّ مِن هذا الموروثِ المشروعِيَّةَ لِفَرْضِ سَطوَتِه واستِبْدادِه.
أخلاقيات الطبقة الوسطى ودورها السياسى
أحمد أنور دراساتيُشيرُ جلال أمين إلى أنَّ تَميُّزَ الطَّبَقةِ الوُسطَى -بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ- أَصبَحَ أَصعَبَ مِمَّا كانَ، حتَّى في الخَمسينيَّاتِ والسِّتينيَّاتِ؛ إذْ انتَشَرَ الزِّيُّ الأُوروبيُّ وأَنواعٌ حَديثَةٌ مِن السِّلَعِ الاستِهلاكيَّةِ، كما ذَهَبَت شَرائِحُ اجتِماعِيَّةٌ جَديدَةٌ إلى المسارِحِ والشَّواطِئِ وأَماكِنِ التَّرفيهِ، مِمَّا لَم يَكُن لَها بِهِ عَهدٌ إِلَّا مُنذُ زادَت القُوَّةُ الشِّرائِيَّةُ في أيديهم مُنذُ وَقتٍ قريبٍ جدًّا، واستَجابَت المسارِحُ ووَسائِلُ التَّرفيهِ لأَذواقِهم. ولا نَجِدُ فَقَط ظاهِرَةَ التَّناقُضِ القِيَميِّ، بل أَيضًا نَجِدُ التَّناقُضَ بَينَ الأَقوالِ والأَفعالِ، أو بَينَ الرُّؤَى الفِكريَّةِ والمواقِفِ العَمَلِيَّةِ. ورُبَّما نَجِدُ تَفسيرًا لِهَذِه التَّناقُضاتِ في الموقِفِ الاجتِماعِيِّ المانِعِ لِهَذِه الطَّبَقَةِ، الَّتي تَتَجاذَبُها التَّطَلُّعَاتُ نَحوَ الصُّعودِ، والخَوفِ مِن الهُبوطِ؛ مِمَّا يَخلَعُ على أَنساقِها القِيَمِيَّةِ طابَعًا مَصلَحِيًّا انتِهازيًّا يَضَعُ دائِمًا المصالِحَ فَوقَ أَيِّ مَبادِئَ، وهِيَ المصالِحُ الَّتي تُهَدِّدُها المخاوِفُ مِن الهُبوطِ مِن ناحِيَةٍ، وتُغَذِّيها التَّطَلُّعاتُ إلى الصُّعودِ مِن ناحِيَةٍ أُخرى.
تعاطى المخدرات بين الإغتراب والأوهام الجنسية
أحمد أنور دراسات"المُخَدِّراتُ رِهانٌ مِعَ عَقلِكَ". چيم موريسون "أنا لا أَتعاطَى المخَدِّراتِ... أَنا المُخَدِّرات!". سلڤادور دالي مِن الأَوهامِ الثَّقافِيَّةِ أنَّ المُخَدِّراتِ تُساعِدُ عَلَى الإبداعِ والتَّفكيرِ والتَّخطيطِ والتَّركيزِ والاستِرخاءِ، وتَحمُّلِ التَّعَبِ والعَمَلِ الشَّاقِّ، والمُتعاطي يَكونُ خَفيفَ الظِّلِّ مُبتَهِجًا سَريعَ البَديهَةِ وجَريئًا ومُغامِرًا. وفي جَلسةِ التَّعاطي تُعطي المُخَدِّراتُ الحَنانَ والحُبَّ لِفاقِديه، ويَتَبادَلُ فيها الأَطرافُ كُلَّ ما يُمكِنُ تَصَوُّرُه مِن سُلوكيَّاتٍ مُعبِّرَةٍ عن الحُبِّ، فَهِيَ جَلسَةٌ فيها تَفاعُلات كَثيرَةٌ. وهُناكَ أَوهامٌ جِنسيَّةٌ حَولَ تَعاطي المُخَدِّراتِ: أنَّ لها أَثَرًا في تَنشيطِ قُوَى الفَردِ الجِنسيَّةِ، وإطالَةِ مُدَّةِ العَمَليَّةِ الجِنسيَّةِ. وقَد اتَّفَقَت كَثيرٌ مِن الدِّراساتِ عَلَى أنَّ المُخدِّراتِ -وخاصَّةً المهَبِّطَة مِنها- لَيسَ لَها عَلاقَةٌ بالجِنسِ، بَل تَعمَلُ بِعَكسِ ما هو شائِعٌ عنها، إلى خَفضِ الدَّافِعِ الجِنسيِّ والرَّغبَةِ الجِنسيَّةِ. وقد تَزدادُ الرَّغبَةُ الجِنسيَّةُ لمدَّةٍ بَسيطَةٍ في بدايةِ تَأثيرِ بَعضِ المخَدِّراتِ على المُخِّ، ولَكِنْ باستمرارِ تَعاطي المخدِّراتِ، فإنَّ الشَّخصَ يَدخُلُ في دائِرَةِ الإِدمانِ، ويَفقِدُ اهتِمامَه بالجِنسِ، ويَتَّجِهُ للبَحثِ عن المخَدِّرِ. كَما أنَّ مُتعاطي المخَدِّرِ يَفقِدُ عُنصُرَ الزَّمنِ؛ ومِن هُنا يَكونُ الوَهمُ بِأنَّه يُطيلُ فَترَةَ الجِماعِ واللَّذَّةِ الجِنسيَّةِ، حَيثُ يُخَيَّلُ لَهم أنَّ الوَقتَ يَمُرُّ بَطيئًا مِن أَثَرِ ذَلِكَ. المخدِّراتُ... للاستِمتاعِ أَمْ لإنْجازِ المَهَمَّة؟
رسائل أنقرة المقدسة
قدرية حسين أدب مترجم كلاسيكيفي ذِمَّةِ الله تِلكَ الأَنفُسُ الأَبِيَّةُ الَّتي اُسْتُشْهِدَت في مُعتَرَكِ الشَّرَفِ، تَحتَ نَقعِ المجدِ والفَخارِ؛ دِفاعًا عَن الحُرِّيَّةِ والاستِقلالِ. وفي جَنَّةِ الخُلدِ تُلاقي جَزاءَها الأَوْفَى مِن نَعيمٍ أَبَديٍّ؛ وذَلِكَ أَجرُ الشُّهَداءِ الأَبرارِ في سَبيلِ اللهِ والوَطَنِ. ورِضوانُ الله وأَبرَكُ تَحيَّاتِه عَلَى الأَرواحِ الطَّاهِرَةِ الذَّكِيَّةِ الَّتي أَوْدَت بِها أَيدي الهَمَجِيَّةِ الحَديثَة، والتَّعَصُّبِ الذَّميمِ، والاستِعمارِ الأَثيمِ.
الجماهير والسلطة
إلياس كانتى فكروهَذا النُّفورُ مِن التَّلامُسِ يُلازِمُنا حَتَّى وَنَحنُ بَينَ النَّاسِ، فَقَد أَمْلَت عَلَينا هَذِهِ الرَّهبَةُ أُسلوبَ حَرَكَتِنا في الطَّريقِ بَينَ كَثيرٍ مِنَ النَّاسِ، وكَذَلِكَ في المطاعِمِ والقِطاراتِ والحافِلاتِ. حَتَّى إذا اقتَرَبنا كَثيرًا مِن آخَرين، وكانَ بِوُسعِنا تَأَمُّلُهم ومُعايَنَتُهم بِدِقَّةٍ فَإنَّنا نَتَفادى أَيَّ احتِكاكٍ بِهِم قَدْرَ الإِمكانِ، فإذا ما فَعَلنا ذَلِكَ يَكونُ هُناكَ شَيءٌ ما قَد أَثارَ إعْجابَنا؛ فَنُبادِرُ بالاقْتِرابِ مِنهُم. أَمَّا الاعْتِذارُ السَّريعُ المُعَبِّرُ عَن احتِكاكٍ غَيرِ مُتعَمَّدٍ، والقَلَقُ انتِظارًا لِذَلِكَ، وَرَدُّ الفِعلِ الحادِّ الَّذي يَكونُ جَسَديًّا أحْيانًا -حَتَّى لَو لَم يَحدُث ذَلِكَ- والنُّفورُ والكَراهِيَةُ تِجاهَ مَن ارتَكَبَ ذَلِكَ، حَتَّى مَعَ الشَّكِّ أَنَّه ارتَكَبَ ذَلِكَ- فَإنَّ هَذهِ السِّلسِلَةَ الكامِلَةَ مِن رُدودِ الفِعلِ النَّفسِيَّةِ تِجاهَ مُلامَسَةِ الغَريبِ في حالاتِها المتَقَلِّبَةِ المتَطَرِّفَةِ المستَفِزَّةِ تُثبِتُ أَنَّ الأَمرَ هُنا يَدورُ حَولَ شَيءٍ عَميقٍ لِلغايَةِ، ومُتيَقِّظٍ، ومُرْبِكٍ دائِمًا: أَنَّه شَيءٌ يُلازِمُ المرءَ أَبَدًا إذا ما أقامَ حُدودًا حَولَ نَفسِه. وهَذا النَّوعُ مِن الرَّهبَةِ يُسَبِّبُ الشُّعورَ بالاضطِرابِ حَتَّى أَثناءَ النَّومِ، حينَما يَكونُ المرءُ غَيرَ قادِرٍ عَلى الدِّفاعِ عَنْ نَفسِه.
تورتيلا فلات
جون شتاينبك أدب مترجم كلاسيكي"الموتُ أَمرٌ شَخصيٌّ، يُثيرُ الحُزنَ، أَو اليَأسَ أو الحَماسَ أو الفَلسفَةَ الجافَّة. أمَّا الجِنازاتُ فَهِي بالعَكسِ مَهمَّة اجتماعيَّة، تخَيَّل الذَّهابَ إلى جِنازَةٍ دونَ أَن تُلمِّعَ سيَّارَتَكَ أوَّلًا. تَخيَّلْ الوُقوفَ بجوار القَبر دونَ أن تكونَ مُرتَديًا أفضلَ بذلَةٍ سوداءَ لَديكَ وأَفضَلَ حِذاءٍ أَسودَ جَميلِ اللَّمَعانِ. تَصوَّرْ أنَّكَ تُرسِلُ زهورًا لجِنازَةٍ دونَ أَن تُرفِقَ بها «كارْت» لتُثبِتَ أنَّكَ قُمتَ بالواجِبِ على وَجهِهِ الصَّحيح. ليس هُناكَ تَقاليدُ أو سلوكيَّاتٌ اجتماعيَّةٌ أكثر رسوخًا في أُمَّةٍ من مراسيمِ الجِنازات. تَصوَّرْ السُّخطَ إذا غَيَّر القسُّ عِظَتَه أو تَلاعَبَ بتَعبيراتِ وَجهِه. تَصوَّر الصَّدمَةَ إذا استُخدِمَت في سَرادِقِ الجِنازَةِ كَراسٍ غَير تِلكَ الكَراسي الصَّفراءِ الصَّغيرةِ، ذاتِ القاعِدَة الخَشبيَّة الخَشِنَة غير المُريحَةِ. لا، فاحتِضارُ الإنسانِ قد يَعني حُبَّه، أو كراهِيَتَه، أو الحُزنَ عَليه أو الشُّعورَ بِفَقدِه، ولَكِن إذا ماتَ أَصبحَ المحوَرَ الرَّئيسيَّ لاحتفالٍ اجتماعيٍّ رَسميٍّ مُعقَّد.
دخان (وقصص أخرى)
ويليام فوكنر أدب مترجم كلاسيكينَعَم، قُلتُ لــ "مانك" إنَّنا كُنَّا -نَحنُ المساجينَ- دائمًا ريفيِّين جُهلاءَ، لم تُتَحْ لنا فُرَصٌ كثيرةٌ. وأنَّ الله قد أَرادنا أن نَعيشَ في الدُّنيا الحُرَّة الطَّليقَةِ لِنَزرَعَ أَرضَه ونُمَجِّدَه. وكُلُّ ما في الأَمرِ أَنَّنا كُنَّا من قَبلُ أَغبياءَ جاهِلين لَم نَعلَمْ هذا، وأنَّ الأَغنياءَ لم يُعلِمُونا الحَقيقَةَ إلَّا بَعدَ فواتِ الأَوان. وقُلتُ لَهُ إنَّ الحارِسَ "كامبرل" هو الَّذي يُبقينا داخِلَ الأَسوارِ ويَمنَعُنا مِن إتمامِ مَشيئَةِ الله. ولَكِنِّي لَم أَطلُب منه يومًا أَنْ يَقتُلَ. غايَةُ ما قُلتُ له إِننا لا نَستطيعُ أَن نَخرُجَ من السِّجن لأنَّه لَيسَ لَدَينا مُسدَّسٌ، فلَو كان لأَحَدِنا مُسَدَّسٌ لاسْتَطَعنا أَنْ نَخرُجَ إلى العالَمِ الطَّليقِ، ونَزرَعَ كَما أرادَ اللهُ. ألَيسَ هَذا ما أَراد؟ فأجابَ "مانك": "نَعَم، هذا ما أرادَ". فَكَرَّرتُ قَولي: "ولكِنَّنا لا نَملِكُ مُسدَّسًا".
مذكرات محكوم عليه بالإعدام
فيكتور هوجو أدب مترجم كلاسيكينُشِرَت لأوَّل مرَّة عام 1829، صاحَبَتها صَدمةُ ومَوجَةٌ من السُّخطِ في الرَّأي العامِّ الفرنسيِّ. روايةٌ عميقة ومُؤثِّرة، وعَملٌ حَيويٌّ عن رَجُلٍ تَمَّ إقصاؤه من قِبَل المجتَمَعِ، وحُكِمَ عليه بالإِعدامِ، يَستَيقِظُ كُلَّ صباحٍ وهو يَعلَمُ أنَّ هذا اليَومَ قد يكون الأَخيرَ. يَقضي ساعاتِه في سَردِ حَياتِه والوَقتِ قَبلَ سِجنِه، لكِنْ مع مُرورِ السَّاعات يَعلَمُ أنَّه عاجِزٌ عن تغيير مَصيرِه. كَتَبَ هوجو هذه الروايَةَ تَعبيرًا عن مَشاعِرِه بضرورَةِ إلغاءِ عُقوبَةِ الإِعدام. "حاوَلتُ نِسيانَ الحاضِرِ في الماضي، وبَينَما كُنتُ أحلُمُ قَفَزَت ذِكرياتُ طُفولَتي وصِبايَ وشَبابي إلى ذِهني، إحداهُما إثْرَ الأُخرَى، رَقيقَة، وادِعَة، ضاحِكَةً كجُزُرٍ من الأَزهارِ في خليجٍ من الآثامِ والشُّرورِ والأفكار المضطَرِبَة المائِجَةِ في رأسي.
قميص يـوسف (رباعيات مولانا جلال الدين الرومى)
عائشة موماد أدب مترجم كلاسيكيمِنْ أَجْلِ عِشْقِكَ، أُريدُ هَجْرَ الرُّوحِ، مِنْ أَجْلِكَ، أُريدُ هَجْرَ العالمَين. أَرْغَبُ في أَنْ تَقَعَ شَمْسُكَ فَوْقَ المَطَرِ، لِهَذَا سَأَذْهَبُ لِلِقَائِكَ، مِثْلَ السَّحابِ. يَسأَلُ أَحَدُهُم شَمسَ تَبريزي قائِلًا: ماذا أَفعَلُ؟ إِنَّ مَجالَ العِبارَةِ ضَيِّقٌ، واللُّغَةَ مَحدودَةٌ! وكُلَّ هَذِه المُجاهَداتِ مِن أَجلِ أَنْ يَتَخَلَّصَ النَّاسُ مِن اللُّغَة! فَيُجيبُه شَمسُ الحَقِّ: إذا كانَ مَجالُ اللُّغَةِ ضَيِّقًا فإنَّ مَجالَ المعْنَى واسِعٌ! اتْرُكْ اللَّغَةَ إِلى المعنى. هَذا الكَلامُ سُلَّمٌ لِلسَّماءِ، كُلُّ مَنْ يَرتَقيه يَصِلُ إلى السَّقْفِ، لا إلى سَقْفِ الفَلَكِ الأَخضَرِ فَحَسبُ، بَلْ إِلى السَّقْفِ الَّذي يَعلُو الأَفلاكَ. مَولانا جلال الدين الرومي تُرجِمَت هَذِه الرُّباعيَّاتُ اعتِمادًا على النُّسخَةِ الفرَنسِيَّةِ الَّتي قَدَّمَتها المستَشرِقَةُ الفرَنسيَّةُ إيڤا دوڤيتري ميروڤيتش (Eva Devitray-Meyerovitch)، ونُسخَة التُّركيِّ آصِف خالد چلبي.
معنى أن تكون صوفيًّا
خالد محمد عبده دراساتالصُّوفيُّ يَبحَثُ عَن قَلبٍ يَنبُضُ بالحَياةِ، يَطلُبُ الرَّشادَ إِلَى مِعراجٍ سَماوِيٍّ كُلَّ لَحظَةٍ، تَتَجَدَّدُ فيه صِلَتُه بالله، يَكونُ اللهُ صَديقَه الأَوحَدَ ومُطْعِمَه وساقِيَه، لا يَبحَثُ عَنْ كَنزٍ مِن المالِ والمادَّةِ، بَل يَطلُبُ فَتحَ كُنوزِ الرَّحَماتِ حَتَّى تَتَنَزَّلَ عَلَى العِبادِ، لا يُريدُ أَنْ يَرى إِلَّا اللهَ، وفي كُلِّ حُسْنٍ يَرَى صورَةَ اللهِ وَتَجَلِّياتِهِ، يُريدُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِن غُبارِ النَّفسِ الزَّائِفِ، ومِن تُرابِها الَّذي يَمنَعُهُ عِن الحَياةِ، يَطلُبُ العَفوَ وَإِنْ تَوَرَّمَت قَدَماهُ قِيامًا وصَلاةً للهِ، يَطلُبُ النُّورَ الأَعلَى وَإِنْ كانَ في حَضرَةِ رَبِّ العِبادِ.
الدين والوحى والإسلام
مصطفى عبدالرازق دراساتيُعتبَرُ هذا الكِتابُ مِن الدِّراساتِ المُهِمَّةِ كَتَمهيدٍ للفَلسَفَةِ الإِسلامِيَّةِ؛ حَيثُ يُعتَبَرُ مُؤَلِّفُه مِن مُجَدِّدي الفَلسَفَةِ الإِسلامِيَّةِ في العَصرِ الحَديثِ، فَكانَ تِلميذًا لمحَّمد عَبده وغَيرِه مِن كِبارِ الكُتَّابِ في عَصرِه، ويَتنَاوَلُ فيهِ المؤَلِّفُ مَوضوعاتٍ شائِكَةً، مِثلَ: عَلاقَة الدِّينِ بالعِلمِ، وكَيفَ أن أحَدَهُما لَم يَتَغَلَّبْ عَلى الآَخَرِ حَتَّى الآن، وأُصولِ الأَديانِ لُغَوِيًّا وتاريخيًّا، كَما عَرَضَ لِوُجهَةِ نَظَرِ المستَشْرِقين في الأَديانِ الشَّرقِيَّةِ، وعَلاقَةِ الدِّينِ الإِسلامِيِّ بِكُلِّ ذَلِكَ التَّاريخ.
لماذا تــأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم ؟
الأمير شكيب أرسلان دراساتولَكِنَّ الأُمَمَ الإسلامِيَّةَ تُريدُ حِفظَ استِقلالِها بِدونِ مُفاداةٍ ولا تَضحِيَةٍ، ولا بَيْعِ أَنفُسٍ، ولا مُسابَقَةٍ إلى الموتِ، ولا مُجاهَدَةٍ بالمالِ، وتُطالِبُ اللهَ بالنَّصرِ عَلَى غَيرِ الشَّرطِ الَّذي اشتَرَطَه هُوَ في النَّصرِ، فَإِنَّ اللهَ -سُبحانَهُ- يَقولُ: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ"، ويَقولُ: "إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ". فَإِنَّ الموتَ مَوتانِ، أَحَدُهما: الموتُ لِأَجلِ الحَياةِ، وهُوَ المَوتُ الَّذي حَثَّ عَلَيهِ القُرآنُ الكَريمُ المؤمِنينَ إِذَا مَدَّ العَدُوُّ يَدَهُ إِلَيْهِم. وأَمَّا الموتُ الثَّاني: فَهُوَ الموتُ لِأَجلِ استِمرارِ الموْتِ، وهُوَ الموْتُ الَّذي يَموتُهُ المسلِمونَ في خِدمَةِ الدُّوَلِ الَّتي استَوْلَت على بِلادِهِم! وذَلِكَ أَنَّهم يَموتون حَتَّى يَنصُروها عَلَى أَعدائِها.
اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
غوستاف لوبون دراساتكانَ قِيامُ الدُّوَلِ ونَشأَةُ القَوميَّاتِ ناقوسَ خَطَرٍ للجَماعاتِ اليَهودِيَّةِ في أوروبا؛ حَيثُ شُيِّدَت الدُّوَلُ الحَديثَةُ على أَساسٍ عِرْقيٍّ، ولَم يَستَوعِبْ اليَهودُ الَّذينَ عاشوا مُنعَزِلين في "الجيتو اليَهودِيِّ" ذَلِكَ. كما سادَ الغَربَ الأُوروبيَّ حالَةٌ مِن الكُرْهِ الشَّديدِ لليهودِ؛ مِمَّا جَعَلَ مُفَكِّرًا كَبيرًا مِثلَ "ماكس فيبر" يَعتَبِرُهُم أَصلَ الشُّرورِ في العالَمِ، أَمَّا "هيجل" فَقَد أكَّدَ أَنَّ الرُّوحَ القَوميَّةَ اليَهودِيَّةَ لَم تُدرِك المُثُلَ العُليا للحُرِّيَّةِ والعَقلِ، وأَنَّ شَعائِرَها بِدائِيَّةٌ ولا عَقلانِيَّة. وقَد سار "جوستاڤ لوبون" على نَهْجِ مُفَكِّري أُوروبَّا في مَوقِفِهِم مِنَ اليَهودِ أَثناءَ تِلكَ الحِقبَةِ، وصاغَ كِتابَهُ "اليَهودُ في تاريخِ الحَضاراتِ الأُولَى" مِن هَذا المُنطَلَقِ، فَكَالَ لَهُم الاتِّهاماتِ، ووَصَفَهُم بأَبشَعِ الصِّفاتِ، نافِيًا أَيَّ دَوْرٍ لَهُم في نَشْأَةِ الحَضاراتِ القَديمَةِ. وهَكَذَا يُمَثِّل هَذا الكِتابُ نَمَطًا فِكرِيًّا سادَ أُوروبَّا مُنذُ العُصورِ الوُسطَى وحَتَّى مُنتَصَفِ القَرنِ العِشرين.
الجوع
كنوت همسون أدب مترجم كلاسيكيسَأقولُ لَكَ شَيئًا واحِدًا يا إِلَهي الطَّيِّب... يَكفي هَذَا". "أَنتَ فَقيرٌ لِدَرَجَةٍ لا تَسمَحُ لَكَ بوجودٍ، أَنتَ جَوعانُ". "فَأخَذتُ أُكَلِّمُ نَفسي هَمسًا، فِيمَ كُلُّ هذا الاهتِمامِ بِما عَسَايَ آَكُلُه؟ وبِمَا عَسايَ أَشرَبُهُ، وبِمَا عَسايَ أَكسو بِهِ جَعْبَةَ الحَشَراتِ الحَقيرَةَ الَّتي اسْمُها جَسَدي الفاني؟ أَوَ لَيسَ اللهُ رَبُّ السَّماواتِ والأَرضِ يَرزُقُني كَما يَرزُقُ الطَّيرَ في الجَوِّ؟... فَكَم مِنْ مَرَّةٍ تَرَكَني أَغدو وأَروحُ في أَمنٍ؟... أَسيرُ، ولَمْ يُنْزِلْ بي مَكروهًا؟... هُوَ اللهُ السَّرمَدِيُّ".
روح الثورات الثورة الفرنسية
غوستاف لوبون دراسات"هَل يَأسَفُ عَلى وُقوعِ الثَّورَةِ الفَرَنسيَّةِ مَن لا يُريدُ أَنْ يَكونَ مُسَخَّرًا لِصَيدِ الضَّفادِعِ في الغُدْرانِ لِكَيْلَا تُقْلِقَ الأَميرَ الإِقطاعِيَّ في نَومِه؟ وهَلْ يَنوحُ عَلى حُدوثِها مَن لا يُريدُ أَنْ يَرى كِلابَ شَابٍّ عاتٍ تُخَرِّبُ حَقلَه؟ وهَلْ يَحزَنُ عَلى نُشوبِها مَنْ لا يُريدُ أَنْ يُسجَنَ في البَسْتيل لِوَلَعِ رَجُلٍ مِن بِطانَةِ المَلِكِ بِزَوْجَتِه، أَوْ لانْتِقادِهِ أَحَدَ الوُجوهِ؟ وهَل يَأسَى عَلَى اشتِعالِها مَن لا يُريدُ أَنْ يَبغِيَ عَلَيهِ وَزيرٌ أَو مُوَظَّفٌ، وأَنْ يَكونَ تَحتَ رَحمَةِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وأَنْ يُؤْخَذَ مِنهُ أَكثَرُ مِمَّا يُفرَضُ عَلَيهِ، وأَنْ يُهينَهُ ويَشْتُمَهُ مَنْ يَدَّعي أَنَّه فاتِحٌ؟ لِذَلِكَ أَشكُرُ -وَأَنا مِنَ الطَّبَقَةِ الوُسطَى- أُولَئِكَ الَّذينَ أَنقَذوني -بَعدَ عَناءٍ شَديدٍ- مِن هَذِهِ القُيودِ الَّتي لَوْلَاهُم لَظَلَّت تُقَيِّدُني، وَأُهَنِّئُهُم عَلَى الرَّغمِ مِن زَلَّاتِهِم". مِسيو إِميل أُوليڤييه "حَقًّا إِنَّ مَصدَرَ المُعتَقَداتِ -سِياسِيَّةً كانَت أَوْ دِينِيَّةً- لَمُشْتَرَكٌ، وَهِيَ خاضِعَةٌ لِسُنَنٍ واحِدَةٍ، أَيْ أَنَّها لا تَتَكوَّنُ بالعَقلِ، وكَثيرًا ما تَتَكَوَّنُ خِلافًا لما يَقتَضيهِ العَقلُ، فَالبَدَهيَّةُ (البُوذِيَّة) والإِسلامُ والإِصلاحُ الدِّينيُّ واليَعقُوبِيَّةُ والاشتِراكِيَّةُ، وإِنْ لاحَت عَلَى شَكلٍ فِكرِيٍّ ظاهِرٍ، هِيَ بالحَقيقَةِ قائِمَةٌ عَلَى عَواطِفَ وَتَدَيُّناتٍ مُتَماثِلَةٍ، وتَخضَعُ لِمَنطِقٍ لا عَلاقَةَ بَينَه وبَينَ المنطِقِ العَقْلِيِّ أَبَدًا. تَنشَأُ الثَّوراتُ السِّياسِيَّةُ عَن مُعتَقَداتٍ تَأصَّلَت في النُّفوسِ، وَلَكِنَّها قَد تَنشَأُ عَن أَسبابٍ أُخرى تَجمَعُها كَلِمَةُ الاستِياءِ، فَمَتَى عَمَّ هَذا الاستِياءُ تَأَلَّفَ حِزبٌ قادِرٌ عَلَى مُكافَحَةِ الحُكومَةِ.
فجر الضمير
جيمس هنري برستيد دراساتمِمَّا هُوَ جَديرٌ بالاهتِمامِ أَنْ نُلاحِظَ ما صارَ إِلَيْهِ الجِنْسُ البَشَرِيُّ في مِصرَ، وأَنْ نَقتَفِيَ آثارَ بُلوغِه تِلكَ الدِّقَّةَ البِنائِيَّةَ العَجيبَةَ، الَّتي تَتَجَلَّى لَنا في بِناءِ الأَهرامِ مَعَ ضَخامَتِها المُدهِشَة، وارْتِقائِه مِنْ سُكْنَى الكُوخِ المصنوعِ مِنْ غُصونِ الشَّجَرِ إلى إِقامَتِه القُصورَ الفاخِرَةَ الزَّاهِيَةَ المُجَمَّلَةَ بِالقيشاني، والمُؤَثَّثَةَ بِالرِّياشِ الفاخِرِ والذَّهَبِ المُرَصَّعِ، ثُمَّ بَعدَ ذَلِكَ نَأخُذُ في تَفصيلِ تِلكَ الخُيوطِ الذَّهَبِيَّةِ الَّتي حِيكَت منها حياته المتَعَدِّدَة النَّواحي، الَّتي صارَت في النِّهايَةِ تُؤَلِّفُ نَسيجًا مَتينًا فَخمًا مِن المدَنِيَّة... والواقع أنه لا توجد قوة أثرت في حياة الإنسان القديم مثل قوة "الدين"؛ لأن تأثيرها يشاهد واضحًا في كل نواحي نشاطه، ولم يكن أثر هذه القوة في أقدم مراحلها الأولى إلا محاولة بسيطة ساذجة يتعرف بها الإنسان ما حوله في العالم، ويخضعه بما فيه الآلهة لسيطرته، فصار وازع الدين هو المسيطر الأول عليه في كل حين، فما يولده الدين من مخاوف هي شغله الشاغل، وما يوحي به من آمال هي ناصحه الدائم، وما أوجده من أعياد هي تقويمه السنوي، وشعائره - برمتها - هي المربية له والدافعة له على تنميته الفنون والآداب والعلوم.
فقه الإماء والجواري، والعبيد والمماليك، وزواج المتعة في الإســلام (الشيعي والسني)
حسنى عايش دراساتولَكِنَّ الإِسلامَ بِمَذهَبَيْهِ الكَبيرَيْن: السُّنَّةِ والشِّيعَةِ،لَم يَتَجاوَزْ، وَلَم يُحَرِّمْ الرِّقَّ. فَعُمَرُ بنُ الخَطَّاب -رَضِيَ الله عَنهُ- لَم يَكُن يَعني العَبيدَ والمماليكَ والإِماءَ والجَوارِيَ عِندَما صاحَ صَيحَتَهُ المَشهورَةَ طالِبًا ضَربَ ابْنَ الأَكرَمين : "مَتَى اسْتَعْبَدْتُم النَّاسَ وقَد وَلَدَتهُم أُمَّهاتُهُم أَحرارًا"، وإِلَّا لَكانَ حَرَّرَهُم فَورًا، وأَوْقَفَ الاسْتِعبادَ.
صورة المرأة ومكانتها فى اليهودية والمسيحية والإسلام
حسنى عايش دراساتعَن المَرأَةِ في الإِسلامِ يَجِدُ المُؤَلِّفُ المَوْضِعَ الصَّحيحَ لِمُقَارَنَةِ وَضعِ المرأَةِ في الدِّينِ الحَديثِ (الإِسلامِ)، بالقَديمِ (اليَهوديَّةِ والمسيحيَّةِ)، وَوَصَلَ إِلَى استِنتاجٍ سَليمٍ، وَهُوَ الأَهَمُّ في الكِتابِ، بِقَولِهِ: "إِنَّ التَّحريمَ الإِسلامِيَّ في هَذِهِ الأُمورِ لَم يَخرُج عَلَى التَّشريعاتِ التَّوراتِيَّةِ فيها، أَو يُنكِرْها".
البيئة والمجتمع (مقدّمة نقديّة)
بول روبنس دراساتما هِيَ العَلاقَةُ بَينَ قِلَّةِ عَدَدِ المدارِسِ في دَولَةٍ نامِيَةٍ وانتِشارِ مَحلَّاتِ ماكدونالد للوَجَباتِ السَّريعَةِ؟ هَلْ فَكَّرتَ وأَنتَ تَفتَحُ عُلبَةَ التُّونَةِ في دِماءِ الدَّلافين الَّتي سالَت في سَبيلِها؟ هَلْ المِياهُ المعَبَّأَةُ شَيءٌ جَيِّدٌ للمُجتَمَعِ والبيئَة؟ هَل زيادَةُ أَعدادِ الخَنافِسِ والنَّملِ أَحسَنُ بالنِّسبَةِ لِبيئَةٍ صِحِّيَّةٍ في زِراعَةِ البُنِّ؟ ما أَثَرُ أَكْلِ البَطاطِسِ المحَمَّرَةِ عَلَى البيئَةِ؟ هَل الذِّئابُ مُفيدَةٌ لِلمُجتَمَعِ والبيئَةِ؟ هل مِن حَقِّ الأَشجارِ أَنْ يَكونَ لَهَا مُمَثِّلين لِلدِّفاعِ عَن حُقوقِها أَمامَ المحاكِمِ؟ هَذِهِ بَعضٌ مِنَ الأَسئِلَةِ الَّتي يُعالِجُها كِتابُ "البيئَةُ والمُجتَمَعُ" بِبَساطَةٍ وعُمْقٍ في نَفسِ الوَقتِ حَيثُ يَبدَأُ كُلُّ فَصلٍ بِقِصَّةٍ قَصيرَةٍ، ثُمَّ يَتَعَمَّقُ في شَرحِ المشكِلَةِ البيئِيَّةِ/ الاجتِماعِيَّةِ الَّتي تُعَبِّرُ عَنها. كِتابٌ جَيِّدٌ، يَترُكُكَ وقَد اختَلَفَ تَفكيرُكَ بَعدَ أَنْ تَنتَهِيَ مِن قِراءَتِه عَمَّا كانَ عَلَيه قَبلَ أَنْ تَقرَأَهُ، وهُو هامٌّ ومُمتِعٌ في نَفسِ الوَقتِ.
لغة الطيور
نوربرت شوير أدب مترجم حديثسافَرَ باول أريموند إلى أفغانستان عام 2003 بِوَصفِهِ مُسعِفًا في الجَيشِ الأَلمانِيِّ،سافَرَ إلى بَلَدٍ زارَها جَدُّهُ الأَكبَرُ أمبروزيوس ذاتَ يَومٍ بَحثًا عَن لُغَةٍ عالَمِيَّةٍ للطُّيور. باول الَّذي يَشعُرُ بالذَّنبِ بَعدَ حادِثَةِ سَيَّارَةٍ تَسَبَّبَ فيها، يُحِبُّ أَيضًا مُراقَبَةَ الطُّيورِ ووَضْعَ رُسوماتٍ لَها. رِوايَةُ نوربرت شوير ذاتُ الرُّسوماتِ العَديدَةِ تَدورُ حَولَ عاشِقٍ مُرهَفِ الحِسِّ، وتَتَوَغَّلُ إلى قَلبِ التَّشابُكاتِ الَّتي تَنشَأُ مِنها الحَياةُ الغامِضَةُ لأَبطالِها المتَحَرِّكين والمنفَرِدين.
ترامب
تيد رال مصورمليارديرُ العَقاراتِ... نَجمُ تَلفزيونِ الواقِعِ... رَئيسُ الوَلاياتِ المتَّحِدَّة! وَرِثَ دونالد ترامب ثَروَةً هائِلَةً مِنْ والِدِه. لَكِنَّهُ أَرادَ المزيدَ. داهِيَةٌ، ولا يَعرِفُ الكَلَلَ. قالَ إِنَّه لَم يُفَوِّتْ فُرصَةً أَبَدًا لِتَوسيعِ حِيازاتِهِ. تَحَوَّلَ هُوَ نَفسُهُ إلى عَلامَةٍ تِجاريَّةٍ عالَمِيَّةٍ. قامَ بِتَسويقِ شَخصِيَّتِه كَمُنتَجٍ. بَنَى إمبِراطوريَّةً. ولَكِنْ هَذا لَمْ يَكُنْ كافِيًا. أَرادَ أَنْ يَكونَ رَئيسًا، وكانَ عَلَى استِعدادٍ لِفِعْلِ وَقَوْلِ أَيٍّ كانَ ما يَتَطَلَّبُه الأَمرُ. دونالد ترامب، الَّذي لَم يَشغَلْ مَنصِبًا سِياسِيًّا أَبَدًا، أَظهَرَ هَدَفَهُ المُطلَقَ: الاِستِيلاءَ العَدائِيَّ عَلَى الحِزبِ الجُمهوريِّ. صَدَمَ الجَميعَ، باستِثْناءِ أُولَئِكَ الَّذينَ عَرَفوهُ.
جذور الفكر الاشتراكى فى مصر (تجديد الفكر السياسي المصري الحديث)
على الدين هلال دراسات"الفِكْرانِ: الاشتِراكِيُّ واللِّيبراليُّ لَم يَتَطَوَّرَا كَطَرفَيْ نَقيضٍ أَو في مُواجَهَةٍ مَعَ بَعضِهما البَعض، بَلْ أَدرَكَ كَثيرٌ مِن المُفَكِّرينَ المصريِّين الصِّلَةَ الوَثيقَةَ بَينَهما، فَحَرَصَ الكَثيرُ مِن رُوَّادِ الفِكرِ الاشتِراكِيِّ في مِصرَ عَلَى تَأكيدِ الصِّلَةِ بَينَ الاشتِراكِيَّةِ والدِّيمُقراطِيَّة، كَما أَكَّدَ عَدَدٌ مِنَ المُفَكِّرين اللِّيبرالِيِّين على ضَرورَةِ تَحقيقِ العَدالَةِ الاجتِماعِيَّةِ كَشَرطٍ للدِّيمُقراطِيَّة." عَلِيُّ الدِّين هلال
الدين والمجتمع والدولة
عبد الله شلبى دراساتعَلَى امتِدادِ التَّاريخِ الإِنسانِيِّ كانَ الدِّينُ -وَلَا يَزالُ- ظاهِرَةً إِنسانِيَّةً تاريخيَّةً مُستَمِرَّةً لَمْ تُبَدِّدْها العَقلانِيَّةُ بِحالٍ، ولَمْ يُبَدِّدْه التَّقَدُّمُ الإِنسانِيُّ العِلمِيُّ الاقتِصادِيُّ، قَد نَأسَفُ لِبَعضِ أَشكالِهِ، وَقَد يَغيظُنا بَعضُ دَعاوَاه، وتَضغَطُ عَلَى نُفوسِنا وقُلوبِنا بَعضُ مُتَطَلَّباتِه وأَوامِرِه ونَواهيه، وقَد يَستَبِدُّ بِنا بَعضُ دُعاتِه، كَما قَد تَرُدُّنا بَعضُ دَعاواهُم إِلَى أَزمِنَةٍ ظَلامِيَّةٍ جاوَزَتها البَشَريَّةُ بِحُكمِ سُنَنِ التَّطَوُّرِ، وقَد تَجعَلُ بَعضُ حَرَكاتِهِ وجَماعاتِهِ حَياتَنا مَريرَةً لا تُطاقُ بالنَّظَرِ إِلَى تَفسيراتِهِم وتَخريجاتِهِم البَشَريَّةِ لِنُصوصِه، كَما قَد تَلُفُّ بَعضَ وُجوهِهِ أَصنافٌ مِنَ السِّحرِ.
حصاد الملح والريح
السيد الجزايرلى أدب عربييا شاهدَ القبرِ انتظرْني وردةً سأعودُ وحْدي خاليًا من كلِّ أحزانِ الوداعْ ستكونُ ذاكرتي الصغيرةُ صفحةً دوَّنتُ فيها ما تيسَّرَ من وصايا الأصدقاءِ إلى ذويهِمْ في العدمْ أو بعضَ صرخْاتِ الأراملِ واليتامى المخلصينَ لحزنِهمْ سيكونُ فيها بعضُ أرقامِ الهواتفِ ربَّما أحتاجُ شمعًا كي أُواجهَ عَتْمَتي.
التحول الكبير إعادة تكوين الثروات وشبكات التحول الاجتماعى فى عصر محمد على ج2
بسكال غزالة دراساتيَتَناوَلُ الكِتابُ -المُستَمَدُّ مِن أُطروحَةِ الدُّكتوراه الَّتي نالَتها المُؤَلِّفَةُ من "مَدرسَةِ الدِّراساتِ العُليا للعُلومِ الاجتِماعِيَّة" بباريس- كَيفِيَّاتِ تَأسيسِ وتَعزيزِ ونَقْلِ الثَّرواتِ في مِصرَ في الفَترَةِ بَينَ عامَيْ 1780 و1830، بالاسْتِنادِ إلى تَوثيقٍ غَيرِ مَسبوقٍ لِحُجَجِ المَحاكِمِ العُثمانِيَّةِ ووَثائِقِ الدَّولَةِ المِصرِيَّةِ في الفَترَةِ بَينَ عامَيْ 1805 و1848. يَهدُفُ العَمَلُ إلى إِعادَةِ رَسمِ مَسارِ إِحدَى الجَماعاتِ (كِبارِ التُّجَّارِ) وتَحليلِ الشَّبَكاتِ العَلائِقِيَّةِ الَّتي يَحشِدُونَها بالاسْتِنادِ إلى نَهْجٍ يَقتَرِبُ مِنَ التَّشخيصِ، ويَختَبِرُ -في آنٍ- التَّعريفَ الخاصَّ بِهَذِه الجَماعَة. عَمَلَت باسكال غزالة على دِراسَةِ مُحتَوى الفِئاتِ الاجتِماعِيَّةِ، الَّتي أَفادَت في تَقديرِ المُجتَمَعِ الحَضَريِّ في مِصرَ في العَصرِ العُثمانِيِّ، لا سِيَّما الأُسرَةُ والعَسكَرُ والتَّجَّارُ في عُصورٍ وسِياقاتٍ مُختَلِفَةٍ، وذَلِكَ مِنْ خِلالِ البَحثِ في العَلاقاتِ المادِّيَّةِ والقانونِيَّةِ بَينَ الأَفرادِ؛ مِمَّا مَكَّنَها مِن الكَشفِ عَن كَيفيَّاتِ الاستِخداماتِ المادِّيَّةِ لِلمِلْكِيَّةِ في الوَسَطِ الحَضَريِّ.
الخوف والقرف فى لاس فيجاس
هنتر إس. طومسون أدب مترجم حديث"هَلْ نَحنُ هُنا للاستِمتاعِ أَمْ لإِنجازِ المَهَمَّة؟". ذِكرياتٌ غَريبَةٌ في تِلكَ اللَّيلَةِ المُرهِقَةِ في لاس ڤِيجاس، بَعدَ ذَلِكَ بِخَمسِ سَنَواتٍ؟ سِتَّة؟ تَبدو كَعُمرٍ كامِلٍ، أَو عَلَى الأَقَلِّ كَحِقبَةٍ أَساسِيَّةٍ، ذُروَةٍ مِن نَوعٍ لَن يَتَكَرَّرَ. سان فرانسيسكو في مُنتَصَفِ السِّتِّيناتِ، أَمرٌ مُمَيَّزٌ للغَايَةِ للانتِماءِ لِهَذِهِ اللَّحظَة. رُبَّما يَعني هَذا شَيئًا، ورُبَّما لا، عَلَى المدَى الطَّويلِ... لَكِنْ لا شَرْحَ يَفِي، لا مَزيجَ مِن كَلماتٍ أَو مُوسيقا أو ذِكرياتٍ تَكفي لِلَمسِ ذَلِكَ الشُّعورِ بِأَنَّكَ كُنتَ هُناكَ، عِشتَ في ذَلِكَ الرُّكنِ مِن الزَّمانِ والعالَمِ، أيًّا كانَ ما يَعنيه هَذا... يَصعُبُ الوثوقُ في التَّاريخِ، بِسَبَبِ كَمِّ الهُراءِ المستَأجَرِ، لَكِنْ حَتَّى بِدونِ تِلكَ الثِّقَةِ، يَبدو مَنطِقِيًّا تَمامًا أَنْ يَحدُثَ، بَينَ حينٍ وآخَرَ، أَنْ تَبلُغَ طاقَةُ جيلٍ كامِلٍ ذُروَتَها في وَمضَةٍ مُطَوَّلَةٍ ومُشبَعَةٍ؛ لأَسبابٍ لا يَفهَمُها أَحَدٌ حَقًّا وَقتَذاكَ، ولا تُفَسَّرُ أَبَدًا، بِأَثَرٍ رَجعيٍّ ما حَدَثَ حَقًّا. "مَلحَمَةٌ وَحشِيَّةٌ مِن دُكتورِ الصَّحافَةِ الخارِجِ عن القانونِ". The Guardian "كتابٌ عَن عالَمِ المُخَدِّراتِ في لاس ڤِيجاس... أَفضَلُ كِتابٍ عن المُخَدِّراتِ". NYT Book Review "هُناكَ صِفَتانِ فَقَط يَهتَمُّ بِهِما الكِتابُ: «الرَّائِعَة»، و«الشَّنيعَة»". هنتر إس طومسون "لَدَيهِ القُدرَةُ الكامِلَةُ في الاثنَتَيْن: «الخوف» و«القرف». هُوَ إحساسٌ عَصريٌّ لاذِعٌ". Tom Wolfe
النزعة السلمية كحالة مرضية (تأملات فى دور الكفاح المسلح فى أمريكا الشمالية)
وارد تشرشل فكريَكشِفُ هَذا الكِتابُ عَن فِكْرِ تَيَّارٍ رَئيسيٍّ مِن مُفَكِّري الغَربِ، مِن غَيرِ ذَوي الأُصولِ الأُوروبيَّةِ، فيما يَتَعَلَّقُ بالعُنصُريَّةِ المُتَأَصِّلَةِ في الثَّقافَةِ الأُوروبيَّةِ، الَّتي تُساهِمُ في مُفاقَمَةِ ما يَصِفُه وارد تِشرشِل بـ "الحالَةِ المرَضِيَّةِ" لِمَا أَصبَحَ يُعرَفُ بالحَرَكَةِ السِّلْمِيَّةِ، والَّتي تَقِفُ وَراءَ المواقِفِ الثَّابِتَةِ المستَمِرَّةِ الَّتي تَتَّخِذُها "المُعارَضَةُ" الأُوروبيَّة / الأَمريكِيَّةُ "البَيضاءُ"، فَيَفضَحُ نِفاقَ ما يُعرَفُ باليَسارِ والقُوَى التَّقَدُّمِيَّةِ في الغَربِ عُمومًا، وفي أَمريكا خُصوصًا. وهُوَ أَمْرٌ يَجِبُ أَنْ تَعِيَهُ بُلدانُ وشُعوبُ العالَمِ الثَّالِث -ومِصرُ والمصريُّون مِن بَينِهِم- في كِفاحِهِم ضِدَّ الاستِعمارِ (الَّذي كان وما زالَ أُوروبيًّا بالتَّحديدِ) في ثَوبِه "الجَديدِ"، وأَشكالِ حُروبِهِ الجَديدَةِ مِنَ النَّوعِ الثَّالِثِ والرَّابِعِ، وماذا يَجِبُ أَنْ نَتَوَقَّعَ (أو لا نَتَوَقَّع) مِمَّا يُطلَقُ عَلَيهِ مُعارَضَةٌ أُوروبِيَّةٌ فيما يَتَعَلَّقُ بِمَواقِفِها المُتَراخِيَةِ المُتَواطِئَةِ مَعَ حُكومَاتِها مِنْ جِهَةٍ، ونَظرَتِها العُنصُرِيَّةِ المُتَعالِيَةِ تِجاهَ شُعوبِنا "في العالَمِ الثَّالِثِ" مِنْ جِهَةٍ أُخرَى.
الفيس بوك والفلسفة
دي إي وتركوور فكردَعونا نُواجِه الأَمرَ. الفيسبوك مُمتِعٌ وفاتِنٌ، مِن ثَمَّ سُرعانَ ما يُدمِنُه الإنسانُ. مِن أَحَدِ أَسبابِ استِمتاعِنا بِهِ أَنَّهُ يُغَذِّي الأنا لَدَينا. "لَقَد مَرَرنا جَميعًا بِهَذِه الحالَةِ أَو تِلكَ مِن النَّرجسيَّةِ الَّتي غَذَّاها الفيسبوك باقتِدارٍ؛ لأنَّكَ -بِبَساطَةٍ- لَدَيكَ مَجالٌ واسِعٌ تَتَحكَّمُ فيه بـ «كَيفِيَّةِ إظهارِ نَفسِكَ»، ومتى، وبِأَيِّ خِطابٍ؛ بِما يَجعَلُنا نَستَحضِرُ صُورَةَ نيتشه العَدَميَّة عِندَما يُقَدِّمُ لَنا في «العِلْم المَرِح» رَجُلًا مَجنونًا يُعلِنُ مَوتَ الله، مُتسائِلًا: «أَلَا تَرانا نَتَحَرَّكُ بَعيدًا عَن كُلِّ الشُّموسِ؟ أَلَا تَرانا نَغرَقُ دونَ تَوقُّفٍ: خَلفًا، وجَنبًا، وأَمامًا، في جميع الاتجاهات؟"»، هذا –تَحديدًا- ما نَشعُرُ بِه عِندَما نَتَسَكَّعُ مَعَ الفيسبوك، مِثلَما أَوضَحَ أَحَدُ مُؤَلِّفي الكِتاب. نَغرَقُ بِحالَةٍ مِن التِّيهِ عَبرَ خُيوطٍ مِنَ التَّعليقاتِ، وثُقوبٍ مِنَ النَّصوصِ التَّشَعُّبِيَّة. فَسُرعانَ ما نَنكَمِشُ «مِثلَ طِفلٍ يَشعُرُ بالدُّوارِ، هَبَطَ مِنْ فَوْرِه مِن عَلَى لُعبَةِ الأُرجوحَةِ الدَّوَّارَةِ، باحِثًا عَنْ شَيءٍ يُمسِكُ بِه، أَيِّ شَيءٍ»". هَكذا الفيسبوك وأَنتَ عَلَى أَريكَتِكَ، أَو مَكتَبِكَ تَنسِجُ عالَمًا أنتَ عِمادُ التَّحَرُّكِ فيه، ولَكِنْ عِندَما تَبدَأً التَّعليقاتُ ورُدودُ الأَفعالِ ووَضعُ وَصْلاتٍ تَشَعُّبِيَّةٍ تُوصِلُكَ إلى مَراجِعَ في صورَةِ مَقالاتٍ أَو أَفلامٍ أَو كُتُبٍ تَرُدُّ على طُروحاتِكَ النَّظَريَّةِ أو السِّياسِيَّةِ؛ سَتَجِدُ نَفسَكَ في مَتاهَةٍ أَكَلَت وَقتَكَ، وجارَت عَلى مُفرَداتِ يَومِكَ: الغَثِّ مِنها والثَّمين.
آخر الأيام الدافئة
ريكاردا أدب مترجم حديثقِصَّةُ حُبٍّ عائِلِيَّةٌ، لَكِنَّها بِالأَساسِ قِصَّةُ عائِلَةٍ فَرَّقَها جِدارُ بِرلين. تَبحَثُ آنا ذاتُ التِّسعَةِ وعِشرين عامًا عَن جَدِّها الَّذي هَرَبَ إلى ألمانيا الشَّرقِيَّة عامَ 1961، واختَفَى بَعدَها مُباشَرَةً. تَجِدُ آنَّا في بَحثِها حُبَّها الحَقيقِيَّ قَبلَ أَنْ تَتَكَشَّفَ قِصَّةُ جَدِّها، وتَتَغَيَّرَ حَياتُها تَمامًا. كَيفَ أَثَّرَ جِدارُ بِرلين وانْهِيارُه عَلَى جِيلٍ بَأَكمَلِهِ اجتِماعِيًّا ونَفسِيًّا، وكَيفَ بَدَأَت تِلكَ التَّحَوُّلاتُ الثَّورَةَ الاجتِماعِيَّةَ في ألمانيا، هِيَ قِصَّةٌ بانورامِيَّةٌ لِتاريخِ أَلمانيا الاجتِماعِيِّ الحَديثِ مُنذُ الخَمسيناتِ إِلَى الآن، قِصَّةٌ عَن الحُبِّ والخِيانَةِ عَن الوَطَنِ والغُربَةِ وعَن سُؤالِ الحُرِّيَّةِ: هَلْ نَبقَى أَمْ نَرحَلُ؟ السِّياسَةُ لَها تَأثيرُها عَلَى الحَياةِ الخاصَّةِ لِلعائِلاتِ يُمكِنُ أَنْ تُدَمِّرَ الأُسرَةُ أَحيانًا. تَجعَلُ ريكاردا يونجه هَذا واضِحًا تَمامًا في رِوايَتِها.