إلى مَتَى سَأظَلُّ مَشغولًا بإسماعيل؟ وماذا يَقولُ؟ وماذا يَفعَلُ؟ ضاعَ عُمري بِجُوارِكَ يا إسماعيلُ وأنا أَصنَعُكَ أَنتَ، وأُسَجِّلُ في ذاكِرَتي مَواقِفَكَ أَنتَ، وذِكرياتِكَ أَنتَ، وتَدريباتِكَ أنتَ، واهتِماماتِكَ، وما يَسُرُّكَ، وما يُضيرُكَ... بالطَّبعِ لا أَستَطيعُ أَنْ أَحمِلَ رَجُلًا يَزيدُ عن 95 كيلو، لا سِيَّما رَجُلًا مَقتولًا. أَحضَرتُ طَبَقَ الماءِ والصَّابونِ إلى الغُرفَةِ، وأَمسَكتُ بالمِقَصِّ وأَصابِعي تَهتَزُّ داخِلَ فَتْحَتَيْه، ثُمَّ شَقَقتُ الجِلبابَ حَولَ السِّكِّينِ كي لا أُضطَرَّ إلى إخراجِهِ مِن الجَسَدِ حتَّى أَتَّصِلَ بالشُّرطَة. كيفَ لَم أَلْحَظْ يَومًا أَنَّ كُفوفَ يَدَيْه وقَدَمَيْه ضَخمَةٌ إلى هَذِه الدَّرَجَة، وأنَّ رَأسَه كَبيرٌ كَرأسِ ثَورٍ، وشَفَتَيْه مُتَدَلِّيَتَان كَكَلبٍ "بيتبول". غَسَلتُ الجَسَدَ كامِلًا من لُزوجَةِ الدِّماءِ وعَطَّرتُه بالمِسْكِ كما كان يَفعَلُ بَعدَ الحَمَّامِ، أَلبَستُه جِلبابًا نَظيفًا. رائِحَةُ البَخورِ في الغُرفَةِ تَطغَى على رائِحَةِ القاتِلِ، فلا أَستَطيعُ أَنْ أَتَتبَّعَ رائِحَةً بِعَينِها. أَنا أَعرِفُهم جَميعًا، وأُمَيِّزُ رَوائِحَهم، رائِحَةَ عَرَقِ كُلٍّ مِنهُم، ورائِحَةَ عِطرِه المُحَبَّبِ وعِطرِه غَيرِ المُحَبَّبِ، بَلْ ونَوعَ البَخورِ المُفَضَّلِ لَدَيه. والغَريبُ أَنَّ هذا البَخورَ المُشتَعِلَ في الغُرفَةِ هُو المُفَضَّلُ لإسماعيلَ نَفسِه. هَل يَكونُ أَشعَلَهُ قَبلَ أَنْ يَنْقَضَّ عَلَيه القاتِلُ؟