تابعنا علي مواقع التوصل الاجتماعي

"لعلَّ تلك الليلة كانت سَهرتها الدّرامية الحقيقية والوحيدة، وليس هذا الحريق الذي يشبُّ في موضعٍ كلَّ يخمُد في آخَر كأنه طفل يلعبُ الغميضة مع رجال المطافئ. لكنها لم تدرك ذلك حالَ حدوثه، لم تدرك أنَّ سرقتها لخطيب صاحبتها ستكون أشدَّ مغامرات حياتها جنونًا. ظنَّت أنَّ الحياة لم تزل أمامها، وأنها ستقدِّم لها الكثير من العلاقات العابرة والليالي المجنونة. لم تَنَل الكثير من ذلك، سرعان ما تزوَّجَت كأنها تحتمي من الحياة ببيت وأسرة، أنجَبَت واشتغلت وكبرت، ثم انفصلت وتزوَّجَت من جديد، لكنها لم تنجب من جديد، وانتهت حياتها إلى مسلسل اجتماعي بليد، مسلسل من مائة حلقة لا يكاد يحدث فيها شيء. لطالما تركت نفسها للتيار، تمضي مع الرَّكب؛ فَقط لكي تُتركَ وحيدة. بذلت أقصى جهدها على الدوام، فقط لمجاراة التَّيَّار لا لتفوز بأي شيء، حتى وإن بدا كل مجهودها هذا، مقارنةً بنشاط الآخرين، تباطؤًا وخمولً. كانت تسايرهم لتبقى معهم، المهم ألا يكشف أحدٌ سرَّها، ألا يعرفوا حقيقتها، وأنها مجرد ضيفة عليهم، ولو خُيرَّتّ لفضَّلت الخروج فورًا من المظاهرة والابتعاد عن نهر الطريق والوقوف على الرصيف والاكتفاء بالفُرجة، كما تفعل الآن صباح كل يوم مع النسكافي أمامَ فظائع العالَم."