الفرص الضائعة
مجدي عبد الحميد أدب عربييَبدو أَبطالُ هَذِهِ القصَصِ وكَأنَّهُم يَبحَثون عَن آمالٍ عَجَزوا عَن تَحقيقِها؛ رُبَّما لِأنَّها مُستَحيلَةٌ أَصلًا، كالطَّيرانِ بِلا تَوقُّفٍ؛ بَحثًا عَن هَدَفٍ غامِضٍ، يَنتَهي بِالبَطَلِ إلى الاستِسلامِ لِهُبوطٍ لا يُعرَفُ مَدى سَلامَتِه، ورُبَّما لأنَّها آمالٌ في تَحقيقِ بُطولَةٍ قَد لا يَستَطيعُ الكومبارس أَنْ يُحَقِّقَها إلَّا في مَشهَدٍ واقِعيٍّ قَد يُرضي ذاتَهُ المُحبَطَة، إلَّا أنَّه يَظَلُّ مَشهَدًا عارِضًا لا يَتعلَّقُ بآمالِهِ في البُطولَةِ عَلى خَشَبةِ المسرَحِ، حَيثُ الشُّهرَةُ والمجدُ، وهُوَ ما حَلُمَ بِهِ وتَمنَّاه. الكاتِبُ إِذَن لَيسَ أسيرَ الإحباطِ والقَرَفِ كَما يَبدو لأَوَّلِ وَهلَةٍ، وإنَّما هُو أَسيرُ مَشاعِرَ مُتَناقِضَةٍ مِنَ التَّمسُّكِ بالأَمَلِ والاستِسلامِ لِلإحساسِ بِعَدَمِ الجَدوَى، وأغلَبُ الظَّنِّ أَنَّ تَمَسُّكَه بالأَمَلِ هُو الغالِبُ، وهُوَ الأثَرُ الَّذي يَترُكُهُ في نَفْسِ القارِئ.
خمس ورقات
محمد العريان أدب عربيأحيانا يتعب من التفكير، وتصيبه أحلام اليقظة بالملل، فيراقب ظله على كشافات أعمدة الإنارة، يشهد الخلق، يبدأ ظله أسفل عامود الإنارة صغيرا ضعيفا، يدفع قدمه محاولا دهس رأس ظله فيكبر، يهرب الظل من قدمه بالتضخم، يتحداه، يحاول مرة أخرى أسرع حتى يدهسه فيزداد طولا، يصبح عملاقا يملأ بين عامودي الإنارة، جبارا يرقد على الرصيف، يتخيل ظله يجلس ويمد يده يشحت من المارة ليذله، يسرع خطاه هربا، ليس أنا، يختفي ظله، ويطل برأسه مرة أخرى ضعيفا أسفل عامود الإنارة التالي، مئات الأعمدة تنتظر ظل راضي، دورة حياة لا تنتهي تحت قدميه.
شموع الجثة (وقصص أخرى)
قصُقَي فبُكُ أدب مترجم حديثمجموعة قصصية مُنتَقاة لأهم أعمال الكاتب الياباني "قُصَقَي فٌبكُ". تمتاز أعمال "فٌبكُ" بدهائها الأصيل؛ فهي أعمال بوليسية أصيلة تحتوي على اللغز والحِكمَة والدهشة، في إطارٍ من الرشاقة والاتِّصال. تُعدُّ أعمال "فبك" القصصية -والتي تبلغ من العمر مائة عام- من أبرز الأعمال القصصية اليابانية، والتي لم يسبق لها أن تُرجِمَت إلى اللغة العربية قَطُّ. في تلك لمجموعة محاولة لنقل عملٍ أدبيٍّ ياباني متنوِّع لمجموعة من أكثر القصص القصيرة تشويقًا والأكثر غموضًا على مدار قرن من الزمان.
صورة شخصية للموت
إسلام أحمد أدب عربي"يتقدَّم وَلدان عاريان مُتطابِقا الشَّكل، في يَدِ أحدهما سِكِّينٌ، والآخر كاميرا، في مَركزها عَينٌ حَقيقيَّةٌ، سِكِّين في القَلب، سِكِّين في الرِّئة، سكِّين في السُّرَّة. يَسقط المَقتول في أرضِ الحمَّام". المجموعة القَصصيَّة "صورة شخصية للموت"، المُؤَلَّفة من تسع قصص، ينتقل فيها الراوي بين عوالِمَ خياليَّة مُظلِمة داخل ذواته، عوالم مُؤَلَّفة من غُرَف حمراء أو خضراء، لها روائح عَطِرة أو عَطِنَة. ينتقل فيها الراوي بين الطفولة والكهولة، وتشغله تساؤلات عن الحقيقة: عن حقيقة المسارات. للقصص حِسٌّ سَرديٌّ أميَلُ للكتابة الشعرية، يسرد فيها حكايات الكيانات متعدِّدة للسَّارد، فتارةً يصبغ علي القصة صوتَ السَّرد الألوهيِّ، وتارةً صوت الكاتب، وتارة أخرى صوت الموت. المجموعة هي الأولي لكاتبها "إسلام أحمد"، وتتميَّز برؤية سينمائية، بالإضافة إلى اسكتشات الرَّسَام الشاب "محمود سليمان"، التي أضفت إليها مذاقًا من الوحشية وظُلمَة النفس.
نابلـيون والقرد
محمد عبد الله سامي أدب عربيانتهت السيجارة الأولى وخلّغت وراءها عالم فسيح لم يكن بالغه إلا بحلم ، فقام " الليمون " من مضجعه فوق الكثيب الأول ، ثم أشعل سيجارته الثانية وبدأ يمشى بين حشايا الكثبان، وكأنها تعيد ترتيب مواقعها لتمهد له طريقا يمشى فيه ، طريقا ً ذو أرض لينة . بدأت تميز أنفه رائحة مستساغة ، أخاذة ، تشبه رائحة ورود برية مختلطة ، يتمنى لو أن تزيد ، فتزيد ، حتى أصبحت نسمات تلك الرائحة هى التى تحمله إليها ، فاستسلم لأنفه الذى الذى ظل يبحث عن مصدر الرائحة إلى أن سلمته الكثبان إلى ساحة خفية فيما بينها ، وظهرت فى منتصفها بحيرة مائية كبيرة ، تعكس ذلك اللون الأرجوانى فى السماء وتفتته إلى درجات ، تفوح منها تلك الرائحة العطرة ، فاقترب من طرفها واغترف منها بكف يده غرفة خاطفة ، فأحس بالماء فى يده أبرد من المعتاد ، أثقل من الماء الجارى ، وإذ بالرائحة تعلق بكف يده بعد أن ألقى ما به من ماء فى البحيرة.
تربية حيوانات متخيلة
أحمد وائل أدب عربي"التَّرَدُّدُ والتَّأمُّلُ استَغرَقَا الكَثيرَ من مُؤلِّفِ هذا الكِتابِ، هُنا قصَصٌ لا سِيَرٌ ذاتِيَّةٌ، وإنْ كان التَّمييزُ يَزدادُ صُعوبَةً بَينَهُما، بعدَ دُخولِ الشَّخصيِّ إلى المَتْنِ؛ فَصِرنا لا نَعرِفُ إنْ كُنَّا في حُلمٍ أَمْ عِلمٍ، نَقرَأُ صَحافَةً أَمْ أَدَبًا، نُرَبِّي ذَواتِنا أَمْ نُرَبِّي خَيالنا... بَينَ كُلِّ هَذِهِ الثُّنائِيَّات تَتَحرَّكُ عَوالِمُ أَربَعَةَ عَشرَ نَصًّا". "دونَ وَعيٍ مِنِّي حاذَيتُ حَذوَه وسِرتُ بِلا إِرادَةٍ في فَلَكِه، حيثُ نَشَرتُ كِتابي، لَم أُكَرِّرْ ذَلِكَ، بل طفقت أَكتُبُ، ثُمَّ مَحَوتُ كُلَّ المُسَوَّداتِ، مُقَلِّلًا من فُرَص النَّشرِ قَدرَ الإِمكانِ، أَو مُتعامِلًا مع ما أَكتُبُ كمادَّةٍ خامٍ تَحتاجُ لتَحرير. التَّحريرُ أَبَديٌّ، أُدَقِّقُ وأُراجِعُ، أتَهرَّبُ من النَّشرِ، مُرَبِّيًا حيواناتي المُتَخيَّلَة، طامِسًا إيَّاها، مُعيدًا تَشكيلَها من جَديدٍ، ماحِيًا آثارَها في كَثيرٍ من الأَحيانِ".
عشان ربنا يسهل الولد الذي نط واختفى
بسمة عبد العزيز أدب عربي" نظر إالى أسفل ثم انحنى ليعيد عقد رباط حذاءه المفكوك ... لم يكن سالم ينحنى بسهولة .. كان يلزمه أن يجلس بطريقة ما ، هبط كما اعتاد فى تأن ، وبعد أن اتم مهمته استند بكفيه على الأرض ليقف ، لكن رائحة غربية لفحته ... رائحة ليست الصحراء مصدرها المباشر .. رفع رأسه قليلا ً فاصطدم بصرة بكتله سوداء لا تبعد عنه سوى أمتار قليلة .. كان الذئب يطالعه فى فضول وكأنما يتساءل عما جاء به إلى هناك .. تسمر سالم وأحس أن قدميه تغوصان فى مكانهما .. لم يكن جالسا ً تماماً ، كما تكن ساقاه مفرودتين ؛ كان ظهره محنيا ، ركبتاه نصف مثنيتين ، كفيه على الأرض تغطيهما الرمال ، وحزامه الجلدى ما يزال منحلاً ومتدليا من ملابسه .. كان الحزام يضيف له بجانب يديه وقدميه طرفا خامسا .. " " مجموعة شديدة الإحكام ، بناء دقيق سواء فى اللغة أو تفاصيل القصة ، وصف ليس فيه زيادة أو نقصان .. حس قصص تشكوف المتعاطفة مع المرضى والبسطاء ، وقصص يوسف إدريس التى حملت هذه النزعة الإنسانية الساخرة " .
الورود حقيقية (وقصص أخرى)
وجيه غالى أدب مترجم حديثالخَيالُ خَيالٌ، ويُهدَرُ إنْ لم تُطلِقْ له العنان؛ لهذا انتظرتُ تلك الزِّيارةَ، تَدرَّبتُ على وضعيَّاتٍ مُثقَّفَة، أَكْثَرْتُ من ارتداء بلوڤرات برَقَبَةٍ وبناطيلَ مخمليَّةٍ، وضَعتُ كَومَةً من الأوراق المطبوعة فوق طاولَتِي، أَلقَيتُ عِدَّةَ أوراقٍ كيفما اتَّفقَ، دَسَستُ ورقةً نِصفُها مطبوعٌ في الآلَةِ الطَّابِعَة "مع الفصل75" واضِحًا أعلاه، وبشَكلٍ ما أضفَيتُ بعضَ الفَوضى على غُرفَتي بزُجاجاتِ ويسكي مُمتَلِئَة وفارِغَة في كُلِّ مكان. وبإضافَةِ أعقابِ السَّجائِر والطَّفَّايات وفناجين القهوة، بدا المَكانُ مُنتجًا فعلًا.
الجو العام
إبراهيم داود أدب عربيقد تكونُ تِلكَ القصصُ -بِشاعِرَيَّةِ اللُّغَةِ الخام- هي واحِدَةٌ من أَعذَبِ المرثِيَّاتِ لِحقبَةٍ تاريخيَّةٍ ثَقافيَّةٍ امتدَّت مُنذُ السَّبعينات وحَتَّى لَحظَةِ اندِلاعِ الثَّورَةِ في مِصر، وما كانَت باهِرَةً، لَولا أَنَّ كاتِبَها أَمْعَنَ في إضْفاءِ التَّعاطُفِ والحَنانِ والحُبِّ العَميقِ والشِّعريَّةِ المكتومَةِ في النَّثرِ البَسيطِ والتِّلقائِيِّ والمقتَضَب، كأنَّ إبراهيم داود يُودِّعُ قاهِرَةً آفِلَةً قبلَ استقبالِ قاهِرَةٍ جَديدَةٍ. يُوَدِّعُ رُعبًا كامِلًا، ناظِرًا بِحَسرَةٍ إلى زَمَنٍ جَديدٍ غَريبٍ ومَجهول".
قلق لا يمكن تفويته
محمد العتر أدب عربي"كان توبيخها بمثابة احتمالات لا نهائية كفيلة بتجسيد قلق لا يمكن تفويته، فحتى ما ادعى فهمه في سمر لـم يعـد يفهمه، وربما لم يكن يفهمه، وأدرك ذلك الآن فقط، بما يجعلها علاقة قائمة على الفهم الخاطئ صححتها رائحة النشادر المقلية. قرّر أن يختار. لملم أغراضه ليغادر. في الطريق تعثّر بحجر أخره، ثم كتب قصيدة؛ فمات. "
مسّاحة للمناورة
أحمد فؤاد الدين أدب عربي"جمعت كل الأوراق الممكنة لكن عاد اضطراب قلبي بعد أن غابت الشمس فاستلقيت على الأرض حتى شعرت ببرودة الشتاء تدفعني إلى الحركة مرة أخرى، أعرف أين عليَّ الذهاب لكني لم أجمع ورقًا كافيًا للكتابة بعد. في الممر الخلفي المُضاء على استحياء بضوء القمر أجد أوراقًا بيضاء مكدسة، ينقل العامل بعضًا منها ويترك الكثير خلفه، سيعود ليدخلها المحل بالتأكيد، لكني أركض وأختطف رزمتين كبيرتين فتتسارع دقات قلبي ولا تهدأ حتى بابتعادي عنه. يحجب الطيف ضوء القمر ويهنئني على ما جمعت ثم يسألني-من دون أن يتكلم- لماذا لا أكتب؟ لا أرد". مجموعة قصصية من 16 قصة قصيرة تعالج الخوف، والحب، والانكسار، والطموح، والرَّغبات: السَّاذجة منها؛ والطموحة. في النهاية، لا يتوقَّف بطل الحكايات عن المحاولة، حتى لو ابتُليَ بالفشل في كل مرة. "
شجرة. صخرة. سحابة. (مختارات من الأدب الأمريكي والإنجليزي)
مجموعة مؤلفين أدب مترجم كلاسيكي" "لا. ليس عليَّ أن أفعل شيئًا. لست مرغَمًا على شيء في هذا العالم سوى الموت. لا فائدة من تصنُّعكِ الخوف من هذا الحيَّة، واعلمي أنها ستبقى هنا حتى تستحيل ترابًا. آه، وهي لن تعضني لأنني خبير في التعامل معها. كما أنها لن تخاطر بكسر نابيها إن رشقتهما في ساقكِ الهزيلة". ثُعبانٌ يُهدِّد حياة امرأة كادِحة، وثورٌ يؤرِّق صاحبةَ مزرعةٍ غير مؤمنة، وورق حائط يثير جنون ساكِنَة قصر مهجور، ورحلة بالقطار لا تشبه أيَّ رحلة سمعنا بها، وأمٌّ جديدة ترميها الأقدار بمفاجأةٍ لم تَحسَب لها حسابًا، ورجلٌ فَقَد ولَدَه يحاول التعايُش مع فكرة الخسارة، وجلسة بمقهى تستشعر فيها أجواء صوفيَّةً خالصة، ويانصيب من نوعٍ مختلف تمامًا؛ هذه هي حكاياتنا الثماني، خُطَّت بأنامل ثماني نساء، تُعَدُّ كلٌّ منهنَّ علامةً في القصة القصيرة. "