"الفكر الدينيُّ كغيره من فروع الفكر الإنساني العام، يُمكن أن يكون عامِلًا من عوامل النهوض والتَّقدُّم، أو التراجع، والتَّخلُّف. والدين في ذاته لا يتحمَّل المسؤولية، وإنما الفكر الديني، تلك الطريقة التي يَفهم بها أتباعُ الدين دينَهم، وهذا ما يجعل الفكر الديني في حاجةٍ ماسَّة إلى معالجة إصلاحية دقيقة. الكتاب محاولة لإعادة قراءة بعض المفاهيم والقضايا الإشكالية التي تُواجه العقل المُستقيل، هذا العقل الذي يتَّخذُ مواقفه وفق انحيازاتٍ عاطفية صاخبة، وليس وفق قناعات عقلانية يُؤسِّس لها تفكيرٌ نقدي هادئ، فعبر تاريخنا لم تتوقف المواقف الانفعالية عن إفراز أشرس تيَّارات الهدم، التي اختارت هدم اللحظة الحاضرة بكل ما تحمله من مُنجَزٍ حضاري؛ بُغية تطهير الحاضر بإعادته إلى الماضي وفق ما يتصوَّرون هُم أنَّه الفهم الصحيح للإسلام، والذي يتمايَزون به عن غيرهم من المسلمين. فكثيرة في تاريخ ثقافتنا العربية الإسلامية الأفكار التي أنتَجَتها عقولٌ بشرية، لكنها تحوَّلَت بفضل التكرار والترديد إلى عقائد لا يُمكن المساس بها، منها ما انكشف زيفه عندما اقتربنا منه، ومنها ما فشلنا في تقديم قراءة علمية تكشف السياقات التي أنتجته، فعاد الكثيرُ من مسائل الفكر الإسلامي إلى منطقة الظِّلِّ بعيدًا عن المراجعة المعرفية، فاسترداد الإنسان كي يبني حضارته مرهون باستكمال تلك المراجعات المعرفية وتعزيز الجانب العقلاني والإنساني في تجربتنا الإيمانية وسلوكنا العام... الكتاب محاولة للتفكير الحرِّ، بعيدًا عن الأجوبة التقليدية الجاهزة، في واقعٍ أصبح السؤال الذي لا يعرف خطوطًا حمراء هو الوسيلة للتفكير الإبداعي. "