كنت نيئأ فنضجت
خالد محمد عبده دراساتفي هذا الكِتابِ نَقرَأُ الهَوامِشَ الَّتي يَراها مُؤَلِّفُه جَديرَةً بالتَّسجيلِ عن المُتونِ الضَّخمَةِ، يُحاوِلُ المؤَلِّفُ أَلَّا يَغُضَّ الطَّرْفَ عَمَّا يَلمَسُ النَّاسُ، وهُوَ مِنهُم، يُحاوِلُ أَنْ يَكتُبَ نَفسَه، لا أَنْ يَنقِلَ مِن الآخَرين ما لا يُعَبِّرُ عَنْ حَقيقَتِه لِيدَّعِي مَكانَةً لَيسَت لَه، وقَد جَمَعَ في أَشتاتِهِ المتَفَرِّقاتِ جُملةً مِن الأَحاديثِ عَن الإِنسانِ والقُرآنِ والنُّبُوَّةِ والأَولياءِ والتَّصَوُّفِ- راجِيًا أَنْ يَكونَ فيها ما يَبعَثُه ويَبعَثُ غَيرَه على الاسْتِمرارِيَّةِ في البَحثِ والتَّفكيرِ والكَدْحِ.
شرح مواقف النفرى لعفيف الديت التلمسانى
جمال المرزوقى دراساتيُقَدِّمُ الكِتابُ تَحقيقًا لمخطوطَةِ "شَرح مَواقِفِ النِّفَّري" لـ "عفيف الدِّين التِّلمساني"، وتَتمَثَّلُ أَهمِّيَّةُ هَذا الشَّرحِ في جانِبَيْن، الأَوَّلِ: فَهْمُ عِبارَةِ النِّفَّريِّ الشَّديدَةِ الرَّمزيَّةِ والتَّكثيفِ، فَمَعَ النِّفَّري يَتَّخِذُ فِعلُ الكِتابَةِ بُعدًا ما وَرائِيًّا، ويَتَحوَّلُ إلى كِتابَةِ قَصيدًةٍ تُؤَسِّسُ بِقَدرِ ما تَمحُو، وتَرمُزُ بِقَدرِ ما تَكشِفُ اللُّغَةُ. والثَّاني: الكَشفُ عَن مَذهَبِ التِّلمِسانيِّ الصُّوفيِّ، الَّذي لَم يَحْظَ بِدِراسَةٍ مُستَقِلَّةٍ حتَّى الآن. ويَعتَمِدُ التَّحقيقُ بِشَكلٍ أَساسيٍّ عَلى مَخطوطَةِ "كوبرلي" باسطنبول، الَّتي يَرجِعُ تاريخُها إلى 695 هـ، أَيْ بَعدَ وَفاةِ التِّلمساني بِخَمسِ سَنواتٍ، وبالتَّالي فَهِي مَخطوطَةٌ لا تُصابُ لها قِيمَةٌ. وفَضلًا عَن قِدَمِها هذا فَإِنَّ العِنايَةَ تَتجلَّى فيها في كُلِّ مَوضِعٍ، وتَشمَلُ حُسنَ الخَطِّ، ووَضْعَ النَّقْط، وتَشكيلَ الحُروف.
النصوص الكاملة للنفرى
جمال المرزوقى دراسات"وإِذا ضِقْتُ ذَرْعًا بِدَوَاعي نَفْسِكَ فَاسْكُنْ إِلَى زَوْجَتِكَ، فَإِنْ ضِقْتَ ذَرْعًا فَإِلى أَهْلِ عِلْمِكَ، فَإِنْ ضِقْتَ فَإِلَى أَهْلِ مَعْرِفَتِكَ، فَإِنْ ضِقْتَ فَسِرْ في الأَرْضِ، فَإِنْ ضِقْتَ فَالْزَمْ بَابِي، فَإِنْ ضِقْتَ فِيهِ فَاصْبِرْ، فَإِنْ ضِقْتَ فِيهِ فَاصْبِرْ، وَيَنْفَتِحْ لَكَ نُورُهُ، وَلَا يُخْرَجُ عَنْهُ عَلَى ضِيقٍ، وَصَابِرْ عَلَيْهِ وَانْتَظِرْ"... والمَيْلُ إلى الوحدَةِ لا يَجعَلُ له تلاميذَ يَحمِلونَ أَفكارَهُ، ودَوَامُ الارتحالِ يُؤَدِّي إلى جَهلِ النَّاسِ بِهِ، وعَدَمِ التَّعَرُّفِ عليه، كما أنَّنا يُمكِنُ أن نَعتبِرَ أُسلوبَهُ شَدِيدَ الرَّمْزِيَّةِ؛ وَالَّذِي يُصَعِّبُ على كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فَهْمُهُ وَإِدْرَاكُ مَرَاميهِ: أَحَدُ الأَسبابِ أَنَّه لَم يَأخُذْ حَقَّه في الذُّيوعِ والانتِشارِ. والمُحَصِّلَةُ أَنَّ ما نَعرِفَه عَن حياةِ النِّفَّري قَليلٌ؛ فَكانَ جَوَّالًا زاهِدًا. وتُوفِّيَ بِأرضِ مِصرَ سنةَ 354 هـ، وهذا التَّحديدُ تُدَعِّمُهُ أَسانيدُ كَثيرَةٌ تُظهِرُها الدِّراسَةُ الَّتي بَينَ يَدَيْكَ.
الأعمال الصوفية لعبد الوهاب عزام
خالد محمد عبده دراساتجَمَعَ هَذا الكِتابُ بَينَ دِفَّتَيْه مَقالاتٍ وتَرجَماتٍ ومُراجَعاتٍ عَن التَّصَوُّفِ الهِنديِّ والفارِسيِّ والتُّركِيِّ بِقَلَمِ رائِدِ الدِّراساتِ الشَّرقِيَّةِ عبد الوهاب عَزَّام. أَغلَبُ هَذِه المقالاتِ كانَ مَنشُورًا في المجلَّات المصرِيَّةِ في بدايَةِ القَرنِ الفائِتِ، ورَغمَ تَقادُمِ الزَّمَنِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ المقالاتِ لا غِنى عَنها لِكُلِّ دارِسٍ وباحِثٍ في التَّصَوُّفِ الإِسلاميِّ وآدابِ الأُمَمِ الإِسلامِيَّةِ؛ لِغِناها وثرائها المعرِفِيِّ، ولِكَونِها اللَّبِنَةَ الأُولى الَّتي انْبَعَثَ مِن خِلالِها الاهتِمامُ بالتَّرجَماتِ عن اللُّغاتِ الشَّرقِيَّةِ. وقَد رَأَينا في جَمعِها ونَشرِها تَحفيزًا للطُّلَّابِ والعاشِقين لِهَذا اللَّونِ مِنَ الآدابِ عَلَى مُتابَعَةِ السَّيْرِ في هَذا الطَّريقِ، وتَتْمِيمِ المسيرَةِ الَّتي بَدَأَها الرُّوَّادُ المُخلِصونَ في مِصرَ، وأَحدَثَت آثارًا عَظيمَةً في جَميعِ البُلدانِ العَربيَّة.
قميص يـوسف (رباعيات مولانا جلال الدين الرومى)
عائشة موماد أدب مترجم كلاسيكيمِنْ أَجْلِ عِشْقِكَ، أُريدُ هَجْرَ الرُّوحِ، مِنْ أَجْلِكَ، أُريدُ هَجْرَ العالمَين. أَرْغَبُ في أَنْ تَقَعَ شَمْسُكَ فَوْقَ المَطَرِ، لِهَذَا سَأَذْهَبُ لِلِقَائِكَ، مِثْلَ السَّحابِ. يَسأَلُ أَحَدُهُم شَمسَ تَبريزي قائِلًا: ماذا أَفعَلُ؟ إِنَّ مَجالَ العِبارَةِ ضَيِّقٌ، واللُّغَةَ مَحدودَةٌ! وكُلَّ هَذِه المُجاهَداتِ مِن أَجلِ أَنْ يَتَخَلَّصَ النَّاسُ مِن اللُّغَة! فَيُجيبُه شَمسُ الحَقِّ: إذا كانَ مَجالُ اللُّغَةِ ضَيِّقًا فإنَّ مَجالَ المعْنَى واسِعٌ! اتْرُكْ اللَّغَةَ إِلى المعنى. هَذا الكَلامُ سُلَّمٌ لِلسَّماءِ، كُلُّ مَنْ يَرتَقيه يَصِلُ إلى السَّقْفِ، لا إلى سَقْفِ الفَلَكِ الأَخضَرِ فَحَسبُ، بَلْ إِلى السَّقْفِ الَّذي يَعلُو الأَفلاكَ. مَولانا جلال الدين الرومي تُرجِمَت هَذِه الرُّباعيَّاتُ اعتِمادًا على النُّسخَةِ الفرَنسِيَّةِ الَّتي قَدَّمَتها المستَشرِقَةُ الفرَنسيَّةُ إيڤا دوڤيتري ميروڤيتش (Eva Devitray-Meyerovitch)، ونُسخَة التُّركيِّ آصِف خالد چلبي.
معنى أن تكون صوفيًّا
خالد محمد عبده دراساتالصُّوفيُّ يَبحَثُ عَن قَلبٍ يَنبُضُ بالحَياةِ، يَطلُبُ الرَّشادَ إِلَى مِعراجٍ سَماوِيٍّ كُلَّ لَحظَةٍ، تَتَجَدَّدُ فيه صِلَتُه بالله، يَكونُ اللهُ صَديقَه الأَوحَدَ ومُطْعِمَه وساقِيَه، لا يَبحَثُ عَنْ كَنزٍ مِن المالِ والمادَّةِ، بَل يَطلُبُ فَتحَ كُنوزِ الرَّحَماتِ حَتَّى تَتَنَزَّلَ عَلَى العِبادِ، لا يُريدُ أَنْ يَرى إِلَّا اللهَ، وفي كُلِّ حُسْنٍ يَرَى صورَةَ اللهِ وَتَجَلِّياتِهِ، يُريدُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِن غُبارِ النَّفسِ الزَّائِفِ، ومِن تُرابِها الَّذي يَمنَعُهُ عِن الحَياةِ، يَطلُبُ العَفوَ وَإِنْ تَوَرَّمَت قَدَماهُ قِيامًا وصَلاةً للهِ، يَطلُبُ النُّورَ الأَعلَى وَإِنْ كانَ في حَضرَةِ رَبِّ العِبادِ.