الطاعون
ألبير كامو أدب مترجم حديثعَلَى كُلِّ حالٍ، كانَ مُواطِنونا قَد بَدَؤوا في تِلكَ الفَترَةِ تَقريبًا في الشُّعورِ بِالقَلَقِ؛ إِذْ أنَّه ابتداءً مِن الثَّامِنَ عَشَرَ من أَبريلَ راحت المصانِعُ والمخازِنُ تَلفُظُ مِئاتٍ مِن جُثَثِ الفِئرانِ. في بَعضِ الحالاتِ كُنَّا مُضطَرِّين إلى إِنهاءِ حَياةِ الحَيواناتِ الَّتي كانَت حالَةُ احتِضارِها بَطيئَةً بأكثَرَ مِمَّا يُحتَمَلُ. لَكِن ابتِداءً مِن الأحَياءِ الخارِجيَّةِ حَتَّى وَسَطِ المدينَةِ، في كُلِّ مَكانٍ كان دكتور ريو يَمُرُّ فيه، في كُلِّ مَكانٍ كانَ أَهلُ مَدينَتِنا يَتَجمَّعون فيه كانَت الفِئرانُ تَنتَشِرُ مُتكَدِّسَةً أَكوامًا، في صناديقِ القِمامَةِ أَو في صُفوفٍ طَويلَةٍ في المجاري، تَناوَلَت صُحُفُ المَساءِ المَسألَةَ مُنذُ ذاكَ اليَومِ وسَألَت إذا كانَت البَلَديَّةُ تَعتَزِمُ أَمْ لا فِعلَ شَيءٍ حيالَ ذَلِكَ، وما هِيَ الإِجراءاتُ الضَّروريَّةُ العاجِلَةُ الَّتي تَنوي اتِّخاذَها لِحمايَةِ رَعاياها مِن هَذا الغَزوِ البَغيضِ. لَمْ تَكُن البَلَديَّةُ قَد اعتَزَمَت شيئًا، ولَم تَكُن تَنوي أَو تَتوقَّعْ شَيئًا عَلى الإِطلاقِ، لَكِنَّ مَجلِسَها بَدَأَ في الاجتماعِ مِن أَجلِ التَّشاوُرِ. صَدَرَ الأَمرُ لإدارَةِ مُكافَحَةِ الجِرذانِ بِجَمعِ الجِرذانِ المَيِّتَّةِ كُلَّ صَباحٍ عِندَ الفَجرِ. عِندَما يَتِمُّ الجَمْعُ تَقومُ عَرَبَتان تابِعَتان للإِدارَةِ بِنَقلِ الحَيواناتِ المَيِّتَةِ إلى مَصنَعِ حَرقِ القِمامَةِ؛ لِحَرقِها.
ألواح موسى
توماس مان أدب مترجم كلاسيكي"أبوه لم يَكُن أباه، وكَذلِكَ أُمُّه لم تَكُن أُمَّه؛ بذلك كان ميلادُه مُضطَرِبًا ومُخالِفًا لنظام الأشياء". "مَهما يَكُنْ من الأمر، فمن المُؤكَّد أن الخروج قد أخذ صُوَرَ النَّفي والطَّرد. والعجلة التي حدث بها ظَهَرَت في حقيقةِ أنَّ أحدًا لم يَجِدْ وقتًا لتخمير الخُبزِ من أجل الرحلة. لم يَجِد النَّاسُ مَؤونَةً سوى في الكَعكاتِ غير المُختَمِرَة التي صُنِعَت على عَجَلٍ. اتَّخَذ موسى من هذه الواقعة احتفالًا تذكاريًّا استمرَّ طوالَ الزَّمَن. لكن في الجوانب الأخرى، كان الجميعُ -كبارًا وصغارًا- مُستعدِّين بالكامل للرَّحيل. وبينما كان المَلاكُ المُدمِّر مُنطَلِقًا في غيِّه، كانوا هم جالسين بخاصِراتٍ مَربوطَةٍ قُربَ عَرَباتِهم المُحمَّلة بالكامِل، أحذيتهم على أقدامِهم، وعصيانهم في أيديهم، آخذين معهم أوعيَةَ الذَّهَب والفضَّة التي كانوا قد اقترضوها من أطفالِ الأرض".
عناقيد الغضب
جون شتاينبك أدب مترجم كلاسيكيالملْحَمَةُ الحائِزَةُ على جائِزَةِ بوليتزر عن الكَسادِ العَظيمِ، الرِّوايَةُ الَّتي حَفَّزَت ملايين القُرَّاءِ، بل وأَثارَت غَضَبَهم أيضًا. نُشِرَت عامَ 1939، مَلحَمَةُ شتاينـﭘيك تَروي هِجرَةَ "الغُبار" في ثلاثينات القَرنِ العشرين، وتَحكي قِصَّةَ عائِلَةٍ من مَزارِعِ أوكلاهوما، أُخرِجوا من مَنزلِهم وأُجبرِوا على السَّفَر غَربًا إلى أرضِ "الأحلام"... كاليفورنيا. من تَجارِبِهم واصطِداماتِهم المتَكرِّرَة بالواقِعِ الصَّعبِ لأمريكا المنقَسِمَةِ إلى المهاجِرين وغَيرِ المتَحَرِّرين. هي صورَةٌ للصِّراعِ بَينَ الأَقوياءِ والضُّعَفاءِ، ورُدودِ أَفعالٍ شَرِسَةٍ من رَجُلٍ تِجاهَ الظُّلمِ. تُحَقِّقُ الرِّوايَةُ في طبيعَةِ المساواةِ والعَدالَةِ في أمريكا ذاتِها. "يَجِبُ أن يكونَ لَدَيكَ قَلبٌ مَحفورٌ من الجرانيتِ كَي يَصمُدَ أمامَ هذا العَمَلِ المذْهِلِ". Clive Hirschhorn, Sunday Express.
الغريب
ألبير كامو أدب مترجم كلاسيكيرُبَّما لم أَكُن واثِقًا مِمَّا يَهمُّني حَقيقَةً، ولَكِنَّني على تَمامِ الثِّقَةِ مِمَّا لا يَهمُّني، وإِنَّ ما تُحَدِّثُني عَنه -هو بالتَّحديدِ- مِمَّا لا يَهُمُّني. حين لَم يَدَعْ الحُزنَ بَعدَ وَفاةِ والِدَتِه صَدَمَ الجميع، وحينَ ارتَكَبَ جَريمَتَهُ العَشوائِيَّةَ تِلكَ في الجَزائِرِ العاصِمَةِ ذُهِلَ المجتَمَعُ أيضًا؛ لماذا يُقْدِمُ شابٌّ جَامِعِيٌّ مُلتَزِمٌ عَلى مِثلِ هَذا الفِعْلِ؟ ولِماذا لا يُبدِي نَدَمًا حَتَّى يَنجُوَ بِحَياتِه؟ رَفْضُه مَشاعِرَ الآخَرين يَزيدُ مِن ذَنبِهِ في نَظَرِ القانونِ. يَكتَشِفُ سَريعًا أَنَّه لا يُحاكَمُ بِسَبَبِ جَريمَتِه فَقَط، بَل بِسَبَبِ افتِقارِهِ إلى العاطِفَةِ؛ فَرُدودُ أَفعالِهِ تُدينُهُ لِكَونِهِ "غَريبًا". "لَقَد لَخَّصَت «الغريب» مُنذُ زَمَنٍ طَويلٍ في عِبارَةٍ أَعتَرِفُ بِأنَّها مُتَناقِضَةٌ للغايَة: «في مُجتَمَعِنا هَذا أَيُّ رَجُلٍ لا يَبكي في جِنازَةِ والِدَتِه يُخاطِرُ بِتَلَقِّي حُكمِ الإِعدامِ»، وكُنتُ أَعني فَقَط أَنَّ بَطَلَ كِتابي مُدانٌ بالفِعلِ لأَنَّه لا يَلعَبُ اللُّعبَة". ألبير كامو "حَقيقَةً، إنَّ كامو يُبلِغُ هَذِهِ الرِّسالَةَ في شَكلِ روايَةٍ بالتَّحديدِ، تَكشِفُ عَن كبرياءٍ مُهانَةٍ... هَذا لَيسَ استِسلامًا، بَل إدراكٌ ثَوريٌّ لِحُدودِ الفِكرِ الإنسانيِّ". چان بول سارتر
تورتيلا فلات
جون شتاينبك أدب مترجم كلاسيكي"الموتُ أَمرٌ شَخصيٌّ، يُثيرُ الحُزنَ، أَو اليَأسَ أو الحَماسَ أو الفَلسفَةَ الجافَّة. أمَّا الجِنازاتُ فَهِي بالعَكسِ مَهمَّة اجتماعيَّة، تخَيَّل الذَّهابَ إلى جِنازَةٍ دونَ أَن تُلمِّعَ سيَّارَتَكَ أوَّلًا. تَخيَّلْ الوُقوفَ بجوار القَبر دونَ أن تكونَ مُرتَديًا أفضلَ بذلَةٍ سوداءَ لَديكَ وأَفضَلَ حِذاءٍ أَسودَ جَميلِ اللَّمَعانِ. تَصوَّرْ أنَّكَ تُرسِلُ زهورًا لجِنازَةٍ دونَ أَن تُرفِقَ بها «كارْت» لتُثبِتَ أنَّكَ قُمتَ بالواجِبِ على وَجهِهِ الصَّحيح. ليس هُناكَ تَقاليدُ أو سلوكيَّاتٌ اجتماعيَّةٌ أكثر رسوخًا في أُمَّةٍ من مراسيمِ الجِنازات. تَصوَّرْ السُّخطَ إذا غَيَّر القسُّ عِظَتَه أو تَلاعَبَ بتَعبيراتِ وَجهِه. تَصوَّر الصَّدمَةَ إذا استُخدِمَت في سَرادِقِ الجِنازَةِ كَراسٍ غَير تِلكَ الكَراسي الصَّفراءِ الصَّغيرةِ، ذاتِ القاعِدَة الخَشبيَّة الخَشِنَة غير المُريحَةِ. لا، فاحتِضارُ الإنسانِ قد يَعني حُبَّه، أو كراهِيَتَه، أو الحُزنَ عَليه أو الشُّعورَ بِفَقدِه، ولَكِن إذا ماتَ أَصبحَ المحوَرَ الرَّئيسيَّ لاحتفالٍ اجتماعيٍّ رَسميٍّ مُعقَّد.
الضوء الذي خبأ
روديارد كيبلنج أدب مترجم كلاسيكي"الضوء الذي خبا"، هي الرواية الأولى للكاتب الإنجليزي الحاصل على جائزة نوبل، روديارد كيبلنج. رواية مؤثِّرة، لا تُنسى، عن المعاناة البشرية، والحب والفَقْد. والصداقة والحرب. في دِك هيلدر، الرسَّام والصحفي، نرى رجلًا يُجاهد لنسيان بداياته الأليمة وطفولته المُهمَّشة من أجل اقتناص سعادة مُحتمَلة في حياته اللاحقة. لكن فيما تتحوَّل آماله شيئًا فشيئًا إلى تُراب، تبدأ عزيمته وقواه العقلية في النضوب، ثم يتحدَّد مصيره هلاكه الأخير مع تباشير انحداره الجسدي المُتسارع. في خاتمة صادمة تراجيدية، يستكمل كيبلنج تصويره الواقعي والمريع للانهيار الجسدي والنفسي.