الربيع على ضفاف الأودر
إيمانويل كازاكفتش أدب مترجم كلاسيكيكان الرجال يتقدَّمون في سيرهم صامتين. وسُمِعَت أصوات طلقات المدافع الرشاشة من موقع قريب. وعند مفترق الطرق طلب منهم سليڤينكو أن يوقفوا السيارة؛ فقد كان الطريق يتَّجه من هذه النقطة جِهةَ اليمين حيث توجد هيئة قيادة الكتيبة. وقفز الرجل من السيارة وودَّعَهم، ثم تَوَجَّه إلى المكان الذي كانت تأتي منه أصوات الطلقات بشكل أكثر عنفًا واستمرارًا. " الريبع على ضفاف الأودر " هى القصة الرائعة التى حلق فيها المؤلف بقلبه ، فبلغ الذروة ورسم أدق المشاعر الإنسانية وأبشع مآسي الحرب وويلاتها ، فاستحقت لهذا جائزة " ستالين " فى الأدب .
ذوبان الثلوج
إيليا إهرنبورج أدب مترجم كلاسيكييَعرِفُ القارِئُ العَربيُّ الأَدَبَ الرُّوسِيَّ مِن خِلالِ دُوستوڤِسكي وتيشخوڤ وتولستوي... إلى آخِرِ هَذا الجيلِ الرَّائِدِ الَّذي ظَهَرَ وتَألَّقَ قَبلَ الثَّورَةِ البلشَفِيَّةِ، وبَعدَ هَذا الجيلِ العَظيمِ بَدا وكأنَّ روسيا تَرَكَت ساحَةَ الرِّوايَةِ بِدونِ رَجعَةٍ، إلى أنْ بَدَأَ العالَمُ يَسمَعُ مُجَدَّدًا عَن الأَدَبِ الرُّوسيِّ في بداياتِ الأَلفِيَّةِ الثَّالِثَة مِن خِلالِ روائيِّين من أمثالِ: ليودميلا بتروشيڤسكايا، وليودميلا أوليتسكايا، ويڤچيني فودولازكين... ولَكِنَّ "المحروسة" عِندَما تَنشُرُ الآنَ روايَةَ "ذَوَبان الثُّلوج" فَإِنَّها بِذَلِكَ تُؤَكِّدُ لِلقارِئِ أنَّ روسيا قَد استَعادَت مَكانَتَها الأَدبيَّةَ قَبلَ نِصفِ قَرنٍ مِن ظُهورِ أُدباءِ الأَلفِيَّةِ الجَديدَة. فَلَقَد نَشَرَ "اهرنبرج" هَذِهِ الرِّوايَةَ عام 1954 لِكَي يُدينَ عَصرَ ستالين، مِثلَما أَدانَت رِواياتُ جِيلِ الآَباءِ المُؤَسِّسين لِلأَدَبِ الرُّوسِيِّ عُهودَ القَياصِرَة. لَم تَكُن الأَبعادُ الفِكريَّةُ والسِّياسِيَّةُ هِيَ المُبَرِّر الوَحيدَ الَّذي دَفَعَ سَعد زَهران إِلَى تَرجَمَةِ هَذِهِ الرِّوايَةِ فَحَسبُ، وإنَّما يُمكِنُنا القَولُ أَيضًا إنَّ ما دَفَعَهُ إِلى تَرجَمَتِها في سِتِّيناتِ القَرنِ الماضي –بخلاف التَّأكيدِ عَلَى مَواقِفِهِ النَّاقِدَةِ لِلستالينيَّةِ- هُوَ نَفسُه ما يَدفَعُنا إلى إعادة نشرها الآنَ، وهي صالِحَةً لِلقِراءَةِ وإثارَةِ الشَّغَفِ بَعدَ عَشراتِ السَّنواتِ مِن نَشرِها، ونَعني بِذَلِكَ أنَّها روايَةٌ رائِعَةٌ، واستِمرارٌ لِمَا عَرَفناهُ عَن الأَدَبِ الرُّوسيِّ مِن حِسٍّ إِنسانيٍّ مُرهَفٍ، ورُؤيَةٍ عَميقَةٍ لِلأَحداثِ والشَّخصيَّاتِ. ما يُؤَكِّدُ أَنَّ الأُدَباءَ الرُّوسَ لَم يَنقَطِعوا عَن الإِبداعِ إِلَّا لِفَترَةٍ -جِدُّ- وَجيزَةٍ إبَّانَ حُكمِ ستالين.