"(2015-1926) أديب مصري، حصل على إجازة في الحقوق (جامعة الإسكندرية/ 1946)، وكان من أوائل المُنظِّرين والكاتبين للحساسية الجديدة في مصر (1967)، تاركاً أثره في العديد من الأعمال الأدبية السَّرديَّة (قصة ورواية)، والتي بدأت مع مجموعته القصصية الأولى "الحيطان العالية"، ثم فاز بجائزة الدولة عن مجموعته "ساعات كبرياء" (1972)، وجائزة الدولة التشجيعية، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1973. أصدر 50 عملًا أدبيًّا بين قصة وشِعر ونقد ورواية، وترجم 14 كتابًا إلى العربية. بدأ مركز المحروسة إعادة نشر بعض أعماله، منها "ترابها زعفران"، "يا بنات إسكندرية". "
رواية أشبه بسيرةٍ ذاتيَّة، ولكنها ليست بذاتيَّة للكاتب نفسه، وإنَّما عن علاقاته العاطفية بفتيات الإسكندرية، مُؤرِّخًا لفترة زمنية تبدأ من أربعينيات القرن الماضي، مؤرِّخًا لتاريخ الصَّبيِّ الذي شَبَّ وسط أَخيِلَة فتياتٍ أَحبَّهنَّ. تدور الرواية حول الفتيات اللاتي تَعلَّق بهنَّ الشابُّ منذ صباه، سارِدًا ملامحهن ونفوسهن وأحداثهن الشهيرة، والتي تُعَدُّ تَحليلًا للمجتمع السكندري وتنوُّعاته وتاريخه المحلي. كتابة اشتهر بها إدوار الخراط، وهي الكتابة الحِسِّيَّة، حيث إن للرواية لحنًا طويلًا بين الحاضر والماضي على لسان الراوي، ليس فيه انقطاعات العودة، وإنما يتداخل الزَّمنان، فكُلَّما كَبُر الصَّبيُّ وأصبح شابًّا أو كَهلًا تجده صبيًّا في سطور أخرى. ويسطع حضور الشخوص حِسِّيًّا في سطور الرواية حتي لا تَنفَكَّ تأسِرُ القارئ بحديثها وحيواتها اليوميَّة.
ليست هذه النصوص سيرة ذاتية، ولا شيئًا قريبًا منها. ففيها من شطح الخيال، ومن صَنعَةِ الفَنِّ ما يشطُّ بها كثيرًا عن ذلك. * فيها أوهام – أحداث، ورؤى – شخوص، ونُويَّات من الوقائع هي أحلام، وسحابات من الذكريات التي كان ينبغي أن تقع، ولكنها لم تحدث أبدًا. * لعلَّها أن تكون صيرورةً، لا سيرة. وليست، فقط، ذاتيَّة. * هي وَجْدٌ، وفقدان، بالمدينة الرخامية، البيضاء – الزرقاء، التي ينسجها القلب باستمرار، ويطفو دائمًا على وجهها المُزبِدُ المُضيء. * إسكندرية، يا إسكندرية، أنتِ لستِ -فقط- لؤلؤة العُمرِ الصُّلبة في محارتها غير المفضوضة. * مع ذلك، أنشودتي إليكِ ليست إلَّا غَمغَمَةً وهَينَمَة. إدوار الخراط
" في عاصمة العالم، مدينته المسحورة اليونانية القبطية، برهبانها، وتجارها بهلواناتها، ممثليها ومغتيها وصناعها، بطاركتها وبغاياها، غوغائها وغوانيها وخوذاتها، مكتبتها الواحدة الوحيدة غير المتكررة وحماماتها بالالاف كنائسها السرية تحت الأرض وأعمدة معابدها الرخامية الصفيلة. عذاباتها ومهرجاناتها. السيرك والمنارة والمسرح وهياكل جوبيتر وزيوس وأمون، المذابح في الساحات والمعارق ومعاصر النبيذ وسوامع الغلال الذهبية وأشرعة السفن المسرطة والمربوطة بالحبال في الميناء الشرقية، والفلول الباقية المطاردة من كهنة الدين العتيق وشهداء الهرطقـة اليسوعية الجديدة، وفلاسفة اليهود وعلماء الجغرافيا والطبيعة والشعراء مايـرالون برسـعـون اليونانية القديمة بصباغات وزخرفات لا حياة فيها، والناس الناس الناس الذين لا أسـم لـويـم بـجـمـوعـهيم الفقيرة التي لا تنتهي أبدا ياكلون وبكدون ويلسلون، ويرحمونوبتعون بشهيد ويتمزقون بشفاء لا يوصف وموتون بلا أهمين لا يعرفهم أحد ولن يعرفهم أحد."
لا وقتَ للنوستالچيا شهواتُ الرُّوحِ غَيرُ مَقسومَةٍ والمَعنى اللا مَحدود تِنِّينٌ شَرِبتُ معه الرَّاحَ". رواية شَذريَّة تُعدُّ من أبرز كتابات "الخرَّاط"، تتململ فيها الذكريات خيطيَّة السَّرد. تعتمد الرواية على السرد الحداثي الذي أبدع فيه "الخرَّاط"مُحوِّلًا مدينته الإسكندرية لنسيجٍ سَرديٍّ منفصل بذكريات متباعِدَة السنين، لكن يطويها سَردٌ كُلِّيٌّ أكبر في نفس "الخرَّاط"والمدينة. تتناول الرواية عددًا من الشخصيات التي رحَلَت عن دنيا "الخرَّاط" تِباعًا، فيتجوَّل في ذكراه باحِثًا عنهم، وساردًا لحظات لقائهم الأولى ولحظات موتهم التي حضرها أو تلك اللحظات التي كانت وقائِعَ وأخبارًا طعَنَت في صدره كالصاعقة حينًا، وصُدفةً حينًا."
هل كان هذا المُغنِّي الصعيدي العفي الذي لا تخفَى رجولته، بل خشونته، يطوي هيكل جسمه وثيق الأيْدي على دلالٍ نسويٍّ مُضمَر ومنصهر في بوتقة ذكورته المتأجِّجة؟ عندما تغني بجمال المحبوبة، سواء كانت امرأة أو وهمًا، كان عوده يهتزُّ بنشوة المطارد القنَّاص الصائد، وكأنما كان يهتزُّ أيضًا بنشوة الطريدة التي وقعت في الشِّباك عندما اخترقها السهم النافذ إلى الصميم
أحسُّ شيئًا كابوسيًّا يهدف إلى تحويل الناس إلى أجسام بلا روح، مثل الدجاج الآلي في مزارع الدواجن والجمعيَّات الاستهلاكيَّة، مجاميع هائلة تخرج للحياة في المحاضن المبرمجة تؤدِّي وظيفة مرسومة من الأوَّل للآخر، ينتهي البرنامج فينتهون، لا صراع، لا اتصال. لا حوار، لا شيء إلا الكابوس.
رواية "يقين العطش" هى رواية كلاسيكية الأديب الكبير إدوار الخراط بعد روايتي "رامة والتنين" و"الزمن الآخر" ومع هذا يمكن أن تقرأ مستقلة بدون أن يفقد القارئ أى متعة في القراءة ولا أن يفلت من مكابد الأسئلة الكبرى التي تطرحها عليه. تتناول الرواية أحداث متعلقة بالمتعات والمحرمات، وتقف في مواجهة أسئلة القدر والحياة . والتحديات والرغبات المشتهية، وهذا العشق الذي يبقى قائم ويقاوم الذبول هل بطلها تجلى لدون كيشوت المحارب من أجل العدالة، في وهمه القديم؟ أم هو دون جوان المغرم الذي يستطيع التخلى عن حبه المتعدد الأبعاد والمتنقل بين المحبوب؟
تم اختيارها ضمن أفضل رواية عربية.. ونشرت عام 1980.. يحكى الكاتب قصة حب بين ميخائيل ورامة متمثلة بحوار يدور بين رجل وإمرأة تمتزج فيها عناصر أسطورية ورمزية فرعونية ويونانية وإسلامية، وقد رصد الكاتب من خلالها مشاعر الحب الممزوجة بالحيرة والخوف من عدم الوصل وفقد البطل لمحبوبته. يحاول ميخائيل بكافة الطرق أن يتمرد على الوضع الراهن ويعيش مع حبيبته رامة لكن المجتمع الذي يعيشون فيه لا يسمح بزواجهما. الوحدة دافعا قويا لمخائيل لاستحضار الزكريات والسفر إلى الماضى مع الحبيبة. يستسلم ميخائيل في النهاية لواقعه ويدفن حبه في قلبه، ويرحل بعيدا مودعا رام
" الزمن الآخر" رواية قائمة في حد ذاتها لكنها أيضا يمكن أن تعتبر إمتداد لرواية " رامة والتنين"؛ أو هى وجه آخر لـ"رامة والتنين" هذه الرواية توظف تقنيات الزمن للولوج في البحث عن الجو الأسطوري والكائنات الخرافية وطقوس خارقة بين التنين، وأوزيريس، وعشروت، والعزى، والفينيق، ورع، والرخ، ونرسيس، وحتحور، وثور بابل المجنح وغيرها من الدلالات الأسطورية. وبها أعطى الخراط روايته بعدًا فلسفيا ظاهرا ولعل أبرز تجليات هذا البعد هو سؤال عن الوجود والخلود. نعيد نشر إدوار الخراط لأنه قدم نوى تجريدية رائدة في بنية السرد نفسه..واستخدم لغة شعرية مفعمة بالمشاعر تجمع بين العمق والغموض..