أحرَقَت ابنةُ بائع السمك مَنزِلَها؛ فقط كي تُقابِلَ حبيبها، ولكننا لم نفكِّر حتى في أيِّ حَلٍّ، لم تَكُن لدينا المعرفة والحكمة كي نجاهد من أجل أن نتزوَّج ونعيش معًا في منزل واحد، إلى هذا الحَدِّ كان حُبُّنا طفوليًّا، بريئًا وضعيفًا، لا يستطيع الدفاع عن نفسه، كما كُنَّا نحن أيضًا ضُعَفاء، ونخشى أولياءَ أمورِنا، ونُخفي حُبَّنا عن إخوتنا، ولا نستطيع أن نُظهِر دموعنا أمام الآخرين. أشهر وأهمُّ قصَّة رومانسيَّة كلاسيكيَّة في اليابان، تحَوَّلَت إلى الكثير من الأفلام و المسرحيات وأفلام الآنِمي والمسلسلات والقصص المصوَّرة، وبِيعَت منها ملايين النُّسخ. في عام 1991 تمَّ إنشاء حديقة عامَّة في اليابان باسم "إِطُو صَتْشِؤ"، وأقيم فيها تمثالان لبطل وبطلة رائعته "زهرة الأقحوان البرِّيَّة".
تقييم من 0 قارئ
ترجمة | ماهر الشربيني |
---|---|
التصنيفات | أدب مترجم كلاسيكي |
الرفوف | رواية / رواية اجتماعية / يابان / رواية رومانسية |
القطع | 14.5×21.5 |
عدد الصفحات | 80 |
سنة النشر | 2023 |
ISBN | 9789773139612 |
رواية من الأدب الكلاسيكي الياباني، لكاتبها : تانيزاكي چون إتيشيرو، عن انهيار العالَم الياباني التقليدي في هُوَّة الحداثة. تقع أحداثها ما بين الحربَيْن العالميَّتَيْن عن أربَعِ أَخوات، هُنَّ: تسوروقو، وساتشيقو، ويوكيقو، وتائيقو- من عائلة أرستقراطيَّة يابانية في أوساكا. تتغيَّر مسارات تلك العائلة بالظُّروف الحديثة، وتسعى كلٌّ منهنَّ لاختيار مَسار حياتها، مِنهنَّ مَن تختار العمل، والأخرى الحب، وأخرى ترحل بعيدًا، والمتمسِّكة بالأعراف، التي تعاني من تلك التَّطوُّرات العاصفة. الرواية هي تشريحٌ حَيويٌّ للعالَم الياباني، وصراع الفتيات مع التقاليد والأعراف اليابانية، حيث كانت اليابان في هذة الفترة تعاني من التَّحوُّلات الحديثة، التي يتبعها التَّفكُّك الأُسَريُّ، وصراعات الأفراد ما بين الالتقاليد والتجديد، وينعكس ذلك في اختيارات الأخوات.
نوڤيلَّتان للكاتب الإنجليزي ألجرنون بلاكوود، أحد أشهر مُؤسِّسي أدب الرُّعب. نوڤيلَّا "الصفصاف" تُعتَبر من أقوى ما كُتِبَ في أدب الرُّعب النفسي؛ حيث تحتوي على وحشيَّة الطبيعة وتَلاعُبها بالشعور الإنساني، حينما يَضلُّ صديقان الطَّريقَ، ويُصبحان مُحتَجَزيْن على جزيرة نائية تكسوها غابات من الصفصاف، يتحوَّل ذلك المشهد الطبيعي إلى فزَّاعة تُرهِب الصديقين؛ إذ تتحرَّك الأشجار، وتتبدَّل الجزيرة وظواهرها، كأنما تلتهم مخاوفهما ببُطء رهيب. يعدُّها "لوفكرافت" أفضلَ أعمال الرُّعب في اللغة الإنجليزية على الإطلاق.
آنياتٌ غيري تحضن النبيذ، وأخرى تحضن الزيت داخل القبو المجوَّف يُطوِّقها طينُها. وأنا، أصغرها حجمًا وأرشَقُها جميعًا، أُجَوِّفُ نفسي بتواضُعٍ كي تملأني مُجرَّدُ دمعاتٍ قليلة. النبيذُ يُصبحُ أغنى ويَصيرُ الزيتُ في آنيته أصفى، فماذا عن الدَّمع؟ جعلني الدَّمعُ في زجاجي عمياء، جعلني ثَقيلةً وجعل انحناءتي قُزحيَّةَ اللون، جعلني هشَّةً وتركني في النهاية فارغة. مجموعة مختارة من دواوين الشاعر الألماني الشهير "راينر ماريا ريلكه" من ترجمة "حسن حلمي". يقدِّم "حسن حلمي" سيرةً ذاتيَّةً لماريا راينر ريلكه، مع ترتيبٍ زمنيٍّ لأعماله ومراحل تطوُّره، من الشِّعر الذاتي إلى التكثيف الشِّعري- من خلال مُقدِّمة نقديَّة وشارِحة لأهمِّ أشعار ريلكه، ورمزيَّاته، ومراحل تطوُّر شِعره، مُستَشهِدًا في ذلك بالقصائد الأكثر شُهرةً والأكثر غموضًا على القارئ.
رواية فلسفيَّة ونَفسيَّة عن الفوضى والجمال، ينقل فيها چي كيه تيشسترتون عُصارةَ أفكاره المتناقضة في الحياة. هي مُطارَدة ما بين شاعِرٍ شابٍّ وعَددٍ من الأفراد المُنشقِّين عن تنظيمٍ سِرِّيٍّ، هَدَفُه إحلالُ الفوضى، وتدمير كلِّ شيء، وبينما تستمرُّ تلك المطاردة والشعور بالرُّعب والفرار يكتشف هؤلاء الأفرادُ حقيقةَ أفكارهم، وتتطوَّر شخوصُهم، ويسعى كلٌّ منهم لإتمام إجاباته عن معنى الحياة، وتنتهي تلك المطاردة بمجلسٍ استجوابيٍّ من الأفراد الذين انضمُّوا لذلك الكيان السري لزعيمه، ويبادرون بالسؤال عن هويَّتِه الخَفيَّة التي فشلوا جميعًا في معرفتها، لكنَّ الإجابة تظلُّ هي الأكثر غموضًا في تاريخ الأدب.
"لكن أي ليلٍ عليَّ أن أجتازه قبل أن أصل إلى هناك! بدا القمر وكأنه يعرف شيئًا ما، ذلك أنه حدّقَ فيَّ بغرابة. كان مظهره باردًا كالجليد حقًا، لكن ممتلئًا بالاهتمام، أو الفضول على الأقل. لم يكن نفس القمر الذي أعرفه على الأرض؛ كان وجهه غريبًا عنّي، وضوءه أكثر غرابةً. ربما جاء من شمسٍ مجهولة! في كل مرة أرفع فيها بصري، أجده يحدّق فيَّ بكل قوّته! في البداية شعرت بالضيق، كما لو تجاه وقاحة رفيق من بني البشر؛ لكن سرعان ما لاحظت، أو توهّمت أنني لاحظت، شفقةً متسائلةً في تحديقته: لماذا أقف في لَيلِه الآن؟ حينها، ولأول مرّة، أدركت كم هو من المريع أن يستيقظ أحد في الكون؛ كنتُ مستيقظًا، ولا شيء في يدي حيال ذلك". "ليليث" رواية فانتازيَّة لچورچ ماكدونالد، من أكثر رواياته سوداويَّةً وعُمقًا. يتناول فيها طبيعة الموت والحياة والخلاص. ويتحدَّث عن نومٍ كونيٍّ يشفي الأرواح المُعذَّبة، قبل خلاص الجميع.
كان الرجال يتقدَّمون في سيرهم صامتين. وسُمِعَت أصوات طلقات المدافع الرشاشة من موقع قريب. وعند مفترق الطرق طلب منهم سليڤينكو أن يوقفوا السيارة؛ فقد كان الطريق يتَّجه من هذه النقطة جِهةَ اليمين حيث توجد هيئة قيادة الكتيبة. وقفز الرجل من السيارة وودَّعَهم، ثم تَوَجَّه إلى المكان الذي كانت تأتي منه أصوات الطلقات بشكل أكثر عنفًا واستمرارًا. " الريبع على ضفاف الأودر " هى القصة الرائعة التى حلق فيها المؤلف بقلبه ، فبلغ الذروة ورسم أدق المشاعر الإنسانية وأبشع مآسي الحرب وويلاتها ، فاستحقت لهذا جائزة " ستالين " فى الأدب .
يَعرِفُ القارِئُ العَربيُّ الأَدَبَ الرُّوسِيَّ مِن خِلالِ دُوستوڤِسكي وتيشخوڤ وتولستوي... إلى آخِرِ هَذا الجيلِ الرَّائِدِ الَّذي ظَهَرَ وتَألَّقَ قَبلَ الثَّورَةِ البلشَفِيَّةِ، وبَعدَ هَذا الجيلِ العَظيمِ بَدا وكأنَّ روسيا تَرَكَت ساحَةَ الرِّوايَةِ بِدونِ رَجعَةٍ، إلى أنْ بَدَأَ العالَمُ يَسمَعُ مُجَدَّدًا عَن الأَدَبِ الرُّوسيِّ في بداياتِ الأَلفِيَّةِ الثَّالِثَة مِن خِلالِ روائيِّين من أمثالِ: ليودميلا بتروشيڤسكايا، وليودميلا أوليتسكايا، ويڤچيني فودولازكين... ولَكِنَّ "المحروسة" عِندَما تَنشُرُ الآنَ روايَةَ "ذَوَبان الثُّلوج" فَإِنَّها بِذَلِكَ تُؤَكِّدُ لِلقارِئِ أنَّ روسيا قَد استَعادَت مَكانَتَها الأَدبيَّةَ قَبلَ نِصفِ قَرنٍ مِن ظُهورِ أُدباءِ الأَلفِيَّةِ الجَديدَة. فَلَقَد نَشَرَ "اهرنبرج" هَذِهِ الرِّوايَةَ عام 1954 لِكَي يُدينَ عَصرَ ستالين، مِثلَما أَدانَت رِواياتُ جِيلِ الآَباءِ المُؤَسِّسين لِلأَدَبِ الرُّوسِيِّ عُهودَ القَياصِرَة. لَم تَكُن الأَبعادُ الفِكريَّةُ والسِّياسِيَّةُ هِيَ المُبَرِّر الوَحيدَ الَّذي دَفَعَ سَعد زَهران إِلَى تَرجَمَةِ هَذِهِ الرِّوايَةِ فَحَسبُ، وإنَّما يُمكِنُنا القَولُ أَيضًا إنَّ ما دَفَعَهُ إِلى تَرجَمَتِها في سِتِّيناتِ القَرنِ الماضي –بخلاف التَّأكيدِ عَلَى مَواقِفِهِ النَّاقِدَةِ لِلستالينيَّةِ- هُوَ نَفسُه ما يَدفَعُنا إلى إعادة نشرها الآنَ، وهي صالِحَةً لِلقِراءَةِ وإثارَةِ الشَّغَفِ بَعدَ عَشراتِ السَّنواتِ مِن نَشرِها، ونَعني بِذَلِكَ أنَّها روايَةٌ رائِعَةٌ، واستِمرارٌ لِمَا عَرَفناهُ عَن الأَدَبِ الرُّوسيِّ مِن حِسٍّ إِنسانيٍّ مُرهَفٍ، ورُؤيَةٍ عَميقَةٍ لِلأَحداثِ والشَّخصيَّاتِ. ما يُؤَكِّدُ أَنَّ الأُدَباءَ الرُّوسَ لَم يَنقَطِعوا عَن الإِبداعِ إِلَّا لِفَترَةٍ -جِدُّ- وَجيزَةٍ إبَّانَ حُكمِ ستالين.
ليس هناك شيء صعبُ الفَهمِ مثل صعوبة فَهْمِ نفسيَّة الانسان، فمثلًا: أنا لا أعرف هل سَيِّد المنزل الآن غاضِبٌ أو مسرور؟ هل يقرأ كُتُبَ الفلاسِفَة ليَعرِفَ طريقَ الوصولِ إلى الرَّاحة النفسية؟ لا أستطيعُ أن أعرِفَ هل لا يَعبَأُ بالدُّنيا أم أنَّه يريد أن يكون جُزءًا منها؟ هل يَفقِدُ أعصابه بسبَبِ أشياءَ تافِهَةٍ؟ هل هو مُنعَزِلٌ في عالَمٍ آخر غير عالَمِنا؟ نحنُ القِطَط نقومُ بِعَملِ كُلِّ شيءٍ بوضوحٍ، سواءً كان المشيَ أو الوقوفَ أو الجُلوسَ أو النَّوم. حتى التَّبوُّل أو التَّبرُّز؛ فحياتُنا مُذكِّراتٌ حقيقيَّةٌ، وواضِحَة لما نَفعَلُه، ولسنا في حاجَةٍ إلى مُذكِّرات تُخفي وجوهنا الحقيقيَّة. إذا كان لديَّ وَقتُ فَراغٍ لكتابَةِ مُذكِّراتٍ فأنا أُفَضِّلُ استغلالَ ذلك الوَقتِ في النَّومِ في الشُّرفة.
«الأدب هو يوتوبياي. في صحبته، لا أكون محرومةً من الإدلاء بصوتي. لا حوائل من الحواس تمنعني عن المحادثة المؤنسة الفاتنة مع أصدقائي الكتب. إنهم يتحدَّثون إليَّ دونما ارتباكٍ أو حَرَج. إنّ الأشياء التي قد تعلَّمتُها، والأشياء التي قد عُلِّمتُها تبدو أقلّ أهمِّيَةً على نحوٍ يبعثُ على الضَّحك، إذا ما قورنَت بما تهبُّه الكتب من "صِلات محبّةٍ عظيمةٍ وهِباتٍ سَماويّة"."المعرفةُ قُوَّة". إنّما بالأحرى؛ المعرفةُ سعادة، فأن تحوزَ المعرفة، يعني أن تَميزَ الحقيقيَّ من الزّائف، والأشياءَ السّاميةَ من تلك الوَضيعة. أن تعرف الأفكار والصنائع التي وَسَمَت مسيرةَ البَشريّ يعني أن تشعرَ بالقلب النّابض للإنسانية على مَرِّ القُرون، وإن لم يستشعر المرءُ في تلك النَّبضات السَّعيَ نحو الأعالي؛ فلا بدَّ وأنَّه قد حَجَبَ وَقْرٌ سَمْعَه عن تناغمات الحياة».
ورَغمَ أَنَّني أَبقَيتُ عَلى سَبَبِ أَحزاني سِرًّا، قادَني إلى صَبِّ شَكوايَ المريرَةِ وإلى إِلباسِ مِحنَتي كَلِماتِ الغَضَبِ والحَماسَةِ، وبِكُلِّ الطَّاقَةِ الَّتي يَمتَلِئُ بها حُزني البائِسُ، أَخبَرتُه بِسُقوطي مِنَ النَّعيمِ إِلى المأساةِ في لَحظَةٍ واحِدَة، كَيفَ أَنَّني لا أَجِدُ أَيَّ بَهجَةٍ، أَيَّ أَمَلٍ، أَنَّ الموتَ مَهْمَا كانَ مَريرًا هُوَ الخاتِمَةُ الَّتي أَتوقُ إِلَيها لِكُلِّ آلامي. الموتُ، الهَيكَلُ العَظميُّ، كانَ جَميلًا كالحُبِّ. لا أَعرِفُ السَّبَبَ، لَكِنَّني وَجَدتُ أَنَّ مِن العَذْبِ أَنْ أَنطِقَ بِهَذِه الكَلِماتِ عَلَى مَسمَعِ آذانٍ بَشريَّةٍ، ورَغمَ أَنَّني طالَما استَخفَفتُ بالعَزاءِ، شَعرتُ بالبَهجَةِ أَنْ أَراهُ يُمنَحُ لي بِرِقَّةٍ وعَطفٍ، كُنتُ أُنصِتُ بِهُدوءٍ، وحينَما يَتَوقَّفُ هُو عَن الحَديثِ لِوَهلَةٍ، سُرعانَ ما أَستَئنِفُ صَبَّ مأساتي بِكَلماتٍ تُظهِرُ كَم كانَت جُروحي عَميقَةً ومُستَعصِيَةً على أَيِّ عِلاج.
ما نَتَعلَّمُه هُنا قَليلٌ جِدًّا، ثَمَّةَ عَجزٌ في هَيئَةِ التَّدريسِ، ونَحنُ صِبْيان مَعهَدِ بِنيامِنْتا، لَن نَصِلَ إلى شَيءٍ، هَذا يَعني أَنَّنا جَميعًا لَنْ نَكونَ في حياتِنا لاحِقًا إِلَّا شَيئًا صَغيرًا جِدًّا وتابِعًا. التَّعليمُ الَّذي نَتَلقَّاهُ يَتمَثَّل على نَحوٍ أَساسيٍّ في تَربِيَتِنا على الصَّبرِ والطَّاعَةِ، خُصلَتانِ لا تُبَشِّران بِنَجاحٍ كَبير، أَو لا تُبَشِّرانِ بِأَيِّ نَجاحٍ عَلى الإِطلاق. نَجاحاتٌ داخِلِيَّةٌ، إِي نَعَم. لَكِن ماذا يَجني المرءُ مِن مِثلِ هَذِهِ النَّجاحاتِ؟ هَل تَكْفُلُ المكاسِبُ الدَّاخِلِيَّةُ لِلمَرْءِ ما يَأكُلُه؟ إِنَّني أُحِبُّ أَن أُصبِحَ غَنيًّا، أَركَبُ العَرَباتِ وأُبَعثِرُ الأَموالَ. لَقَد تَكلَّمتُ بِهَذا مع كراوس، رفيقي في المعهَدِ، لَكِنَّهُ لَم يِزِدْ عَلى أَنْ هَزَّ كَتِفَيْه بازدِراءٍ، ولَم يَعبَأ بالرَّدِّ عَليَّ ولَو بِكِلمَةٍ واحِدَة. كراوس صاحِبُ مبادِئَ، إِنَّه يَجلِسُ بِمُنتَهى الثَّباتِ عَلى السَّرجِ مُمتَطِيًا صَهوَةَ الرِّضا والقَناعَةِ، وهَذِه مَطيَّةٌ لا يُحِبُّ أَن يَمتَطِيَها أُولِئكَ الَّذين يُريدون أَن يَركُضوا. وإنَّني مُنذُ جِئتُ هُنا إِلى مَعهَدِ بنيامِنْتا، قد تَوصَّلتُ بالفِعلِ إلى أَنْ أُصبِحَ لُغزًا أَمامَ نَفسي.
ولأن جلسته جاءت فى مواجهة مرآة ، فلم يستطع أن يمسك نفسه عن تأمل وجهه فى المرآة ، فكان كأنه الآن يتعرف على نفسه من جديد . على أنه فزع . لكنه أدرك فى الوقت نفسه لماذا كان فى السنوات الأخيرة يخاف من المرايا إلى هذا الحد . لأنه لم يكن من الجيد أبداً أن يرى المرء بعينيه عفنه هو . وما دام المرء لا يضطر إلى رؤية وجهه ، فإن الأمر يكاد يكون أحد أمرين ، إما أنه ليس له وجه أصلاً ، وأما أنه لا يزال له وجهه القديم نفسه الذى يعود إلى زمن ما قبل التعفن .
لَكِنْ بجانِبِ الظُّروف التي ذَكَرتُها سابِقًا، والَّتي صارَت سَبَبًا في تَأخُّرِ زواجِها، فهُناكَ أيضًا سببٌ لِسُوءِ حَظِّ "يوكيقو"، وهُوَ أنَّها من مَواليدِ بُرجِ الحَمَل. عُمومًا، فإنَّ الاعتِقادَ الخُرافِيَّ بكَراهِيَةِ مواليدِ بُرجِ الحَمَل، والكَراهِيَة الشَّديدَة لِبُرجِ الحِصانِ غيرُ مَوجودٍ بإقليم "طوكيو"؛ لِذا فَسُكَّان "طوكيو" شُعورُهم مُختَلِفٌ حيالَ الأَمرِ. لكِنْ بإقليمِ "كانساي" الذي يَضُمُّ مُحافظاتِ "أوساكا" و"كوبيه" و"كيوتو" -خُصوصًا فيما بين نِساءِ القُرى- يُزعَمُ أنَّ مَواليدَ هَذَيْن البُرجَيْن حَظُّهم عَثِرٌ، ويَتأخَّرُ زَواجُهُم، ومن الأَفضَلِ تَجَنُّبُهم، حتَّى إنَّهم يُطلِقون عليهم الأَمثالَ الشَّعبيَّةَ، مثل: "التَّعيسَةُ من بُرجِ الحَمَلِ لن يُفتَحَ لها بابٌ ولا أَمَل"!
"أبوه لم يَكُن أباه، وكَذلِكَ أُمُّه لم تَكُن أُمَّه؛ بذلك كان ميلادُه مُضطَرِبًا ومُخالِفًا لنظام الأشياء". "مَهما يَكُنْ من الأمر، فمن المُؤكَّد أن الخروج قد أخذ صُوَرَ النَّفي والطَّرد. والعجلة التي حدث بها ظَهَرَت في حقيقةِ أنَّ أحدًا لم يَجِدْ وقتًا لتخمير الخُبزِ من أجل الرحلة. لم يَجِد النَّاسُ مَؤونَةً سوى في الكَعكاتِ غير المُختَمِرَة التي صُنِعَت على عَجَلٍ. اتَّخَذ موسى من هذه الواقعة احتفالًا تذكاريًّا استمرَّ طوالَ الزَّمَن. لكن في الجوانب الأخرى، كان الجميعُ -كبارًا وصغارًا- مُستعدِّين بالكامل للرَّحيل. وبينما كان المَلاكُ المُدمِّر مُنطَلِقًا في غيِّه، كانوا هم جالسين بخاصِراتٍ مَربوطَةٍ قُربَ عَرَباتِهم المُحمَّلة بالكامِل، أحذيتهم على أقدامِهم، وعصيانهم في أيديهم، آخذين معهم أوعيَةَ الذَّهَب والفضَّة التي كانوا قد اقترضوها من أطفالِ الأرض".
هَل تَبحَثُ عن الحَقيقَةِ؟ "عاهَدتُ نَفسي أَنْ أَبدَأَ حَياةً جَديدَةً. مُتَمدِّدًا إلى الغَربِ، وجِبالِ الشَّرقِ، والصَّحراءِ، سَأتَسَكَّعُ حامِلًا حَقيبَةَ ظَهْري وأَخوضُ في هذا العالَمِ عَلى سُنَّةِ الأَوَّلين، لَيسَ العالَمُ سِوى مُتَجوِّلين يَحمِلون حَقائِبَ ظُهورِهم، سَبيلًا للرَّحَّالَةِ الَّذين يَأبون إكراهَهم على استِهلاكِ كُلِّ ما يُنتَجُ، وعَلى العَمَلِ حَتَّى يَتَمكَّنوا من الاستِهلاكِ، واقتِناءِ كُلِّ هذه النِّفاياتِ الَّتي لا يَحتاجونها على أَيَّةِ حال: تِلكَ الثَّلاجاتِ، وأَجهِزَةِ التِّلفازِ، والسَّيَّاراتِ الحديثَةِ الفارِهَة، زيوتِ الشَّعرِ، ومُزيلاتِ العَرَقِ، وباقي النِّفاياتِ العامَّةِ التي يُلقَى بها في المزابِلِ بَعدَ أُسبوعٍ، ومع ذَلِكَ يُسجَنُ هَؤلاءِ في مَنظومَةِ العَمَلِ والإنتاجِ والاستِهلاكِ، العَمَل ثُمَّ الإنتاج ثُمَّ الاستِهلاك... إنِّي لأَرَى ثَورَةً عَظيمَةً تَلوحُ في الأُفُق".
ليس هناك شيءٌ صعبُ الفَهمِ مِثلَ صُعوبَةِ فَهْمِ نَفسيَّةِ الإنسان، فمَثَلًا: أنا لا أَعرِفُ هل سَيِّدُ المنزِلِ الآنَ غاضِبٌ أو مَسرور؟ هل يَقرَأُ كُتُبَ الفلاسِفَةِ لِيَعرِفَ طريقَ الوصولِ إلى الرَّاحَةِ النَّفسيَّة؟ لا أَستَطيعُ أَن أعرِفَ هَل لا يَعبَأُ بالدُّنيا أَمْ أنَّه يُريدُ أَن يَكونَ جُزءًا منها؟ هَل يَفقِدُ أَعصابَه بِسَبَبِ أَشياءَ تافِهَةٍ؟ هَل هو مُنعَزِلٌ في عالَمٍ آخرَ غيرِ عالَمِنا؟ نَحنُ القِطَطَ نَقومُ بِعَملِ كُلِّ شَيءٍ بوضوحٍ، سواءٌ كان المشيَ أو الوُقوفَ أو الجُلوسَ أو النَّومَ، حتَّى التَّبَوُّلَ أو التَّبرُّزَ؛ فَحياتُنا مُذَكَّراتٌ حَقيقيَّةٌ وواضِحَةٌ لِما نَفعَلُه، ولَسنا في حاجَةٍ إلى مُذكِّراتٍ تُخفي وُجوهَنا الحَقيقيَّةَ. إذا كان لَديَّ وقتُ فَراغٍ لِكتابَةِ مُذكِّراتٍ فأنا أُفَضِّلُ استِغلالَ ذَلِكَ الوَقتِ في النَّومِ في الشُّرفَة.
لَقَد انحدَرتُ الآنَ إلى دَرْكٍ يَنحَطُّ بي عن صِفَةِ الإنسانيَّة!... كيف يُصيبُني بمِثلِ هذا الوَيلِ حَيوانٌ بهيميٌّ كهذا -قَتَلتُ مِثلَه بمَحضِ إرادَتي مُسبَقًا- وأنا الإنسانُ المخلوقُ على صورَةٍ كريمَةٍ، عَكسَه. اشتُهِرَ إدجار آلان بو بكتاباتِه في الرُّعبِ القوطيِّ؛ إذْ يَمتَزِجُ الغموضُ بالشَّرِّ والظَّلام. حياتُه بِحَدِّ ذاتِها بُؤسٌ مُتواصِلٌ، هَجَرَه أبوه، وماتت أُمُّه وهو طِفلٌ لِتُرَبِّيَه عائِلَةٌ أُخرى. أَدمَنَ الخَمرَ بَعدَ وَفاةِ زَوجَتِه. مات في الأَربعين من عُمرِه، عُثِرَ على جُثَّتِه مُلقاةً في الطَّريقِ، وهو يَرتَدي ملابِسَ غَريبَةً. لا زالَ الغُموضُ يُحيطُ بِسِرِّ مَوتِه؛ إذْ أنَّ جَميعَ سِجِلَّاتِه الطِّبِّيَّةِ اختَفَت بعدَ مَوتِه بِشكلٍ مُريبٍ من المشفَى الذي نُقِلَت إليه جُثَّتُه. القِطُّ الأَسوَدُ هي قِصَّةٌ قَصيرةٌ ضِمنَ تلك المجموعَةِ القَصصيَّةِ لإدجار الآن بو. نُشِرَت لأوَّلِ مرَّةٍ عام 1843. بِرَغمِ كَونِها قِصَّةً أدبيَّةً، يَعتَبِرُها البَعضُ دِراسَةً لِعِلمِ نَفسِ الذَّنبِ. قِصَّة لا تُنسَى حولَ قِطٍّ أسودَ يُسَبِّبُ تَدَهوُرَ حياةِ رَجُلٍ.
حكايَةُ أوسكار وايلد العَفويَّة عن أشباحٍ إنجليزيَّةٍ رَصينَةٍ تَتصادَمُ مع عائِلَةٍ أمريكيَّةٍ مُتَوحِّشَة تَحظَى بالمَرَح... يَحظى مَنزِلُ كانترڤيل بجميعِ زَخارِفِ مَنزِلٍ رِيفيٍّ تقليديٍّ مَسكونٍ، بِما في ذلك مجموعاتٌ كَبيرةٌ من الدُّروعِ وجدران المكتَبَةِ المُغَطَّاة بالأَلواحِ القوطيَّة. لَكِنْ يُصبِحُ من المستحيل تَجاهُلُ الإشاراتِ المخادِعَة الَّتي تَقولُ إنَّ "السِّير سايمون" يُطارِدُ المنزِلَ، مُستَخدِمًا الشَّكلَ المعتادَ لأدواتِ "الهالْوِين" من سَلاسِلَ مُظلِمَةٍ، وبُقَعِ الدَّمِ. المفاجِئُ والمثيرُ للدَّهشَةِ: عائِلَةُ أوتيسيس، عائِلَةٌ أمريكيَّةٌ حَديثَةٌ، لا تَخافُ، بَل تَستَمتِعُ وتَفرَحُ بتِلكَ الأحداثِ!... على الرَّغمِ من كُلِّ جُهودِ السِّير سيمون البَرَّاقَة والتَّغييرات في الزِّيِّ؛ مُزيلِ البُقَعِ لتَنظيفِ بُقَعِ الدَّمِ، والزَّيتِ لِمَنْعِ صَلصَلَةِ السَّلاسِلِ. لِيُواجِهَ الأَشباحُ الفُقراءُ مَقالِبَ ونِكاتٍ من التَّوأمَتَيْن الصَّغيرَتَيْن في العائِلَة. نوڤيلَّا من عام 1887 للأيرلندي- الإنجليزي، عبقري القرن الماضي: أوسكار وايلد... لا تَزالُ شَعبيَّةً بِرَغمِ قِدَمِها. تَحَوَّلَت لفيلمٍ عام 1944، ثُمَّ لِعِدَّةِ أفلامٍ أُخرى.
الملْحَمَةُ الحائِزَةُ على جائِزَةِ بوليتزر عن الكَسادِ العَظيمِ، الرِّوايَةُ الَّتي حَفَّزَت ملايين القُرَّاءِ، بل وأَثارَت غَضَبَهم أيضًا. نُشِرَت عامَ 1939، مَلحَمَةُ شتاينـﭘيك تَروي هِجرَةَ "الغُبار" في ثلاثينات القَرنِ العشرين، وتَحكي قِصَّةَ عائِلَةٍ من مَزارِعِ أوكلاهوما، أُخرِجوا من مَنزلِهم وأُجبرِوا على السَّفَر غَربًا إلى أرضِ "الأحلام"... كاليفورنيا. من تَجارِبِهم واصطِداماتِهم المتَكرِّرَة بالواقِعِ الصَّعبِ لأمريكا المنقَسِمَةِ إلى المهاجِرين وغَيرِ المتَحَرِّرين. هي صورَةٌ للصِّراعِ بَينَ الأَقوياءِ والضُّعَفاءِ، ورُدودِ أَفعالٍ شَرِسَةٍ من رَجُلٍ تِجاهَ الظُّلمِ. تُحَقِّقُ الرِّوايَةُ في طبيعَةِ المساواةِ والعَدالَةِ في أمريكا ذاتِها. "يَجِبُ أن يكونَ لَدَيكَ قَلبٌ مَحفورٌ من الجرانيتِ كَي يَصمُدَ أمامَ هذا العَمَلِ المذْهِلِ". Clive Hirschhorn, Sunday Express.
رُبَّما لم أَكُن واثِقًا مِمَّا يَهمُّني حَقيقَةً، ولَكِنَّني على تَمامِ الثِّقَةِ مِمَّا لا يَهمُّني، وإِنَّ ما تُحَدِّثُني عَنه -هو بالتَّحديدِ- مِمَّا لا يَهُمُّني. حين لَم يَدَعْ الحُزنَ بَعدَ وَفاةِ والِدَتِه صَدَمَ الجميع، وحينَ ارتَكَبَ جَريمَتَهُ العَشوائِيَّةَ تِلكَ في الجَزائِرِ العاصِمَةِ ذُهِلَ المجتَمَعُ أيضًا؛ لماذا يُقْدِمُ شابٌّ جَامِعِيٌّ مُلتَزِمٌ عَلى مِثلِ هَذا الفِعْلِ؟ ولِماذا لا يُبدِي نَدَمًا حَتَّى يَنجُوَ بِحَياتِه؟ رَفْضُه مَشاعِرَ الآخَرين يَزيدُ مِن ذَنبِهِ في نَظَرِ القانونِ. يَكتَشِفُ سَريعًا أَنَّه لا يُحاكَمُ بِسَبَبِ جَريمَتِه فَقَط، بَل بِسَبَبِ افتِقارِهِ إلى العاطِفَةِ؛ فَرُدودُ أَفعالِهِ تُدينُهُ لِكَونِهِ "غَريبًا". "لَقَد لَخَّصَت «الغريب» مُنذُ زَمَنٍ طَويلٍ في عِبارَةٍ أَعتَرِفُ بِأنَّها مُتَناقِضَةٌ للغايَة: «في مُجتَمَعِنا هَذا أَيُّ رَجُلٍ لا يَبكي في جِنازَةِ والِدَتِه يُخاطِرُ بِتَلَقِّي حُكمِ الإِعدامِ»، وكُنتُ أَعني فَقَط أَنَّ بَطَلَ كِتابي مُدانٌ بالفِعلِ لأَنَّه لا يَلعَبُ اللُّعبَة". ألبير كامو "حَقيقَةً، إنَّ كامو يُبلِغُ هَذِهِ الرِّسالَةَ في شَكلِ روايَةٍ بالتَّحديدِ، تَكشِفُ عَن كبرياءٍ مُهانَةٍ... هَذا لَيسَ استِسلامًا، بَل إدراكٌ ثَوريٌّ لِحُدودِ الفِكرِ الإنسانيِّ". چان بول سارتر
في ذِمَّةِ الله تِلكَ الأَنفُسُ الأَبِيَّةُ الَّتي اُسْتُشْهِدَت في مُعتَرَكِ الشَّرَفِ، تَحتَ نَقعِ المجدِ والفَخارِ؛ دِفاعًا عَن الحُرِّيَّةِ والاستِقلالِ. وفي جَنَّةِ الخُلدِ تُلاقي جَزاءَها الأَوْفَى مِن نَعيمٍ أَبَديٍّ؛ وذَلِكَ أَجرُ الشُّهَداءِ الأَبرارِ في سَبيلِ اللهِ والوَطَنِ. ورِضوانُ الله وأَبرَكُ تَحيَّاتِه عَلَى الأَرواحِ الطَّاهِرَةِ الذَّكِيَّةِ الَّتي أَوْدَت بِها أَيدي الهَمَجِيَّةِ الحَديثَة، والتَّعَصُّبِ الذَّميمِ، والاستِعمارِ الأَثيمِ.
"الموتُ أَمرٌ شَخصيٌّ، يُثيرُ الحُزنَ، أَو اليَأسَ أو الحَماسَ أو الفَلسفَةَ الجافَّة. أمَّا الجِنازاتُ فَهِي بالعَكسِ مَهمَّة اجتماعيَّة، تخَيَّل الذَّهابَ إلى جِنازَةٍ دونَ أَن تُلمِّعَ سيَّارَتَكَ أوَّلًا. تَخيَّلْ الوُقوفَ بجوار القَبر دونَ أن تكونَ مُرتَديًا أفضلَ بذلَةٍ سوداءَ لَديكَ وأَفضَلَ حِذاءٍ أَسودَ جَميلِ اللَّمَعانِ. تَصوَّرْ أنَّكَ تُرسِلُ زهورًا لجِنازَةٍ دونَ أَن تُرفِقَ بها «كارْت» لتُثبِتَ أنَّكَ قُمتَ بالواجِبِ على وَجهِهِ الصَّحيح. ليس هُناكَ تَقاليدُ أو سلوكيَّاتٌ اجتماعيَّةٌ أكثر رسوخًا في أُمَّةٍ من مراسيمِ الجِنازات. تَصوَّرْ السُّخطَ إذا غَيَّر القسُّ عِظَتَه أو تَلاعَبَ بتَعبيراتِ وَجهِه. تَصوَّر الصَّدمَةَ إذا استُخدِمَت في سَرادِقِ الجِنازَةِ كَراسٍ غَير تِلكَ الكَراسي الصَّفراءِ الصَّغيرةِ، ذاتِ القاعِدَة الخَشبيَّة الخَشِنَة غير المُريحَةِ. لا، فاحتِضارُ الإنسانِ قد يَعني حُبَّه، أو كراهِيَتَه، أو الحُزنَ عَليه أو الشُّعورَ بِفَقدِه، ولَكِن إذا ماتَ أَصبحَ المحوَرَ الرَّئيسيَّ لاحتفالٍ اجتماعيٍّ رَسميٍّ مُعقَّد.
نَعَم، قُلتُ لــ "مانك" إنَّنا كُنَّا -نَحنُ المساجينَ- دائمًا ريفيِّين جُهلاءَ، لم تُتَحْ لنا فُرَصٌ كثيرةٌ. وأنَّ الله قد أَرادنا أن نَعيشَ في الدُّنيا الحُرَّة الطَّليقَةِ لِنَزرَعَ أَرضَه ونُمَجِّدَه. وكُلُّ ما في الأَمرِ أَنَّنا كُنَّا من قَبلُ أَغبياءَ جاهِلين لَم نَعلَمْ هذا، وأنَّ الأَغنياءَ لم يُعلِمُونا الحَقيقَةَ إلَّا بَعدَ فواتِ الأَوان. وقُلتُ لَهُ إنَّ الحارِسَ "كامبرل" هو الَّذي يُبقينا داخِلَ الأَسوارِ ويَمنَعُنا مِن إتمامِ مَشيئَةِ الله. ولَكِنِّي لَم أَطلُب منه يومًا أَنْ يَقتُلَ. غايَةُ ما قُلتُ له إِننا لا نَستطيعُ أَن نَخرُجَ من السِّجن لأنَّه لَيسَ لَدَينا مُسدَّسٌ، فلَو كان لأَحَدِنا مُسَدَّسٌ لاسْتَطَعنا أَنْ نَخرُجَ إلى العالَمِ الطَّليقِ، ونَزرَعَ كَما أرادَ اللهُ. ألَيسَ هَذا ما أَراد؟ فأجابَ "مانك": "نَعَم، هذا ما أرادَ". فَكَرَّرتُ قَولي: "ولكِنَّنا لا نَملِكُ مُسدَّسًا".
نُشِرَت لأوَّل مرَّة عام 1829، صاحَبَتها صَدمةُ ومَوجَةٌ من السُّخطِ في الرَّأي العامِّ الفرنسيِّ. روايةٌ عميقة ومُؤثِّرة، وعَملٌ حَيويٌّ عن رَجُلٍ تَمَّ إقصاؤه من قِبَل المجتَمَعِ، وحُكِمَ عليه بالإِعدامِ، يَستَيقِظُ كُلَّ صباحٍ وهو يَعلَمُ أنَّ هذا اليَومَ قد يكون الأَخيرَ. يَقضي ساعاتِه في سَردِ حَياتِه والوَقتِ قَبلَ سِجنِه، لكِنْ مع مُرورِ السَّاعات يَعلَمُ أنَّه عاجِزٌ عن تغيير مَصيرِه. كَتَبَ هوجو هذه الروايَةَ تَعبيرًا عن مَشاعِرِه بضرورَةِ إلغاءِ عُقوبَةِ الإِعدام. "حاوَلتُ نِسيانَ الحاضِرِ في الماضي، وبَينَما كُنتُ أحلُمُ قَفَزَت ذِكرياتُ طُفولَتي وصِبايَ وشَبابي إلى ذِهني، إحداهُما إثْرَ الأُخرَى، رَقيقَة، وادِعَة، ضاحِكَةً كجُزُرٍ من الأَزهارِ في خليجٍ من الآثامِ والشُّرورِ والأفكار المضطَرِبَة المائِجَةِ في رأسي.
مِنْ أَجْلِ عِشْقِكَ، أُريدُ هَجْرَ الرُّوحِ، مِنْ أَجْلِكَ، أُريدُ هَجْرَ العالمَين. أَرْغَبُ في أَنْ تَقَعَ شَمْسُكَ فَوْقَ المَطَرِ، لِهَذَا سَأَذْهَبُ لِلِقَائِكَ، مِثْلَ السَّحابِ. يَسأَلُ أَحَدُهُم شَمسَ تَبريزي قائِلًا: ماذا أَفعَلُ؟ إِنَّ مَجالَ العِبارَةِ ضَيِّقٌ، واللُّغَةَ مَحدودَةٌ! وكُلَّ هَذِه المُجاهَداتِ مِن أَجلِ أَنْ يَتَخَلَّصَ النَّاسُ مِن اللُّغَة! فَيُجيبُه شَمسُ الحَقِّ: إذا كانَ مَجالُ اللُّغَةِ ضَيِّقًا فإنَّ مَجالَ المعْنَى واسِعٌ! اتْرُكْ اللَّغَةَ إِلى المعنى. هَذا الكَلامُ سُلَّمٌ لِلسَّماءِ، كُلُّ مَنْ يَرتَقيه يَصِلُ إلى السَّقْفِ، لا إلى سَقْفِ الفَلَكِ الأَخضَرِ فَحَسبُ، بَلْ إِلى السَّقْفِ الَّذي يَعلُو الأَفلاكَ. مَولانا جلال الدين الرومي تُرجِمَت هَذِه الرُّباعيَّاتُ اعتِمادًا على النُّسخَةِ الفرَنسِيَّةِ الَّتي قَدَّمَتها المستَشرِقَةُ الفرَنسيَّةُ إيڤا دوڤيتري ميروڤيتش (Eva Devitray-Meyerovitch)، ونُسخَة التُّركيِّ آصِف خالد چلبي.
سَأقولُ لَكَ شَيئًا واحِدًا يا إِلَهي الطَّيِّب... يَكفي هَذَا". "أَنتَ فَقيرٌ لِدَرَجَةٍ لا تَسمَحُ لَكَ بوجودٍ، أَنتَ جَوعانُ". "فَأخَذتُ أُكَلِّمُ نَفسي هَمسًا، فِيمَ كُلُّ هذا الاهتِمامِ بِما عَسَايَ آَكُلُه؟ وبِمَا عَسايَ أَشرَبُهُ، وبِمَا عَسايَ أَكسو بِهِ جَعْبَةَ الحَشَراتِ الحَقيرَةَ الَّتي اسْمُها جَسَدي الفاني؟ أَوَ لَيسَ اللهُ رَبُّ السَّماواتِ والأَرضِ يَرزُقُني كَما يَرزُقُ الطَّيرَ في الجَوِّ؟... فَكَم مِنْ مَرَّةٍ تَرَكَني أَغدو وأَروحُ في أَمنٍ؟... أَسيرُ، ولَمْ يُنْزِلْ بي مَكروهًا؟... هُوَ اللهُ السَّرمَدِيُّ".
"توجد -على أيِّ حال- ألغازٌ"، قال لنفسه، "حتَّى للرجل الذي يحمل عقيدةً. توجد شكوكٌ تبقى حتَّى بعد اكتمال الفلسفة الحَقَّة في كل درجة ومسمار. وها هو أحدها. هل الحاجة البشرية الطبيعية، الشرط الإنساني الطبيعي، أسمى أم أدنى من تلك الوضعيات الخاصة للروح التي تصرخ مطالِبةً بالأمجاد الخطيرة والغامضة؟ تلك القوى الخاصَّة للمعرفة أو التضحية التي لا تصبح مُمكِنةً إلَّا بوجود الشَّرِّ؟ أيُّهما يهرع أولًا لانفعالاتنا: صِحَّة العقل المُكابِدة الكامنة في السلام أم الفضائل نصف المجنونة الكامنة في المعارك؟" "نابليون في نوتنج هيل"، نُشِرَت في عام 1904، الرواية الأولى لتشستيرتون. صُنِّفَت كأفضَلِ روايةٍ أولى في القَرنِ العِشرين." "
قطعة فضية! هذا حتى ليس ثمنًا عادلًا لقطرة واحدة من دمه! ولا لنصف قطرة من الدموع التي ستُسكَب عليه، ولا لربع تنهيدة من الآهات التي ستُطلَق من الحناجر لأجله!". هل خان "يهوذا" طمعًا أم انتقامًا؟ عن الشَّعرة الرفيعة بين الضَّحيَّة والجَلَّاد، والتساؤل الفلسفي المطلق عن الحب، وهل يَصِحُّ للمُحِبِّ حين يفقد مكانته أن يصبح عدوًّا! يقدِّم ليونيد أندرييڤ قصَّة "يهوذا الإسخريوطي" في رواية قصيرة عن حياة المسيح وحَواريه اليوميَّة، بعين "يهوذا" الساخطة التي تحلف بالوفاء، هاك مُبرِّراته، فهل تُصدِّقه؟
"حين ظَنَنتُ في البداية أنه يريد مساعدتنا؟ كنتُ مُخطِئًا ببساطة. كنت -لا أعرف كيف أصيغ هذا- متحمِّسًا ومفتونًا، لحَدِّ أنني لم أفهم. لكنني فهمتُ أخيرًا. إنه يريد التواصل معنا فحسب. إنه يخرج من ظلامه، ويمدُّ إلينا يده من خصوصية أسراره، ليوضح لنا بإشارات مبهمة رُعبَه" مختارات من "قصص أشباح" للكاتب هنري جيمس. "
" "لا. ليس عليَّ أن أفعل شيئًا. لست مرغَمًا على شيء في هذا العالم سوى الموت. لا فائدة من تصنُّعكِ الخوف من هذا الحيَّة، واعلمي أنها ستبقى هنا حتى تستحيل ترابًا. آه، وهي لن تعضني لأنني خبير في التعامل معها. كما أنها لن تخاطر بكسر نابيها إن رشقتهما في ساقكِ الهزيلة". ثُعبانٌ يُهدِّد حياة امرأة كادِحة، وثورٌ يؤرِّق صاحبةَ مزرعةٍ غير مؤمنة، وورق حائط يثير جنون ساكِنَة قصر مهجور، ورحلة بالقطار لا تشبه أيَّ رحلة سمعنا بها، وأمٌّ جديدة ترميها الأقدار بمفاجأةٍ لم تَحسَب لها حسابًا، ورجلٌ فَقَد ولَدَه يحاول التعايُش مع فكرة الخسارة، وجلسة بمقهى تستشعر فيها أجواء صوفيَّةً خالصة، ويانصيب من نوعٍ مختلف تمامًا؛ هذه هي حكاياتنا الثماني، خُطَّت بأنامل ثماني نساء، تُعَدُّ كلٌّ منهنَّ علامةً في القصة القصيرة. "
"الضوء الذي خبا"، هي الرواية الأولى للكاتب الإنجليزي الحاصل على جائزة نوبل، روديارد كيبلنج. رواية مؤثِّرة، لا تُنسى، عن المعاناة البشرية، والحب والفَقْد. والصداقة والحرب. في دِك هيلدر، الرسَّام والصحفي، نرى رجلًا يُجاهد لنسيان بداياته الأليمة وطفولته المُهمَّشة من أجل اقتناص سعادة مُحتمَلة في حياته اللاحقة. لكن فيما تتحوَّل آماله شيئًا فشيئًا إلى تُراب، تبدأ عزيمته وقواه العقلية في النضوب، ثم يتحدَّد مصيره هلاكه الأخير مع تباشير انحداره الجسدي المُتسارع. في خاتمة صادمة تراجيدية، يستكمل كيبلنج تصويره الواقعي والمريع للانهيار الجسدي والنفسي.
ملحمة "الجاوتشو مارتين فييِّرو" و "عودة مارتين فييِّرو" ينتمي هذا العمل –بجزئيه: الأول ملحمة "الجاوتشو مارتين فييِّرو"، والثاني "عودة مارتين فييّرو"- إلى ما عُرِف بأدب الجاوتشو، الجامع ما بين الشِّعر والرواية والكتابة الشعبية والملحمية؛ في الأرچنتين وأوروجواي وباراجواي وتشيلي والبرازيل، أي تحديدًا ما يُطلَق عليه دول منطقة المخروط اللاتيني بأمريكا الجنوبية. كُتب هذا العمل الملحمي عام 1872م، والجزء الثاني عام 1879، أبدعه الشاعر الأرچنتيني خوسيه إرناندث (1843-1886) وغلب عليه الطابع السردي، في إطارِ شعرٍ غنائيٍّ يتناول حياة الفارس الجاوتشو في مُجمَلها: الأساطير والأحلام وعاطفة الحب المتأجِّجة. وتصبُّ تلك العوامل مُجتَمِعةً في اكتشاف واستحضار وإبراز العنصر الأرچنتيني، وأصالته، والأمريكي اللاتيني من جهة أخرى، ويُقال إنه قد بيع قرابة ستمائة ألف نسخة منه فور صدور الطبعة.
بعد النجاح العالمي الذي حققته روايته آلموت، تكشف قصص "الأعراف" فلاديمير بارتول مختلف. يتضح ذكاءه كحكّاء، من قصة لأخرى، فيما تنسج الشخصيات والأحداث ملامح الرجل الحديث. تعتمد قصص "الأعراف" في جزء كبير منها على خبرة بارتول الشخصية ومعرفته الواسعة بعلم النفس والأحياء والتاريخ والفلسفة، دون أن ينقصها الخيال والرومانسية. ويعبر فيها حدود النوع الأدبي من العاطفية الإيروتيكية إلى المغامرة والجريمة إلى الخيال العلمي، ليعود دائمًا إلى النقاط الأساسية في المجموعة ككل: معضلات المعرفة والفقر والحرية. يقدم فلاديمير بارتول في مجموعة "الأعراف" تصورًا عن الانفصام الكارثي للإنسان المعاصر ويرسم خريطة تقريبية لمستقبله.
اُختُطِف ديڤين وويستون عالم اللغويات رانسوم لغرض غير معلوم إلى كوكب مالاكاندرا. وهناك يقابل ثلاثة أنواع من الكائنات تعيش تحت سلطة الأويارسا. فمن هو أويارسا، وما طبيعة اللغة التي يتكلم بها المالكاندريون. وكيف سيكون ذلك مقدمة للأخطار التي ينبغي الخوف منها والتي ليست فقط على مستوى الكواكب بل على مستوى الكون، أو على الأقل ستطول النظام الشمسي كله، وهي ليست زمنيَّةً بل أبدية. وليس من الحكمة أن نقول أكثر من هذا. كتب سي. إس. لويس هذه الرواية بعد نقاش واتفاق بينه وبين آر. آر. تولكين وصدرت قبل الحرب العالمية الثانية بعام تقريبًا. رحلة رانسوم إلى كوكب الزهرة ستكون في الرواية القادمة "بيريلاندرا"، أما الرواية الثالثة من الثلاثية ستدور أحداثها على ثولكاندرا أو كوكب الأرض أو الكوكب الصامت.
يُرسل رانسوم إلى كوكب الزهرة في مهمة لا يعرف فحواها، وهناك يقابل الملكة بينما الملك غائب يصل ويتسون إلى إلى بيريلاندرا وتتشكل تدريجيا في ذهن رانسوم مهمته. وهي منع وقوع الملكة في خطيئة حواء الأولى ومواجهة اللاإنسان. فهل ستتكرر قصة آدم وحواء؟ يمكنك أن تنظر إلى بيريلاندرا وليس تيلوس على أنها مركز الكون، بل يمكنك أن تنظر إلى قصة بيريلاندرا على أنها مجرد نتيجة غير مباشرة لـ"التجسد على الأرض": أو يكنك أن تنظر إلى قصة الأرض على أنها مجرد تهيئة للعولم الجديدة التي تعد بيريلاندرا أولها. لمتكن إحداها أكثر أو أقل صحة عن الأخرى. لم تكن إحداها أكثر أو أقل صحة عن الأخرى. لم يكن أي منهما أكثر أو أقل أهمية من الآخر. كما لم يكن أي منهما نسخة أو نموذج للآخر. هذه هي الرواية الثانية من الثلاثية الكونية، ويمكن أن تقرأ بشكل مستقل، لكنها في نفس الوقت تالية لرحلة رانسوم للخروج من الكوكب الصامت الذي يدعى ثولوكاندرا، وستكون أحداثها ممهدة للرواية الثالثة " ذلك المعتقل الشنيع".