(1939-2012) فنان وكاتب مانجا ياباني من هيروشيما. تعرَّض لقنبلة هيروشيما حينما كان طالبًا في الصف الأول في المدرسة الوطنية، تمَّ إنقاذه بأعجوبة، لكنه فقد والده وأخته الكبرى وشقيقه. بدأ كتابة المانجا بعد وفاة والدته التي تأثَّرت بالإشعاع عام 1965. عمل كرسام كريكاتير، من عام 1963 إلى 2009. ركَّز كيچي رسومه وتأليفه عن الحروب والسلام. تعتبر سلسلة "جن الحافي" أهم وأشهر أعماله. تُرجِمَت لأكثر من 20 لغة وباعت أكثر من 10 ملايين نسخة حول العالم. نال كيچي جائزة مؤسسة "تانيموتو (tanimoto) للسلام" عام 2002، والجائزة الكبرى للمهرجان الدولي الفرنسي "أنجولام" عام 2004. قام مركز المحروسة بنشر سلسلة مانجا"جن الحافي".
٨ أعوامٍ بعد القُنبُلَة الذَّرِّيَّة، ١٩٥٣، ما زال جِن يُعاني من تَبِعات الحَرب. الأمراض وآثارُ القُنبلَة لم تنتهِ، رغم ذلك يَدوسُ جِن على القَمحِ ليَنضجُ ويُصبِحَ رسَّامًا مُحتَرِفًا ليُواصِلَ حُلمَ مُعلِّمِه في كَسرِ الحُدودِ. يَغفَلُ عن صديقِه ليَكتَشِفَ أن تُجَّارَ الموتِ حَوَّلوه لمُدمِنِ مُخدِّرات. يُحِبُّ، لأوَّلِ مرَّةٍ يُحبُّ، ويَنطَلِقُ في بدايَةٍ جَديدَة. "إنَّ الأشخاصَ الذين ارتدوا قِناعَ العدالَةِ واستفادوا من الحرب هُم قَتَلَة، ويَجِبُ أن يَدخُلوا جميعًا السِّجنَ. ليست هناكَ كلمةٌ أكثرُ رُعبًا من كلمَةِ العَدالَة؛ فمَن أنهى الحَربَ هو 300 ألفِ قَتيلٍ في هيروشيما وناجازاكي، و370 ألفَ مُصابٍ بالقنبلَتَيْن الذَّرِّيَّتَيْن. يَجِبُ أن يَشعُرَ العالَمُ بالامتِنان لضَحايا هيروشيما وناجازاكي؛ لأنهم هُم الَّذين جعلوا العالَمَ يَعرِفُ فَظاعَة القَنابِل الذَّرِّيَّة...".
يُواصِلُ جِنّ مُواجَهاتِه الشُّجاعَةَ مع كارِثَةٍ تلْوَ الأُخرى: فُقدانُ مَنزِلِه، ووَفاةُ صَديقَتِه. لكنَّه يُقابِلُ صديقًا جَديدًا يَفتَحُ له بابًا للأَمَل، فنَّانٌ فقيرٌ مَوهوبٌ يَبدَأُ في تَعليمِه الرَّسمَ وقيمَةَ الفَنِّ، "الفَنُّ يُزيلُ الحُدودَ... الفَنُّ بلا حُدودٍ". يَذهَبُ جِنّ ليَعمَلَ كمُساعِدٍ للرَّسَّامِ، ويُثابِرُ وراءَ أَمَلِه الجَديدِ، رَغمَ أَعمالِ البَلطَجَةِ والتَّنَمُّرِ المُستَمِرَّيْن.
في الجُزءِ السَّادِسِ من سِلسِلَةِ "جِنّ الحافي" يَذهَبُ شَقيقُ "جن" بعيدًا للعَمَلِ في مَناجِمِ الفَحمِ، ويَختَفي مُنذُ ذَلِكَ الحينِ. في الوَقتِ نَفسِه، ما زال جِنّ يُحارِبُ اليَأسَ في ظِلِّ نِظامٍ طبِّيٍّ فاسِدٍ، وظُلْمِ الوُجودِ الأَمريكيِّ في اليابان بَعدَ الحَربِ. "المهزومُ لا يَستَطيعُ الشَّكوى، ولَوْ كان عَلى حَقٍّ... الحَربُ تَترُكُ آثارًا مُحزِنَةً إلى الأَبَد".
جِنّ في المدرَسَةِ المتوسِّطَةِ يَلتَقي بِمُدرِّسٍ تَقدُّمِيٍّ وزَميلٍ يائِسٍ، يواجهون معًا مُديرين ومَسؤولين مُتَحفِّظين ومُنتَفِعين. بينَما يُواجِهُ المجتَمَعُ كُلُّه فَسادًا، وتِجارَةَ مُخدِّراتٍ وأَسلِحَةٍ، خاصَّةً مَعَ اندِلاعِ الحَربِ الكُوريَّةِ، لتَكونَ نَعيمًا على تُجَّارِ الموت.
يُواصِلُ جِنّ رِحلَتَه ضِدَّ اليَأسِ والمعاناةِ في الجُزءِ السَّابِعِ مِن السِّلسِلَةِ. عَذابُ ما بَعدَ القُنبلَةِ يَزدادُ، ووَداعُ الأَحِبَّةِ يَقتُلُ روحَ جِنّ أَكثَرَ... "لَقَد شاهَدتُ الحَربَ بِعَينيَّ، شاهَدتُ النَّاسَ يَموتون بالقُنبُلَةِ الذَّرِّيَّةِ كالحَشَراتِ، الحَربُ تَقضي على كُلِّ شَيءٍ، لا تَترُكُ شَيئًا أبدًا".
الجُزءُ الخامِسُ مِن سِلسِلَةِ جِنّ الحافي، نَرى التَّطَوُّرَ السِّياسِيَّ الحَقيقيَّ، والآثارَ الاجتماعِيَّةَ والنَّفْسِيَّةَ بَعدَ الحَربِ. "جِنّ" إيجابيٌّ بِشَكلٍ استثنائِيٍّ؛ فَهُوَ لا يَهدَأُ كَشخصٍ شاهَدَ ما شاهَدَه. يَتِمُّ الجَمعُ بَينَ التَّطَوُّرِ السِّياسيِّ الحَقيقيِّ والآثارِ الاجتِماعِيَّةِ والنَّفسِيَّةِ بعدَ الحَرب. يَلومُ "جِنّ" بِلادَهُ على دُخولِها الحَربَ العالَميَّةَ الثَّانيةَ، ولَكِنَّه لا يُسقِطُ الوَطَنيَّةَ عَمَّنْ وافَقوا عَلَيها. في وَقتٍ لاحِقٍ، يَكتَشِفُ خَطايا ارْتَكَبها الأَمريكيُّون، ومِنها: استِغلالُهم الجُثَثَ والمرْضَى المتَأثِّرين بالإشعاعِ النَّوَويِّ في أَبحاثِهم، ولَيسَ للعلاجِ. "كُتِبَت عَلى الجَماجِمِ كَلِمَةُ «كَراهيَة»... سَتَذهبُ تِلكَ الجَماجِمُ إلى أَمريكا بَعدَ أَنْ يَشتَرِيَها الجُنودُ الأَمريكانُ، أُريدُ مِنها أَنْ تَنتَقِمَ لَنا... اجلِبي عَليهِم الشَّرَّ أَيَّتُها الجَماجِمُ...".
كانَت هَذِهِ القِصَّةُ المُؤلِمَةُ لِهيروشيما واحِدَةً مِن سِلسِلَةِ المانجا اليابانِيَّةِ الشَّهيرَة. هِيَ تَذكيرٌ بالمُعاناةِ الَّتي تَجلِبُها الحَربُ إلى الأَبرياءِ. تَتَحدَّثُ مَشاعِرُه وخِبْراتُه مَعَ الأَطفالِ والكِبارِ في كُلِّ مَكانٍ. يَشرَحُ: "أنا أَكرَهُ أَصحابَ النُّفوذِ الَّذين يُجبِرونَ النَّاسَ عَلى الذَّهابِ إلى الحَربِ، إِنَّهم يَخدَعونَهم وَيَستَخدِمونَهم كما يَستَخدِمون الرَّصاصَ في البَنادِق". يَحكي "جِنّ" ذو السِّتِّ أَعوامٍ، بَطَلُ السِّلسِلَةِ، في الجُزءِ الأَوَّلِ مِن عَشرَةِ أَجزاءٍ- الأَحداثَ الَّتي أَدَّت إِلى القَصْفِ الذَّرِّيِّ عَلى هيروشيما. وعَلَى لِسانِ أَبيهِ المُناهِضِ لِلحَربِ، والإِمبراطورِ اليابانيِّ حينَها. يَعرِضُ كَيفَ تَمَّ استِغلالُ الوَطَنِيَّةِ في أَعمالٍ وَحشِيَّةٍ وقَتلِ المزيدِ مِنَ المواطِنين.
قِصَّةُ "جن" المسْتَوْحاةُ مِن السِّيرَةِ الذَّاتِيَّةِ لِلكاتِبِ ناكازوا كيجي. كانَ عُمرُهُ سَبْعَ سَنَواتٍ فَقَط عِندَما ضَرَبَت القُنبُلَةُ الذَّرِّيَّةُ مَسقَطَ رَأسِهِ "هيروشيميا". يَحكي عَن ناسٍ عادِيِّين يَتَعامَلون مَعَ أَوضاعٍ استِثنائِيَّةٍ، سواءٌ في الأَيَّامِ الأَخيرَةِ للحَربِ العالَميَّةِ الثَّانِيَّة أو بَعدَ الهُجومِ الذَّرِّيِّ مُباشَرَةً. "وحَدَثَ في ناجازاكي -مِثلَما حَدَثَ في هيروشيما-؛ ماتَ وأُصيبَ عَشراتُ الآلافِ مِن البَشَرِ... ناسٌ عادِيُّون ضُعفاء، ماتوا مِن أَجلِ أَصحابِ السُّلطَةِ". يَحكي الجُزءُ الثَّاني قِصَّةَ ما بَعدَ إِلقاءِ القُنبُلَةِ الذَّرِّيَّةِ على هيروشيما: جنّ وأُمُّه وأُختُه -المولودَةُ حَديثًا- يُواجِهون أَهوالَ اليَومِ التَّالي للقُنبُلَة...
يَحكي الجُزءُ الثَّالِثُ عن رِحلَةِ بَحثِ "جِنّ" ووَالِدَتِه وأُختِه الصَّغيرَةِ عَن مَكانٍ للرَّاحَةِ في أَعقابِ القُنبُلَةِ. وفي مُواجَهَةِ الجوعِ والرَّفضِ والإِذْلالِ، يُدرِكُون أَنَّهُم ما زالوا يَملِكُون، ويُمكِنُهم مُشارَكَةُ مُمتَلكاتِهِم الحَقيقيَّةِ: احترامِهِم لِذَاتِهِم، وَأَمَلِهم، وقُوَّتِهم الدَّاخِلِيَّة. "أُريدُ أَنْ أَقتُلَ جَميعَ الأَغنياءِ وَقادَةَ الحَربِ الَّذين لَمْ يُفَكِّروا إِلَّا في مَصالِحِهم الشَّخصِيَّةِ... آه! في الواقِعِ لا توجَدُ حَماقَةٌ أَكبَرُ مِن حَماقَةِ إِشعالِ حَرْبٍ. لَقَد تَعَذَّبنا بِسَبَبِ الحَربِ". يَقضي "جِنّ" في الجُزءِ الثَّالِثِ الكَثيرَ مِنَ الوَقتِ بَحثًا عَن الطَّعامِ، ويَعتَني بِرَجُلٍ يُعاني مِن مَرَضِ "القُنبلَة"، ويَتَعَرَّضُ للتَّهديدِ والإِساءَةِ مِن قِبَلِ عائِلَتِه. قُربَ نِهايَةِ هَذا الجُزءِ يُعلِنُ الإِمبراطورُ عَن استِسْلامِهِ في 15 أغسطس 1945. يَتِمُّ بَثُّ الخِطابِ عَبرَ الرَّاديو، ويُراقِبُ الأَطفالَ البالغين في حُزنِهِم أَو غَضَبِهم...
واصَلَ جِنّ وأُمُّهُ النِّضالَ مِن أَجلِ الطَّعامِ والمَأوى وَسْطَ الفَوضَى والمُعاناةِ الإنسانِيَّةِ، وِبَرغمِ مُواجَهَةِ جِنّ أكثَرَ المَظاهِرِ الإِنسانِيَّةِ خِسَّةً، إِلَّا أَنَّه يَتَصَرَّفُ دائِمًا بِحُبٍّ وتَعاطُفٍ. "كُنْ قَويًّا مِثلَ القَمحِ، القَمحُ يُخرِجُ البَراعِمَ في الشِّتاءِ القارِسِ، ويُداسُ عَلَيهِ كَثيرًا فتَلتَصِقُ جُذورُه في الأَرضِ بِقُوَّةٍ، وتَنمو بَراعِمُهُ مُستَقيمَةً، وتُصبِحُ ثِمارًا عَظيمَةً، كُنْ قَويًّا مِثلَ القَمحِ". يَفقِدُ جِنّ في الجُزءِ الرَّابِعِ الكَثيرَ، ويَتَعَلَّمُ أَكثَرَ في رِحلَتِه لِلبَحثِ عَن أُختِهِ المخطوفَةِ، وعَن المالِ اللَّازِمِ للنَّجاةِ. يُواجِهُ الجُنودَ الأَمريكانَ عَلى الأَراضي اليابانِيَّةِ، ويُواجِهُ المشاكِلَ النَّفسِيَّةَ لِضَحايا القُنبُلَة.