لتكن البداية إطلالةً واسعة الزاوية على مآلات المشروعات السياسية الكبرى التي جُرِّبَت في الشرق الأوسط منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وقد كان مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية في مصر من أبرزها، وهو المشروع الذي كانت حركة الضباط الأحرار في يوليو 1952، محاوَلةً لتجديده. وكان المشروع القومي العربي بدوره واحدًا من تلك المشروعات الكبرى التي انطلقت في الإقليم في الحقبة نفسها، بزعامة الهاشميين. أمَّا ثالث هذه المشروعات فكان المشروعَ الصهيوني الذي انطلق مع وعد بلفور، وكان الرابع هو المشروع الإسلامي، الذي عُرِفَت مرحلته الأولى باسم الجامعة الإسلامية، وقد آلت إلى الفشل بصعود القوميين الأتراك إلى السُّلطة في الدولة العثمانية، ثم تجدَّد في مرحلته الثانية بتأسيس حركة الإخوان المسلمين. لن يكون مفاجئًا القول بأن جميع هذه المشروعات إمَّا تَقوَّضَت، وإمَّا تعثَّرَت بشدة، باستثناء المشروع الصهيوني، الذي يمضي من نجاح إلى نجاح، فما هو التفسير؟ أو ما هي التفسيرات؟